أصبح زواج المسيار ظاهرة تتعدى التوقعات كافة التي كانت ضمن الإطار الموضوع له، وأضافت سجالا حادا بين النساء والرجال عن المستفيد والخاسر في هذا الأمر، وآخر بين الشرعيين في تحليل وتحريم الزواج. ويرجع الذين يرغبون في الإقدام على هذا الأمر إلى الظروف المعيشية التي يعانون منها كانت من الأسباب التي جعلتهم يتجهون لزواج المسيار، الأمر الذي أدى لانقسام النساء بين المؤيدات اللاتي أكدن أنه حق للنساء كافة التي ربما يؤدي بهن الحال للوقوع في الأمور الخاطئة، والرافضات اللاتي وصفن أن الزواج عبارة عن وجبة جنسية يحتسيها الرجل في أي وقت يشاء، لكن ربما نجد أن الزواج ربما يأتي بنتائج سيئة على الأبناء في ما بعد. «عكاظ» تطرقت للموضوع مع المختصين والمهتمين بالموضوع، وطرحت عليهم العديد من التساؤلات.. في صياغ النص التالي: ترى أم خالد أنه زواج باطل؛ لأنه لا يكتمل فيه شروط الزواج الشرعي الحلال، خاصة أنه يتصف بروح السرقة والخطف للزوج من زوجته وعياله وهو ما لا تقبله أية امرأة، وليس فيه أمور حسنة، بل على العكس كلها أمور تضر بالزوجات والأطفال من جراء ترك عاهل الأسرة وجريه وراء ملذاته والاستمتاع بعرس في الخفاء دائما يكون من أجل المتعة فقط مما يلهيه عن واجباته ومسؤولياته نحو أسرته وهذا ما يحصل دائما. ارتفاع الطلاق وتتحدث فدوى السليماني -متزوجة وأم لثلاثة أبناء- أن زواج المسيار كارثة وبلوى ابتلي بها المجتمع السعودي، وكله نتاج العولمة والانفتاح الإعلامي الذي زين للرجال مفاتن النساء والنظر إلى المحرمات، فأساسه ليس دينيا، إنما مبني على حرام وكلها من وساوس الشيطان، وساعد على تجسيدها شبكات منظمة ممن يترزقون من وراء هذه الجريمة من أمثال الخاطبات وضعاف الشيوخ والمأذونين وبعض ممن يدعون الأمانة والعفة وأكثرهم من الرجال القائمين على هذا العمل باستخدام وسائل التقنية الحديثة لترويج حملاتهم من خلال رسائل الجوال والإنترنت، فكلها أعمال ليست لها علاقة بالشرف والطهارة ولا تتصل بالدين بل هى تجارة بحتة لهؤلاء المرتزقة. ورأت بأنها جريمة تستحق العقاب. من جهتها، بينت صفاء -متزوجة وأم لطفلين- أن حل مشكلة بمشكلة أعظم منها ليس حلا يفيد أزمة العنوسة، بل سيؤدي إلى مشاكل أخرى كانفصال الأزواج وتشتيت الأبناء وارتفاع نسبة الطلاق التي هي أصلا مرتفعة لدينا في السعودية، فما الجدوى من فتح بيوت جديدة على حساب بيوت سعيدة، ولا ترى للمرأة والزوجة الثانية حق في بناء سعادتها على حساب الآخرين، بل تعتبر مجرمة في نظر المجتمع، وفي رأيها الشخصي أن تبقى الفتاة عانسا خير لها من أن تهدم أسرة بنيت منذ سنوات طويلة من الكفاح، وخير لها من مكابدة المعاناة والمشاكل التي ستقبل عليها من خلال زواج مبني على الشقاق ويحفه خطر الفشل في أية لحظة. زوج صديق وتلمح إلهام بافرط أن زواج المسيار مخالف لمفهوم الزواج الذي عرفناه على مر الأزمنة والتاريخ، وهو لا يخدم المرأة كما يرضي نزوات الرجل بل يظلمها ويهين كرامتها ولا تؤيده تحت أي ظروف، وترى أنه زواج علاقات رومانسية، بقولها: «بالنسبة لموضوع زواج المسيار، أنا ضد هذا النوع من الزواج، فالزواج كما عرفناه على مر الأزمنة والتاريخ، إعلان وإشهار وبيت وأبناء وحياة مشتركة، حتى لو تخللته مشاكل أو تعداد أو غضب من الزوجة أو انفصال أو خلع أو غيره من التبعات الشرعية المترتبة نتيجة للارتباطات الزوجية، أما بالنسبة لزواج المسيار الذي نسمع به في العصر الحديث، هو يخدم الرجل بالدرجة الأولى، فهو بالنسبة للرجل وجود صديقة أو حبيبة في حياته لكن بالحلال كما يدعون، يذهب لها متى يشاء ومتى ما سمحت له الظروف، وبالتالي فهو يخدم الرجل بالدرجة الأولى والأخيرة، لكن المرأة المغلوب على أمرها التي رضيت بزواج المسيار لا يخدمها نفسيا ولا معنويا، بل يهين ويقلل من كرامتها باعتباره زواجا ناقصا، وباعتبار أنها ستقبل بزواج غير متكامل نظرا لظروف اجتماعية أو دراسية أو أي ظروف أخرى. ولا أستثني أي ظرف، حتى لو تأخر بها الزواج حتى لو لديها ارتباطات وواجبات تحيل بينها وبين الزواج، فقبول شخص يأتي لزيارتها كصديق لكن بالحلال لا يضيف إلى حياتها شيئا، ولن يكون أساسا سليما لبناء أسرة، بل هو ارتباط وقتي، صديق بالحلال». وتعارضها الشابة منى سالم في ذلك فتقول: «نجد الكثير من المتزوجات أو اللاتي يرفضن مثل هذا الزواج، يتحدثن باسم النساء كافة ولا يعلمن أن النساء كافة لسن سواسية في هذا، فربما بهذا الزواج تتقي الاتجاه للطريق الخاطئ». وتمنت منى أن تتحدث تلك السيدات عن أنفسهن وألا يقمن بتعميم آرائهن كافة على النساء كافة. نقص عاطفي وترى خبيرة التربية عواطف برغوثا أنه زواج عرفي بمسمى آخر. بقولها: «المرأة لو كانت عزباء وتوفرت لها فرصة زواج مسيار لن تقبل بها أبدا، لأن المرأة حين تفكر في الزواج تفكر فيه كمصدر للمودة، الرحمة، المشاركة، تحمل المسؤولية، إنجاب الأولاد والمشاركة في تربيتهم التربية الصالحة، ولا تنشد في الزواج ملء جانب واحد فقط، و المرأة التي تقبل بزواج المسيار تقع تحت ظروف قهرية تدفع بها إلى إيجاد مخرج لها أو أي حلول لمشاكلها، فالأجدى معالجة أوضاع المرأة وحل مشاكلها قبل الوقوع في صراعات ومشاكل أكبر، مثل المرأة التي تعيشُ مع عائلة متشددة، متحكمة ومتسلطة، أو الفتاة التي تعدت سن الزواج وأصبحت في حالة محرجة، أو ربما تكون المرأة شخصية متقلبه المزاج ولا ترغب بوجود الزوج دائما في جميع أمور حياتها، وقد يكون الحب سببا للقبول بزواج المرأة، وكلها حالات نقص عاطفي عند المرأة يجب أن تعالج نفسيا». ظروف الحياة وتؤكد الأخصائية الاجتماعية منى بنقش أنه يجب أن نوضح مفهوم زواج المسيار أولا الذي اتفق عليه رجال الدين والفرق بينه وبين صور الزواج الأخرى التي استغلها ضعاف النفوس، فتقول: «زواج المسيار الذي يتوفر فيه الولي والشهود ورضى الطرفين وغير محدود بوقت أو زمن، فقط تتخلى الزوجة به عن بعض حقوقها كالنفقة والمبيت أو الإقامة الدائمة للزوج، وهذا حق للزوجة تتنازل عنه بإرادتها ولا إكراه فيه، زواج المسيار بهذا المفهوم يحل مشاكل عدة في المجتمع كمشكلة الأرامل أو المطلقات أو من فاتهن قطار الزواج أو من يعانين من ظروف خاصة كرعاية والديهم، إذ نرى هنا إنه صالح لفئة معينة وهن شريحة كبيرة من المجتمع وقد يحل لهن هذا الزواج أمورا كثيرة ويحافظ على الفتاة من الوحدة أو الانحراف السلوكي، فهي إنسانة بحاجة إلى ونيس ورفيق درب ورجل يحميها وهذه سنة الحياة، حتى إن لم يكن متواجدا بصفة دائمة لكنه موجود لمواجهة أي موقف من مواقف الحياة الصعبة التي تواجهها الفتاة حيث يحميها من اللجوء إلى أشخاص آخرين غرباء لا علاقة لها بهم وقد يستغلها استغلالا سيئا، ولا ننسى أنه يحمي الشاب من الوقوع بالحرام أو الانحراف السلوكي، فإن كانت ظروفه لا تسمح بإنشاء منزل ووجد الفتاة القادرة على توفير السكن دون أن يستغل ظروفها فأجد أن هذا الزواج سبيل لتحصين الرجل والمرأة من اللجوء للحرام وطريق حلال لإشباع احتياجاتهم، ولكن من المؤسف أن هناك فئة من الشباب والفتيات اليوم استغلوا هذا الزواج لأغراض أخرى واعتبروه كزواج المتعة فقط، وطريق للتنصل من المسؤوليات الزوجية، وهذا بالطبع لا يرضي أي عاقل، وإنا ضد هذا النوع من الزواج، خاصة لفتاة شابة في مقتبل العمر فالفرصة أمامها كبيرة لاختيار الزوج المناسب الذي يحافظ عليها وعلى حقوقها». إهمال الأسرة وتضيف بنقش: «اليوم نحن في عصر الانفتاح والعلم والثقافة، فالفتاة أصبحت مدركة لحقوقها وواجباتها والشاب كذلك، وهنا نرى أن الوضع اليوم اختلف عن الأمس، ولا يمكن التنازل عن أي حق للزوجة إلا برضى الطرفين أو بإيمان بالمشاركة الزوجية، ومن خلال ما نراه اليوم من زيجات طبيعية وكما هو متعارف عليها بالمجتمع، نرى أيضا ارتفاع نسبة الطلاق وعند البحث عن الأسباب نجدها تعود إلى إهمال الزوج لأسرته أو عدم تواجده داخل منزله وقضاء معظم وقته في العمل أو مع الأصدقاء وترك المسؤولية كاملة على الزوجة، وتحمل هنا الزوجة عبء المسؤولية الأسرية وعبء الأبناء من التربية إلى التعليم إلى العلاج، من مسؤوليات لتحافظ على أسرتها وعلى منزلها من الدمار فترضى بالواقع مكرهة غير راضية، فنرى الأم في المدرسة لعلاج مشاكل أبنائها الدراسية، وعند الطبيب لعلاج ابنها من مرض ما، وفي السوبر ماركت لتوفير احتياجات المنزل وفي العمل لتوفير دخل آخر للأسرة يضمن لها حياة كريمة، إذن تحمل المسؤولية واحترام الزوجة لزوجها أو تقدير الزوج لزوجته وتحمل مسؤوليته التي فرضها الله عليه كرب للأسرة لا تعود لزواج عادي أو مسيار فالرجل والمرأة هما شريكان في نجاح أي زواج أو في فشله». المرأة بلا حقوق وفي الجانب الشرعي، يبين عدنان الزهراني أن مسألة تحليل زواج المسيار بقوله: «أن الشريعة الإسلامية لا تقف حائلا أمام مثل هذا النوع من العقود، لا سيما أنه تتوافر في زواج المسيار جميع الشروط الشرعية، وما تتنازل عنه المرأة من حقوقها فهو برضى من نفسها، وهو من أفضل الحلول الموجودة بالنسبة للمرأة غير المتزوجة أو التي لم تخطب من قبل وبلغت من السن ما لا تستطع معه الانتظار أكثر لأسباب كثيرة، من أهمها الرغبة في وجود الذرية التي تقترب من الإنسان وترحمه في حالة كبر سنه، والمرأة كذلك تجد أبناءها إلى جانبها عوضا أن تكون عند أحد أقربائها، أو حتى زوجها من زواج المسيار قد تتحول بينهما العلاقة مع الألفة ومضي الوقت إلى زواج محكم رباطه ويستمر بينهما، وتجد المرأة من تستند إليه في الحياة». إهانة للمرأة ويضيف «زواج المسيار لا يشكل إهانة للمرأة -كما يصفه البعض- بل في بعض الحالات بدأت بزواج مسيار وانتهت إلى حياة طبيعية، فالموقف الشرعي يبين الحلال من الحرام ولا يتصل بالنية من الزواج وبمن يضمر نوايا السوء، كما أنه لا توجد ضوابط لزواج المسيار؛ لأنه قائم في الأساس على مبدأ التنازل، وهو جائز شرعا ولكن من وجهة نظره لا يؤيده من الجانب الاجتماعي؛ لأنه في الغالب يكون فيه هضم لحقوق المرأة، وهذا الهضم يؤدي إلى انتهاء العلاقة بين الزوجين والانفصال، كما أنا لسنا بحاجة لإشغال السلطات والمجتمع من الطرفين والدوائر الحكومية بالقضايا، ولكن يمكننا التطوير في هذه الحالة بأن نطبق على المجتمع ثقافة التعدد بدل الثقافة الغربية، وتفعيل مبدأ التسامح بين الزوجات، فنحن نحتاج إلى ثلاث ثقافات معا لتفادي الخلل في المنظومة الاجتماعية؛ أن يروج لثقافة تعدد الزوجات، والتسامح، والعدل وكذلك تصحيح مفهوم العدل بين الزوجات، وبأن يكون لكل حالة من الحالات ما يناسبها، وإذا تشرب المجتمع هذه المفاهيم وعمل بها ستكون فيه فرصة كبيرة بإذن الله لتقليل نسبة العنوسة المنتشرة في المجتمعات». ونوه الزهراني بدور وزارة الثقافة والإعلام، وإدارة التربية والتعليم في تطوير الفكر الاجتماعي والثقافي وتصحيح الأفكار، ووجود مقرارات ومناهج تعليمية تحمل مفاهيم أسرية تدرس للطلاب إلى جانب دور الأسرة الأول في تربية أبنائها على المبادئ الإسلامية، وكذلك الحل الجذري لجميع الأمور تربية النفوس على القناعة.