اتفق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، خلال مكالمة هاتفية بينهما رتبها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مكتبه في الكرملين حيث كان مجتمعاً مع عرفات، على استئناف الاتصالات التي قطعت بينهما ومواصلة العمل في مكاتب الارتباط العسكري المشتركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وعلى رغم هذا الاتفاق وتحركات ديبلوماسية سبقت زيارة عرفاتلموسكو، بما في ذلك اجتماع فلسطيني - اسرائيلي عند حدود قطاع غزة مع اسرائيل ليل الخميس - الجمعة، واصل الجيش الاسرائيلي امس قصف مدن فلسطينية عدة بالمدفعية والرشاشات الثقيلة، وقتل الجنود الاسرائيليون ثلاثة فلسطينيين في شمال الضفة الغربية ورفح. ورافق ظهور التحركات الديبلوماسية الرامية الى تهدئة الاوضاع تمهيداً لاستئناف المفاوضات قلق من احتمال تفاقم العنف، خصوصا في ضوء معلومات رشحت من اجتماع المجلس الوزاري العسكري والامني الاسرائيلي المصغر، اول من امس، مفادها ان جنرالات الدولة العبرية قرروا "خفض" استخدامهم للقصف الجوي على الاهداف الفلسطينية الى الحد الادنى "لأنه يضر بصورة اسرائيل اعلامياً" واتخاذ "تدابير ميدانية بديلة" تتمثل بعمليات تصفية واغتيال لعدد من القادة الميدانيين للحركات الفلسطينية ومنفذي العمليات العسكرية "ومن أرسلهم" وتنشيط وحدات "الاعدام" الخاصة التي برز عملها في نهاية الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الاولى. وواصل الاسرائيليون حديثهم العلني وغير المقيد عن بعض قادة "فتح" المرشحين لعمليات التصفية مثل امين سر الحركة في الضفة الغربية مروان البرغوثي. ولم تمنع الاوضاع الميدانية الملتهبة استمرار الجهود الديبلوماسية المكثفة لاحتواء التصعيد العسكري في الاراضي الفلسطينية، فبعد عملية "الخضيرة" التي اعقبها انفجار عبوة ناسفة في قلب احد مكاتب الارتباط العسكري الفلسطيني - الاسرائيلي التي ترمز الى التنسيق الذي أنشأته اتفاقات اوسلو بين الجانبين ومقتل ضابط وجندي اسرائيليين في فرع المكتب في قطاع غزة، وما اعقب ذلك من "اوامر" عسكرية اسرائيلية للفلسطينيين باخلاء كافة مكاتب الارتباط في غزة والضفة، سارع نائب وزير الدفاع الاسرائيلي افرايم سنيه الى لقاء الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم ووزير الشؤون المدنية جميل الطريفي قرب حاجز بيت ياحون ايريز عند حدود قطاع غزة. واتفق الطرفان على ابقاء مكاتب الارتباط مفتوحة. وتبع ذلك اعلان اسرائيل ان داني ياتوم مستشار باراك للشؤون الامنية والسياسية سيتوجه اليوم الى القاهرة للقاء الرئيس المصري حسني مبارك. وفي موسكو لقيت دعوة الرئيس الفلسطيني الى تحرك دولي لحماية الشعب الفلسطيني تأييداً من الرئيس الروسي بوتين. واضافة الى تحدث بوتين هاتفيا مع باراك ثم تحدث عرفات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي، تركزت المحادثات على الأفكار الروسية التي تهدف الى اتخاذ خطوات محددة لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ وتهدئة الأوضاع في المنطقة. وبحث بوتين وعرفات خلال اجتماعهما ضرورة التحضير للقاء دولي موسع تحضره روسيا والولايات المتحدة اضافة الى الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول المعنية في المنطقة. وتداخلت المبادرة الروسية الداعية الى انعقاد مؤتمر "شرم الشيخ 2" مع جهود مكوكية للامم المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة لاقامة قنوات اتصال تعزز محاولات بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بدءاً بتنفيذ اتفاقهما أول من امس على تنفيذ تفاهمات قمة شرم الشيخ الأولى. واكدت مصادر وثيقة الاطلاع على المبادرة الروسية ان فحواها هو انعقاد قمة "شرم الشيخ 2" لتضم روسيا الى قادة فلسطين واسرائيل والولايات المتحدة ومصر والأردن والاتحاد الأوروبي، علماً ان روسيا لم تشارك في القمة الأولى. وافادت المصادر ان أهم تطور يساهم في الحركة الجديدة في الجهود الديبلوماسية هو الاجتماع الأمني الفلسطيني - الاسرائيلي أول من أمس، والذي تم الاتفاق خلاله على تنفيذ تفاهمات قمة شرم الشيخ بوقف العمليات الميدانية واستئناف العملية السياسية. عرفات في الأردن وفي اطار الحركة السياسية والديبلوماسية عبر العواصم، قالت المصادر ان الرئيس الفلسطيني ينوي التوقف في الأردن اليوم السبت بعد زيارته لموسكو حيث وافق خلال اجتماعه مع الرئيس الروسي على درس المبادرة الروسية، شأنه شأن رئيس الوزراء الاسرائيلي باراك. وتحرك المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة، تيري رود لارسن مع المبعوث الأوروبي ميغيل انخيل موراتينوس بالتنسيق والتشاور مع الديبلوماسية الاميركية، بهدف تعزيز اجراءات بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لتهيئة الأرضية لاعادة اطلاق عملية سياسية تؤدي الى تناول قضايا الحل النهائي. وذكرت مصادر عربية ان جهود لارسن وموراتينوس تتناول مسألة لجنة تقصي الحقائق التي وافقت عليها قمة شرم الشيخ ويترأسها السناتور الاميركي السابق جورج ميتشل، والتي ستجتمع غداً الاحد في نيويورك، ثم الاثنين مع الأمين العام كوفي انان. ويأتي ذهاب هذه اللجنة الى المنطقة، بموافقة اسرائيل عليها، في اطار خطوات بناء الثقة لاستئناف الحوار بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. ووصفت المصادر الدولية الوضع الراهن بأنه ينطوي على "خطوات حذرة" وحساسة وحركة جديدة في اتجاه الوصول الى هدف اقامة الحوار السياسي.