أخبرني شخص عزيز في أوائل الأربعينات أنه وكما الكثيرين من أبنائنا اضطر الى الهجرة بحثاً عن الرزق تاركاً خلفه زوجة في أواخر الثلاثينات وولدين. ومع أنه بدأ العمل لم يستطع احضار الزوجة الى أن يستقر وضعه المادي نظراً لغلاء المعيشة. وبعد بضعة أشهر ومن خلال العمل تعرّف الى فتاه أجنبية. لم يكن يبحث عن علاقه. لكنه كأي رجل آخر في الغربة كان يبحث عن الجنس ولا مانع من بعض من الحنان الذي يفتقده بشدة ويحتاجه وبجرعات أكبر في الغربة. وبالفعل وبعد فترة ارتبط بهذه الفتاة جنسياً وتطور الامر بينهما الى علاقة متكاملة مقارنة بعلاقته مع زوجته البعيدة. علاقة قائمة على التعاون في كل أمور الحياة والمحبة تختلف في نكهتها عن علاقة الالزام والالتزام، خصوصاً المادي منه. وفي غمار الحياة نسي الرجل التزامه العاطفي تجاه الزوجة وان ينسى التزامه المادي. وبعد انقطاع ثلاث سنوات جاءت الزوجة لزيارته. ثلاث سنوات من العمر مرّت تغيّر هو خلالها كثيراً. فهم معنى آخر للعلاقة يقوم على كل أشكال التعاون في الحياة. حضرت الزوجة وبزيادة كبيرة في وزنها. ومنذ الأيام الأولى عرفت وفهمت ما حدث. فماذا تفعل الآن؟ هي تعدت الأربعين. وفي عُرف العالم العربي انتقلت الى الشيخوخة. الى جانب انها لا تعمل وليس باستطاعتها عمل اي شيء سوى البكاء على نفسها. وقبولها لهذا الواقع لان ليس لديها بديل آخر. فمن اين ستأكل لقمتها؟ المرأة الغربية لم تسرقه من زوجته. بالعكس هو الذي كذب عليها. المرأة الغربية علمته انها متساوية معه وتقف الى جانبه وليس خلفه. وهذا ما اعطاه الشعور بالحرية من عدم الالتزام والاجبار. كل الفرق انها حرة في علاقاتها. المرأة الغربية لا تقف في انتظاره وانما تخلق حياتها الخاصة ومن خوفه يتبعها. المرأة الغربية لا تنسى أنها امرأة سواء في العشرين أو في الخمسين. وفوق كل ذلك المرأة الغربية لديها حرية الاختيار. هو كأي رجل آخر يحلل لنفسه أموراً كثيرة يحرّمها على غيره. الذنب هو خليط من الاسباب. وعلى رأسها أيضاً ذنب المرأة حين تهمل نفسها وترضى أن تترك زوجها يكدح في الغربة الى ان يوفر لها السكن اللائق وحلاوة الحياة بينما قدسية الرباط الزوجي هي في تقاسم الحلو والمر والعطاء المعنوي. أكتب هذه القصة وأنا أتقطع ألماً على ظروف الحياة الشاقة في بلادنا العربية التي تضطر ابناءنا الى الغربة بحثاً عن لقمة العيش لضمان مستقبل أفضل. وعلى وضع بناتنا حين يواجهن مثل هذه المواقف، إذ لا حماية للمرأة فيها لا بالارث ولا بالقانون ان ارادت الطلاق... أقول هذا وانا ثائرة على طريقة تربية بناتنا التي تؤكد وتحثّ المرأة على انها متعة ويجب ان تُوَفر لها كل اسباب الرفاهية في زواجها. لان الرجل ملزم بالانفاق حتى في اصعب الظروف الاقتصادية. اقول هذا وانا ثائرة وغاضبة لان المرأة العربية حتى بعد التعليم الجامعي تُلزم في كثير من الاحيان الى القبوع في البيت والمطبخ. وترضى ناسية ومتناسية ما كلفته من مصاريف جامعية على الدولة وعلى اهلها لان ليس لديها حرية الخيار. تتربى على العطاء والاعتقاد ان الزواج هو آخر المطاف للأمان والاستقرار. وبالتالي تعطي بلا حدود، مهملة شكلها ونفسها وعقلها، لتسند الرجل وتمهد له الطريق للنجاح، ولكن ماذا يحدث حين ينجح هذا الرجل في الاربعينات، وتبقى هي على تلك الحال؟ سألته: هل ستطلق زوجتك لتتزوج صديقتك الاجنبية؟ اجابني انه لا يستطيع لانه مشفق عليها وايضاً لن يستطيع الزواج من صديقته لان هذا مخالف للقانون. سألته مرة اخرى. ترى لو انقصت زوجتك من وزنها وتركتك الاجنبية، فهل ستعود اليها؟ سكت قليلاً ثم أجاب: نعم سأعود لانها ام اولادي ولكن اريد ان اراها كما عهدتها، معقولة الشكل، والموضوع.