في الوقت الذي كثفت اسرائىل تحركاتها الديبلوماسية لتجنيد الرأي العالمي في مساندة "اسطوانتها" بشأن "وقف العنف" في الاراضي الفلسطينية، قال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، احد مهندسي اتفاق اوسلو احمد قريع ابو علاء ان الخروج من دائرة العنف رهن معالجة خمس قضايا. ودعا في حديث الى "الحياة" للتعامل مع الازمة الراهنة ك "قضية سياسية وليست امنية"، معتبراً ان كل الجهود الدولية، الاميركية منها والاوروبية والفرنسية والروسية، "تتعامل مع ما يجري من عدوان على الشعب الفلسطيني وكأنه قضية امنية عندما تتوقف ينتهي الموضوع، مغيبة الخلفية والارضية السياسية التي ولدت هذا القدر من الاحتقان الذي فجّره صاعق عدوان ارييل شارون الزعيم الاسرائيلي اليميني على الحرم القدسي الشريف". وأوضح ان اسرائيل هي التي اوصلت الوضع الى ما هو عليه من خلال خمس قضايا تراكمية اذا عولجت يمكن الخروج من دائرة العنف: "أولاً، عدم التزامها تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين. ثانياً، استمرارها حتى اللحظة في التوسع الاستيطاني الذي يلتهم الاراضي الفلسطينية كالسرطان. ثالثاً، استمرارها في تهويد القدس رغم المفاوضات. رابعاً، اصرارها غير المسبوق على انتهاك حقوق الانسان الفلسطيني وعدم تقيدها ببنود اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية الشعوب الرازحة تحت الاحتلال. خامساً، ما نشرته عن محادثات كامب ديفيد وتصوراتها للحل في ما يتعلق بقضايا القدس واللاجئين والارض والامن، وهو ما عزز الشعور لدى الفلسطينيين بأن لا أمل يرجى من المفاوضات". ونفى "ابو علاء" ان يكون قدم "مبادرة" فلسطينية لانقاذ عملية السلام، مشدداً في الوقت نفسه على ان البنود الثلاثة التي نقلتها صحيفة "الايام" الفلسطينية عنه تشكل "شرطاً اساسياً" للعودة الى طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين. وقال ان اول هذه البنود التي تشمل "استحقاقات فلسطينية على الجانب الاسرائيلي" من شأنها ان "تعيد الثقة" بين الجانبين: "اولاً، وقف عمليات الاستيطان بما في ذلك بناء المستوطنات وشق الشوارع الالتفافية ومصادرة الاراضي التي انتشرت في الارض الفلسطينية كالسرطان وقفاً تاماً وفورياً، واطلاق الاسرى الفلسطينيين الذين تحتفظ بهم اسرائيل كرهائن رغم نص الاتفاقات الصريح على وجوب اطلاقهم منذ امد بعيد، وتحويل المناطق الفلسطينية التي تخضع للسيطرة الامنية الاسرائيلية والفلسطينية الادارية والمعروفة بمناطق ب للسيطرة الفلسطينية الكاملة، وانهاء مظاهر المس بكرامة المواطنين الفلسطينيين على المعابر والحواجز العسكرية ورفع الحصار وازالة الحواجز وفتح المعابر الدولية وتوفير حرية الحركة للعمال الفلسطينيين وحرية الوصول الى اماكن العبادة ووقف الحصار الاقتصادي ودفع المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية. ثانياً: الشروع في عملية التنسيق الامني بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني بما يحقق الامن للمواطن الفلسطيني من اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال. ثالثاً: عقد مؤتمر دولي لعملية السلام في الشرق الاوسط بمشاركة الاممالمتحدة والصين واوروبا وروسيا والدول المعنية بما في ذلك سورية ولبنان والاردن ومصر للتوصل الى حل عادل وشامل في المنطقة". وقال "ابو علاء" انه في هذه الحال فقط يمكن لأي جهود دولية ان تنجح "اما الحديث عن وقف اطلاق نار ووقف عنف وتبسيط للامور بهذا الشكل فلن يخرجنا من دوامة العنف وسنستمر في مقاومتنا وانتفاضتنا الى ان نستطيع ان نحقق اهدافنا". وفي اول رد فعل اسرائيلي على تصريحات "ابو علاء"، قال وزير السياحة امنون شاحاك الذي التقى الرئيس ياسر عرفات مساء اول من امس ان "اجراءات بناء الثقة تتطلب جهوداً من الطرفين". وكان شاحاك ورئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية موساد السابق عامي ايالون اجتمعا مع عرفات في غزة وطالباه ب "وقف العنف" حسب شاحاك الذي عاد واشترط وقف الانتفاضة "وتقليص اعمال العنف" للعودة الى المفاوضات. وقالت النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتورة حنان عشراوي ان كل التحركات الاسرائيلية تسعى الى وقف الانتفاضة وايهام العالم بوجود تحركات سياسية في اطار عملية سلمية قتلتها اسرائيل. ووصفت لقاء عرفات مع شاحاك وايالون بأنه "مناورة اسرائيلية". ويبدو ان زيارة مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي للشؤون الامنية داني ياتوم الى القاهرة واجتماعه مع الرئيس حسني مبارك، جاءت في اطار "المناورة الاسرائيلية". اذ قالت مصادر اسرائيلية نقلاً عن ياتوم انه نقل رسالة من رئيس الحكومة ايهود باراك الى الرئيس المصري "شرح فيها مدى ضلوع السلطة الفلسطينية" في ما سمّاه "اعمال الارهاب والعنف". واضافت ان مبارك بعث برسالة جوابية الى باراك. وأكد مصدر في الوفد اللبناني المرافق لرئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الى القاهرة ان ياتوم لم يحمل اي أفكار جديدة لتهدئة الوضع، باستثناء مطالبته بالعودة الى اتفاق شرم الشيخ. وقال المصدر ل"الحياة" ان القيادة المصرية ابلغت ياتوم بأن اتفاق شرم الشيخ لا يؤسس قاعدة لتهدئة الوضع بعد الحرب التي شنتها اسرائيل ضد الفلسطينيين، وان المطلوب التوصل الى اتفاق سياسي يمكن القاهرة مناقشة افكاره مع الجانب الفلسطيني. ولفت الى ان القاهرة سألت ياتوم ان كان يحمل أفكاراً جديدة، وكان جوابه ان مهمته محصورة بتهدئة الوضع وانه لا يحمل اي افكار سياسية. وفي هذا السياق قال مسؤول مصري ل"الحياة" ان "ما يميزنا عن الآخرين هو اننا نريد انقاذ العملية السلمية بينما هم يركزون على انقاذ باراك". وأوضح أن واشنطن كانت في اجواء زيارة ياتوم للقاهرة، مؤكداً ان اسرائيل أصبحت "محشورة" لعدم قدرتها على دفع الفلسطينيين على التنازل تحت ضغط العدوان الذي شنته عليهم، ودعا الى الإفادة من هذا الوضع الاسرائيلي لدفع مفاوضات الحل النهائي. الى ذلك، استقبل مبارك أمس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وبحث معه في الأزمة الحالية في المنطقة. وصرحت مصادر قريبة من القمة أنها تناولت التطورات الأخيرة في المنطقة وتفاقم الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وسبل وضع حد للتصعيد الإسرائيلي والعلاقات الثنائية.