"زارع الريح" في روسيا البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي الذي كان ممول "العائلة" اليلتسنية، يحصد الآن العاصفة بعدما اتهمته النيابة العامة بسرقة أموال الدولة، ووجه اتهامات خطيرة الى الرئيس فلاديمير بوتين بالاستفادة من أموال مشبوهة اثناء حملته الانتخابية. وتوقع ان ينتهي حكم الرئيس قبل نهاية تفويضه الدستوري. وكان بيريزوفسكي يعتبر من أهم "دعائم" حكم الرئيس السابق بوريس يلتسن. ووصف بأنه "راسبوتين" روسيا الجديدة، وكان اعتبر الممول الأساسي لعائلة الرئيس السابق ما جعله يملك مفاتيح السلطة والمال والاعلام ويجاهر بقدرته على الاطاحة بحكومات. ودفع رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف منصبه ثمناً لمحاولته وقف التجاوزات القانونية لبيريزوفسكي وانهاء سطوة الأخير الذي أصبح واحداً من مؤسسي حركة "الوحدة" الموالية للكرملين والتي انتزعت من كتلة "الوطن" بقيادة بريماكوف الكثير من مقاعد البرلمان. وساهم بيريزوفسكي في دعم حملة الرئيس الحالي، إلا أن بوتين سرعان ما أعلن انه لن يسكت على تسلط "الفئة الأوليغاركية" على القرار السياسي. ورد "طواغيت المال" باطلاق حملة عاتية ضد رئيس الدولة شاركت فيها أكبر امبراطوريتين اعلاميتين: الأولى لبيريزوفسكي والثانية لرئيس المؤتمر اليهودي فلاديمير غوسينسكي. وفرّ كلاهما من روسيا وهما يرفضان المثول أمام المحققين. وأعلنت النيابة العامة انها حصلت من سويسرا على وثائق جديدة تكشف تورط بيريزوفسكي وعدد من مساعديه في انشاء شركات في سويسرا كانت تحول اليها عوائد شركة "ارفلوت" الحكومية وتنهب. وطلب من بيريزوفسكي الحضور للاستجواب، لكنه رد بنشر "بيان" حرره في دولة أوروبية لم يكشف اسمها، قال فيه انه لن يعود الى روسيا بسبب "الضغوط المتزايدة من السلطة وشخصياً من رئيس الدولة". وأضاف ان هدف الضغوط "دفعي الى الاختيار بين السجن السياسي واللجوء السياسي". وفي اعتراف ضمني بأن شركاته في سويسرا كانت تقوم بعمليات لا تدخل تحت مظلة الشرعية، قال بيريزوفسكي ان بوتين "لم يخجل أبداً" من استثمار "الأموال المشبوهة" لتلك الشركات لتمويل الحملة الانتخابية لحركة "الوحدة" والانتخابات الرئاسية. وتابع أن بوتين عندما حقق هدفه، عمد "من دون وازع ضميري" الى الايعاز بأن "اضرب على رأسي بهراوة" واطلاق قضية السرقة مجدداً. وكان بيريزوفسكي يشير في ذلك الى تصريحات سابقة لبوتين قال فيها ان على الدولة استخدام "هراوتها" لوقف التجاوزات القانونية. واتهم بيريزوفسكي السلطة بأنها تريد منع قناة "أو ار تي" التلفزيونية التي يسيطر عليها، من قول الحقيقة وانتقاد الرئيس. وتابع ان بوتين يريد ان "يفرض نظام السلطة الفردية" ويواصل "الحرب العرقية" في الشيشان ويسيطر على وسائل الاعلام ويجعل البلد "تحت سطوة ضباط المخابرات". وفي تهديد مبطن للرئيس، قال بيريزوفسكي ان بوتين اذا استمر في "سياسته المهلكة فإن نظامه لن يدوم لحين انتهاء تفويضه الدستوري الأول". واعتبر غليب بافلوفسكي وهو أحد كبار مستشاري الكرملين ان هذا التصريح يتضمن "تهديداً سافراً" بتصفية جسدية لرئيس الدولة. وطلب من الجهات المختصة ان "تتفاعل". وأصدر رئيس كتلة "الوحدة" البرلمانية بوريس غريزلوف بياناً نفى فيه ان تكون هذه الحركة الموالية لبوتين استلمت اموالاً من بيريزوفسكي. وقال ان الأخير يحاول "التشبث بمواقع فقدها في السياسة الروسية" وان يصبح محط اهتمام وسائل الاعلام. ويرى المراقبون ان رجل الأعمال اليهودي المعروف أراد أن يصيب عصافير عدة بحجر واحد، فهو قام بخطوة "احترازية" رداً على نية النيابة العامة استجوابه، وسعى الى تأمين موقع لنفسه ك"مضطهد سياسي" في حال اصدار حكم غيابي عليه. وأخيراً، أراد أن يحرج بوتين الذي يحضر في بروناي قمة الدول المطلة على المحيط الهادئ. حرب على اليهود؟ ونفى مصدر مقرب من الكرملين تحدثت اليه "الحياة" أن يكون فتح ملفي بيريزوفسكي وغوسينسكي بسبب انتمائهما القومي اليهودي، لكنه قال انهما لم يكفا عن التدخل السافر في شؤون الدولة للحفاظ على مواقعهما السياسية ومواصلة "النهب من دون ضوابط" مستثمرين سيطرتهما على أهم وسائل الاعلام في روسيا. ويدير غوسينسكي أهم قناة تلفزيونية وهي "ان تي في" وقنوات اقليمية وصحفاً ومجلات واذاعة "صدى موسكو"، فيما يملك بيريزوفسكي 49 في المئة من أسهم القناة الأولى"او ار تي" ويديرها عملياً وجعل منها منبراً لمهاجمة بوتين، على رغم ان 51 في المئة من أسهمها تملكها الدولة.