أعلن إدريس لشكر الذي انتخب أول من أمس زعيماً لحزب الاتحاد الاشتراكي أنه سيحرص على «إدارة جماعية» للحزب، معتبراً أن ذلك كفيل بتمكين الحزب من «استعادة قوته وإشعاعه وتقوية مشروعه الديموقراطي الاشتراكي الحداثي». وشدد في تصريح صحافي على أهمية الابتعاد عن منطق الزعامة، والاستناد إلى «القيادة الجماعية بمفهومها الحديث». وأشار لشكر الذي حاز 848 صوتاً في مقابل 650 صوتاً لمنافسه أحمد الزيدي، إلى أن الاتحاد الاشتراكي في حاجة إلى كل مكوناته. لكنه أكد، بالمقابل، أن حزبه «سيبقى في المعارضة إلى أن يخرج من صناديق الاقتراع ما يمكن أن يغيّر موقفه». ويُعتبر لشكر خامس زعيم للاتحاد الاشتراكي بعد عبدالرحيم بوعبيد وعبدالرحمن اليوسفي ومحمد اليازغي وعبدالواحد الراضي. ويلتقي مع ثلاثة منهم في ممارسة مهنة المحاماة، بخاصة أن غالبية الزعماء التاريخيين للأحزاب المغربية ينتسبون إلى قطاع المحاماة، مثل عباس الفاسي والمعطي بوعبيد ومحمد بوسته. وبرز اسمه من خلال مرافعات قوية في مجلس النواب، إبان احتدام الصراع مع كتلة «العدالة والتنمية» الإسلامية. لكنه دعا في وقت سابق إلى الانفتاح على التيارات الإسلامية، وبدا أكثر تشدداً في حملاته الانتخابية، إذ انتقد «لامبالاة» المسؤولين إزاء استشراء الفساد، وطالب بتشكيل جبهة قوية للمعارضة. بل إنه لمح إلى إمكان جذب حزب الاستقلال المشارك في حكومة عبدالإله بن كيران إلى صف المعارضة. وعلى رغم مروره العابر كوزير مكلف العلاقات مع البرلمان، فقد حافظ لشكر على الدينامية التنظيمية التي أهلته لاستقطاب أصوات المناصرين. ويُعرف عنه أنه «مفاوض بارع» لا يقدم التنازلات إلا بعد أن تكون المكاسب في متناول يده. ويرى مراقبون أنه من السابق لأوانه التكهن بالمسار الذي سيسلكه الحزب خلال ولايته، كونه رهن الموقف بالتزام خط المعارضة في مواجهة ما يعتبر «الاتجاه المحافظ» في الحكومة. لكن «شغبه» السياسي يؤهله لأن يكون نداً في العراك الدائر بخاصة بعد تولي النقابي حميد شباط زعامة حزب الاستقلال، في مقابل «شعبية» رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران. ويُعتبر لشكر من الجيل السياسي المخضرم الذي نشأ في ظل قيادة الزعيم التاريخي للحزب عبدالرحيم بوعبيد. وكان يُعتبر أكثر قرباً إلى وزير الدولة السابق محمد اليازغي قبل فك ارتباطهما وابتعاد الأخير عن القيادة. كما يُنظر إلى هزيمة منافسيه خصوصاً فتح الله ولعلو والحبيب المالكي على أنها مؤشر إلى اتجاه جديد يسلكه الحزب، في ضوء تزايد الانتقادات من كل جانب حيال مشاركته في حكومات ما بعد التناوب، سيّما بعد استقالة زعيمه السابق عبدالرحمن اليوسفي. ولا يزال إدريس لشكر يرافع في ملف رفيقه في الحزب خالد عليوة المدير السابق للمصرف العقاري والسياحي الذي يواجه تهماً بالفساد وتبذير أموال. لكن لشكر أكد أن محاكمته ترتدي طابعاً انتقائياً، ودعا إلى رفع الاعتقال الاحترازي عنه. إلى ذلك، ذكرت مصادر حزبية أن عبدالواحد الفاسي المرشح المنافس للنقابي حميد شباط على زعامة الاستقلال، حضر أول من أمس وقائع محكمة في الرباط للبحث في دعوى قضائية رفعها منتسبون إلى الحزب ضد قيادة شباط واللجنة التنفيذية. وعلى رغم أن نجل علال الفاسي كان أقر بهزيمته أمام منافسه حميد شباط، فإن تحريك الملف قضائياً يعاود فتح كتاب المؤتمر السابق لحزب الاستقلال، بخاصة وأن مصادر تحدثت عن سعي القيادة الجديدة إلى تسجيل كل ممتلكات الحزب باسمها. ويُعتبر حضور الفاسي أول ظهور له إلى جانب قياديين كانوا يناصرونه في حملة لزعامة الحزب الذي أسسه والده الراحل علال الفاسي في أربعينات القرن الماضي.