عين العاهل المغربي الملك الحسن الثاني أمس زعيم "الاتحاد الاشتراكي" السيد عبدالرحمن اليوسفي رئيساً للوزراء. ومن المقرر ان يبدأ اليوسفي مشاوراته مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لتشكيل الحكومة واقتراح أعضائها على الملك الحسن الثاني على ان تقدم برنامجها السياسي والاقتصادي الى مجلس النواب لحيازة الثقة. ويتوقع ان يعقد المجلس دورة طارئة لهذه الغاية لدرس البرنامج الحكومي والتصويت عليه. وترجح مصادر حزبية ان يركز اليوسفي مشاوراته في الفترة الأولى مع شركاء حزبه في "الكتلة الديموقراطية" خصوصاً مع "الاستقلال" الذي كان اتخذ موقفاً متشدداً لجهة عدم تزكية أي وضع ينبثق عن نتائج الانتخابات الاشتراعية الأخيرة. بيد ان الأوساط السياسية ترى ان الكتلة التي تضم أربعة أحزاب لا تملك غالبية نيابية تؤهلها لحيازة ثقة مجلس النواب، ما يرجح ان يتم التحالف مع فصيل على الأقل من أحزاب الوسط، يُعتقد انه "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأسه أحمد عصمان رئيس البرلمان السابق. وكان مجلس النواب انتخب عبدالواحد الراضي العضو القيادي في "الاتحاد الاشتراكي" رئيساً للبرلمان في وقت سابق، ضمن تحالف اشتركت فيه المعارضة و"تجمع الأحرار". وكان عبدالرحمن اليوسفي الذي عمل محامياً بارزاً ورأس منظمات غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان قضى فترة طويلة في المنفى خارج المغرب بسبب صدور حكم قضائي صدر ضده بسبب تهمة الاخلال بالأمن العام ضمن محاكمة طاولت قياديين في "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" في بداية استقلال البلاد. وكان يعمل رئيس تحرير لصحيفة "التحرير" الى جانب المعارض الفقيه محمد البصري الذي عاد بدوره الى المغرب عام 1995، وصدر عنه عفو سياسي مكنه من العودة الى البلاد. ورأس اليوسفي "الاتحاد الاشتراكي" المعارض اثر رحيل عبدالرحيم بوعبيد الذي غيبه الموت قبل سنوات. ويعتبر مهندس التحالف القائم بين أحزاب المعارضة الرئيسية الاستقلال والاشتراكي والتقدم والاشتراكية والعمل الديموقراطي، لكنه لم يشارك في المشاورات التي وقعت اثر الانتخابات الاشتراعية في عام 1994، بسبب تقديم استقالته من الحزب. لكنه عاد في عام 1995 ليقود الحزب وسط قدر كبير من النقد الذاتي والتعاطي بواقعية مع تطورات الأحداث السياسية في البلاد. وقد أسهم الى حد كبير في تكريس الموقف الذي التزمه حزبه بالتصويت لفائدة الدستور المعدل في خريف 1996. تجدر الاشارة انها المرة الأولى التي يتولى فيها سياسي معارض مسؤولية رئاسة الوزراء، منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً. فقد سبق للسيد عبدالله ابراهيم زعيم "الاتحاد الوطني للقوات الاشتراكية" الذي انشق عنه "الاتحاد الاشتراكي" في بداية السبعينات، ان رأس الحكومة في بداية استقلال البلاد. لكن الفترة لم تدم طويلاً، ومنذ وقتذاك لم يشارك الحزب في أي حكومة، باستثناء فترة قصيرة شارك فيها عبدالواحد الراضي وزير التعاون، ومثل بلاده في "الاتحاد العربي الافريقي" الذي جمع المغرب والجماهيرية الليبية في وحدة لم تعمر طويلاً.