تفاعل الجدل في المغرب في شأن رسالة تُنسب الى المعارض الفقيه البصري وفيها زعم بتورط الاتحاد الإشتراكي الذي يرأسه رئيس الحكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي في محاولة انقلابية في السبعينات ضد الملك الراحل الحسن الثاني. انتقد وزير الثقافة والاتصال الاعلام المغربي السيد محمد الاشعري من اسماهم ب "التلاميذ السحرة" الذين يهدفون الاساءة الى حزب الاتحاد الاشتراكي. ورد الأشعري في موضوع كتبه أمس بصفته عضواً في اللجنة المركزية للحزب على اتهامات بتورط قياديين اشتراكيين في المحاولة الانقلابية التي قادها الفريق الركن محمد أوفقير ضد الملك الراحل الحسن الثاني عام 1972. وقال ان "الملف خطير". وأضاف ان نشر رسالة نُسبت الى المعارض الفقيه محمد البصري في شأن هذه الاتهامات في الظرف الراهن نشرتها اسبوعية "لوجورنال" يطرح تساؤلات عدة عن اهداف الحملة التي تستهدف الاتحاد الاشتراكي وزعيمه عبدالرحمن اليوسفي، رئيس الحكومة. وإضافة الى اليوسفي، توحي الرسالة بضلوع زعيم "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" عبدالرحيم بوعبيد وزعيم حزب الاستقلال علال الفاسي في الإنقلاب العسكري الفاشل ضد الحسن الثاني. ولمّح وزير الإعلام الى ان البصري نفسه ربما يكون وراء عملية التسريب، في اشارة الى خلافات سابقة بين الفقيه البصري وقيادة الحزب المنشق عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عام 1974. وكان البصري أحد ابرز قياديي هذا الاتحاد في الستينات قبل لجوئه الى المنفى بعد صدور حكم باعدامه. وشدد الاشعري على ان نشر الرسالة المزعومة يرمي الى تجاوز الغموض الذي يحيط بوضع الفقيه البصري ازاء العلاقة مع الجيش والتورط في احداث عنف ومشاكل مالية. لكنه رأى ان الهدف السياسي من ذلك يكمن في تضايق بعض الجهات حيال التجربة السياسية الراهنة. وأوردت وكالة "يو. بي. آي" أمس مقتطفات من كلام الوزير الأشعري الذي جاء على شكل مقال تصدّر الصفحة الاولى من جريدة "الاتحاد الاشتراكي" وحمل عنوان "الماضي ليس فزاعة للمستقبل، ماذا يخيف عبدالرحيم بوعبيد ومشروعه التاريخي؟". واوضح الاشعري في المقال ان حزبه ومنذ مدة بات هدفاً لهجمات سياسية حادة اتخذت عدة اشكال، الغرض منها النيل من تجربة التناوب الحالية. وقال ان موقف حزبه كان "موقفاً متريثاً، صبوراً، بل وحتى متساهلاً باعتبار ما تحمله الحرية في شكل عام من مخاطر لا بد من تفهمها، خصوصاً عندما تكون التجاوزات استفزازية، ودعوة صريحة الى ارجاع العجلة الى الوراء". واشار الى انه وحزبه في موقف حرج خصوصاً اذا اقتضى الأمر اصدار قرار بمنع توزيع الصحيفة وهو من "اقسى القرارات على حزب سياسي عاش تجربة طويلة ملاحقاً بالاعتقالات والمنع والمصادرة، تلك التي تجعله وجهاً لوجه أمام ضرورة المصادرة أو المنع حتى ولو كان ذلك دفاعاً عن الشرعية وعن المصالح العليا للبلاد". واضاف ان صدور الملف عن "اليسار والجيش" في جريدة "لوجورنال" يُعتبر "اقتحاماً خطيراً لمنطقة عالية الحساسية وباسلوب لا يهدف فقط الى الافتراء على التاريخ، بل والاساءة الى مناضلين كبار، والى التيار الوطني التقدمي الذي كان دوماً درعاً واعياً وواقياً لاستقرار البلاد ولدعم شرعية الجيش وحول المؤسسة الملكية". ووصف الأشعري الفقيه البصري بأنه "وجه من أكثر الوجوه التباساً وغموضاً". وتساءل لماذا نشر هذا المقال في هذه الظروف التي تتميز بمرحلة وصفها بانها "مرحلة انتقال توافقت فيها المؤسسة الملكية مع القوى الحية في البلاد على فتح ورش الاصلاح، وتهييء البلاد لانتخابات حرة ونزيهة لا تتدخل فيها أجهزة ظاهرة ولا خفية ... ان ملك البلاد اختار طي صفحة الماضي وبناء الدولة الحديثة الديموقراطية". وفي السياق نفسه، تساءلت جريدة "الاحداث المغربية" المستقلة التي تصدر يومي الثلثاء والخميس في مقال حمل توقيع عبداللطيف جبرو احد الاعضاء البارزين في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن "الغاية من الافتراء على الراحلين علال الفاسي وعبدالرحيم بوعبيد بالضلوع مع الانقلابيين؟ من يريد تعكير جو الثقة السائد حالياً بين القصر والحركة الوطنية؟". وكتبت الصحيفة ان خلافات الفقيه البصري مع الاتحاد الاشتراكي بدأت إثر رفض قيادة الحزب في الداخل تحمل نتائج ممارسات كانت تصدر باسم الحزب في الخارج، في اشارة الى ما يعرف ب "التنظيم الثوري" للفقيه البصري. وأضافت انها طلبت منه الرد على استفسارات عن وجود الرسالة اصلاً، وهل كان سلمها لأحد الاشخاص بهدف نشرها "في الوقت الملائم". وكانت "الحياة" سألت البصري الأحد عن الرسالة، فأجاب بأنه "لم يطلع على ذلك بعد". في غضون ذلك، رأت مصادر سياسية ان تفجير الملف في هذا الوقت يمكن ان يكون مرتبطاً بالاعداد لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي المقرر في الربيع المقبل. على صعيد آخر يو. بي. آي، اكدت النقابة الوطنية للتعليم ونقابة الجامعة الوطنية الحرة للتعليم إصرارهما على خوض إضراب تحذيري لمدة 48 ساعة يومي 14 و15 كانون الاول ديسمبر المقبل ما لم تستجب الحكومة مطالبهما. واتهمت النقابتان الاولى تنتمي الى الكونفيديرالية الديموقراطية للشغل الموالية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والثانية الى الاتحاد العام للشغالين الموالية لحزب الاستقلال في لقاء صحافي مشترك، الحكومة ب "التحايل بغية عدم تنفيذ التزاماتها في ما يتعلق بالترقية الاستثنائية".