محمد بن عبدالعزيز يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير جازان    مدير عام تعليم الطائف التعليم استثمار في المستقبل وتحقيق لرؤية 2030    وزير المالية: استثماراتنا في أمريكا تفوق 770 مليار دولار    أمانة الطائف تهئ ميدان ومضمار فعاليات "كأس الطائف للصقور 2025"    منح وزير الشؤون الإسلامية وشاح الطبقة الأولى للشخصية الإسلامية العالمية المؤثرة لعام 2024    جامعة الملك عبد العزيز تطلق مبادرة لتطوير مهارات الطلاب والطالبات في مجال الذكاء الاصطناعي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط    عرض رسمي مُنتظر من النصر للظفر بخدمات مهاجم أستون فيلا    الأمير محمد بن سلمان يُعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ فاضل الصباح    أمير حائل يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أميرًا للمنطقة    أعراض غير نمطية لتصلب الشرايين    الدخيل ل«عكاظ»: بطولة «الدرونز» تساهم في جذب الاستثمارات الرياضية    المملكة تشارك ب10 جهات وطنية في معرض القاهرة للكتاب 2025    الأولمبياد الخاص السعودي يختتم المسابقات الوطنية للقوة البدنية والسباحة بالرياض    المحسن: الخليج لا يحتاج لإثبات كفاءته المالية لاتحاد اليد    نتنياهو: قوات إسرائيل باقية في لبنان لما بعد انتهاء مهلة الانسحاب    الجبير يُشارك في جلسة حوارية في منتدى دافوس بعنوان «حماية البيئة لحفظ الأمن»    «سلمان للإغاثة» يوزع مستلزمات تعليمية متنوعة لدعم مدارس محو الأمية ومراكز ذوي الإعاقة في اليمن    40 ألف ريال تكاليف ليلة الحناء    ترمب يلغي الحماية الأمنية عن فاوتشي: «ليحمي نفسه»    بدء ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا    الخطيب : السياحة قوة تحويلية للاقتصاد    المملكة تعلن عن استضافة اجتماع عالمي دوري للمنتدى الاقتصادي العالمي    بوتين: مستعد للتفاوض مع ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا    آل سمره يقدمون شكرهم لأمير نجران على تعازيه في والدهم    القصيبي مسيرة عطاء    القيادة وجدارية المؤسسات    الوقاية الفكرية درع حصين لحماية العقول    عبد العزيز بن سعد يشكر القيادة لتمديد خدمته أميراً لحائل    الجوف: القبض على شخصين لترويجهما أقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    قائد الإدارة الجديدة في سوريا يستقبل وزير الخارجية فيصل بن فرحان    أكثر من 20 ألف جولة رقابية تنفذها بلدية محافظة الأسياح لعام 2024م    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الإساءة إلى جيرانكم وأحسنوا لهم    بعد الهدوء الهش في غزة.. الضفة الغربية على حافة الانفجار    خطيب المسجد الحرام: حسن الظن بالله عبادة عظيمة    إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.4 مليون حبة كبتاجون عبر ميناء جدة الإسلامي    الذهب يسجل أعلى مستوى في 3 أشهر مع ضعف الدولار وعدم وضوح الرسوم    660 ألف طفل في غزة خارج التعليم    قاضٍ أمريكي يوقف قرار تقييد منح الجنسية بالولادة    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    المشي حافياً في المنزل ضار للقدمين    العمل المكتبي يُبطئ الحركة ويزيد الأرق    عقل غير هادئ.. رحلة في أعماق الألم    الأخضر تحت 16 يفتتح معسكره الإعدادي في جدة بمشاركة "27" لاعباً    400 مشارك في جائزة "تمكين الأيتام "    %2 نموا بمؤشر التوظيف في المملكة    "خالد بن سلطان الفيصل" يشارك في رالي حائل 2025    أعطته (كليتها) فتزوج صديقتها !    الثنائية تطاردنا    تاريخ محفوظ لوطن محظوظ برجاله..    تمديد فترة استقبال المشاركات في معسكر الابتكار الإعلامي «Saudi MIB» حتى 1 فبراير 2025    أمانة جدة تضبط 3 أطنان من التبغ و2200 منتج منتهي الصلاحية    كل التساؤلات تستهدف الهلال!    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة فيفا    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس منغوليا في وفاة الرئيس السابق    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين ك"منظمة إرهابية أجنبية"    السعودية تدين وتستنكر الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية على مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة    الإرجاف أفعى تستهدف بسمّها الأمن الوطني..    وصية المؤسس لولي عهده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيود قانونية عدة تحاصرها . الاتحادات الطالبية في الجامعات المصرية بين تدخل الدولة وضغط القوى المتطرفة
نشر في الحياة يوم 03 - 10 - 2000

المتأمل في الصورة الكرنفالية التي تظهر عليها ساحات الجامعات المصرية مع بدء كل عام دراسي سيصل حتماً إلى استنتاج واحد، وهو ان ثمة نشاطاً هائلاً تفصح عنه علاقات الألوان الزاهية أو الحركة الدؤوبة التي تميز طلاب الأسر الجامعية المشكلين لنواة التنظيمات الطلابية، وهي التي تتولى أوجه النشاط كافة داخل الجامعات وكذلك التي أناط بها الدستور والقانون مسؤولية تنظيم النشاط الطلابي داخل الجامعات والمعروفة باسم "الاتحادات الطلابية"، غير أن مزيداً من الفحص للمشهد ذاته قد يصل بالمتأمل إلى نتائج مغايرة حين يكتشف حقيقة الأوضاع التي آلت إليها الاتحادات الطلابية في السنوات الاخيرة، وتحديداً منذ العمل باللائحة المعروفة باسم "لائحة 1979"، هذه اللائحة وضعت العديد من القيود على حرية العمل الطلابي في مصر، والتي لم تحظ لائحة تشريعية بانتقادات مثلما حظيت به تلك اللائحة الخاصة بتنظيم الاتحادات الطلابية في الجامعات المصرية، فالاتحادات بحسب التعريف الوارد لها في قانون الجامعات هي "التنظيمات الجماهيرية الشرعية الوحيدة للطلاب، يمارسون من خلالها الأنشطة الطلابية كافة، وتقوم على تنظيم وكفالة ممارسة النشاط الطلابي، وترعى مصالحهم وهي ممثلهم الوحيد أمام الجهات المعنية".
وفي حقيقة الأمر، يبدو من الصعب الفصل بين اللوائح المنظمة لعمل الطلاب في مصر والأحداث السياسية، ذلك أن اللوائح التي نظمت العمل الطلابي تأثرت بدرجة أو بأخرى بالأحداث السياسية، بداية من نكسة حزيران يونيو 1967 التي أدت إلى تعديل لائحة عام 1966 لتظهر لائحة 1968 وتلتها لائحة 1969 وبعدها لائحة 1976 التي أعقبت انتصار تشرين الأول اكتوبر 1973، ثم لائحة 1979 التي قيدت العمل الطلابي سياسياً بسبب المعارضة القومية من جانب الطلاب لاتفاقات السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل عامي 1978 و1979.
وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث عاطف شحات للإطار القانوني المنظم لحرية الطلاب في الجامعات المصرية فإن المشرع المصري، وإن كان قد اهتم بمواكبة التشريع للتغيرات التي طرأت على المجتمع - في ما يتعلق باختفاء ذكر النضال ضد الصهيونية والرجعية في اللوائح الطلابية - إلا أنه لم يكن كذلك في ما يتعلق بمواكبة التشريع للتغيرات الداخلية، إذ شهدت مصر منذ عام 1977 نشأة التعددية السياسية الحزبية، وعلى رغم ذلك لم تشمل حرية الرأي وإباحة التعددية الجامعات.
والمؤكد أن غياب مثل هذه النصوص أثر كثيراً على فاعلية الاتحادات الطلابية، وذلك في ما يتعلق بممارسة بقية الأنشطة ومن زوايا عدة حيث سمحت هذه اللائحة بتدخل أعضاء هيئات التدريس في تشكيل الاتحادات ولجانها، وجاء ذلك خلافاً للوائح السابقة التي تحدثت عن تشكيل طلابي بحت للجان ومجالس ادارة الاتحادات، وذلك بالنسبة إلى اتحاد طلاب الكلية. ومما يلاحظه الدارسون للوائح الطلابية أن لائحة 1979 كرست تدخل الإدارة في الشؤون الطلابية بداية في أساليب ادارة الانتخابات المؤهلة لعضوية الاتحادات الطلابية، ووصولاً إلى أدق التفاصيل في عمل هذه الاتحادات من الناحية الخدمية، وكانت العادة جرت في السنوات الأخيرة أن تتدخل الإدارة لشطب الطلاب المتقدمين لخوض هذه الانتخابات بحجج غريبة عادة ما تبطلها أحكام القضاء، أو أن تلجأ الإدارة إلى تعيين مجلس اتحاد الطلاب بدلاً من الانتخاب، إذ تحدد يوم لإجراء الانتخابات في أيام قليلة الكثافة العددية داخل الجامعات، وأحياناً أيام الاجازات، وفي مثل هذه الحالات تسمح اللائحة في حال عدم اكتمال النصاب القانوني لعميد الكلية بتعيين مجلس أو عضو في إحدى اللجان الطلابية من الطلاب المتفوقين، والذين بحكم اهتماماتهم، بعيدون عن مجالات ممارسة الأنشطة الطلابية التي تحظى باهتمام الطلاب ذوي المستوى المتوسط، وهم الغالبية داخل الجامعات.
كما أن لائحة 1979 ابتكرت فكرة رائد الاتحاد أو اللجنة أستاذ جامعي يعين من قبل الإدارة وهي فكرة لم تكن موجودة في أي من اللوائح السابقة، وإضافة إلى هذا، استحدثت هذه اللائحة وللمرة الأولى تدخل سلطات الأمن داخل الجامعة إذ تم انشاء وحدة أمن تابعة لوزارة الداخلية في كل جامعة تحدد مهامها في حماية منشآت الجامعة وأمنها، ومن الوجهة القانونية فإن عبارة "أمن الجامعة" تعبير فضفاض. يتيح لأجهزة الأمن التدخل لوقف أي نشاط، لذلك ظل إلغاء الحرس الجامعي على رأس المطالب التي نادت بها التظاهرات الطلابية في السنوات الأخيرة، والتي طالبت أيضا بعودة اللجنة السياسية إلى لجان الاتحاد وهي اللجنة التي ألغيت أيضاً في ظل هذه اللائحة محل الانتقاد، على رغم الدور الفاعل الذي لعبته في إعداد كوادر العمل الوطني.
ونبهت الدراسة التي سبقت الاشارة اليها الى العديد من السلبيات الموجودة في لائحة 1979، لأنها تحد من حرية الطلاب في ما يتعلق بمسألة مالية الاتحاد، علماً أن استقلال الاتحاد المالي يعتبر بداية مهمة لتنفيذ مهامه.
كما تضمنت نصوص اللائحة قيوداً عدة على حرية الرأي والتعبير عبر حظرها التنظيمات السياسية والفئوية وحظر اقامة المعارض والندوات، ولعل هذا الحظر كان على رأس العوامل التي هيأت الفرصة لنمو الأفكار المتطرفة واتساع تأثيرها في أوساط الشباب الجامعي في الثمانينات.
وإذا كانت الدولة قد انتبهت إلى ذلك في السنوات العشر الأخيرة حيث عمدت إلى بعث الحيوية الى الأنشطة الفنية والثقافية داخل الجامعة والتي تعرضت لحصار التيارات المتطرفة وضغوطها، فإن هذا الإحياء لم يتم بصورة كاملة، بمعنى أنه كان يلبي حاجة الإدارات الجامعية، ولا يعكس الرغبة الحقيقية للطلاب، لاسيما أن بقية الأنشطة الترفيهية التي سمحت الإدارات بها ظلت مقرونة في انظار الطلاب بصلتها بالحزب الحاكم، وبشبهة توظيفها السياسي.
وكشفت دراسة حديثة اجراها الباحث إيهاب جاد عن الاتجاهات السياسية داخل الجامعة أن 70 في المئة من الطلاب الجامعيين عازفون عن المشاركة في العمل السياسي، ويرفضون الانضمام إلى الأحزاب، وأن 30 في المئة فقط يشاركون في العمل السياسي، منهم 25 في المئة يحصلون على منافع من الحزب الوطني الحاكم، وأولئك الطلاب هم الذين يشكلون العناصر الأساسية في الأسر الطلابية المسموح لها بالعمل، وتشرف عليها الدولة، وليس ببعيد عن هذه البيانات ما تردد في شأن إشراف المجلس الأعلى للشباب والرياضة في مصر على نشاط مجموعة أسر باسم "حورس" وتدعيمها، حتى أن عددها بلغ نحو 101 أسرة طلابية من بينها 15 أسرة في جامعة القاهرة وحدها، تتلقى دعماً أساسياً من المجلس الأعلى للشباب والرياضة الذي يقدم ما يزيد على 16 مليون جنيه من ميزانيته لدعم الأنشطة الطلابية في الجامعات. وربما نجحت بفضل هذا الدعم قوائم طلاب أسر "حورس" في اكتساح الانتخابات الطلابية في العام 1997 على حساب طلاب الفصائل السياسية الأخرى، والذين يمثلون نحو 5 في المئة من المهتمين بالعمل السياسي غير أن تنظيم "حورس" الطلابي توارى إلى الظل مع ابتعاد الدكتور عبدالمنعم عمارة صاحب الفكرة إلى خلفية المشهد السياسي في مصر، وهو الأمر الذي يؤكد أنه تنظيم فوقي لم يؤسس قواعد تنظيمية حقيقية بين جموع الطلاب.
لا تزال الاتحادات الطلابية في داخل الجامعات المصرية محاصرة، ولهذا فهي لم تنجح في إيجاد حل جذري لمشكلات حقيقية داخل الجامعة، مثل ارتفاع أسعار الكتب، أو الدروس الخصوصية، إلى جانب تكدس المدرجات وقاعات الدرس والمدن الجامعية، وهي مشكلات أكثر إلحاحاً من الأمور الترفيهية المحاصرة - نسبياً - بفضل ضغوط القوى الأصولية.
ويفسر نائب رئيس جامعة عين شمس وعالم الإجتماع محمود عودة عدم فاعلية الاتحادات الطلابية القائمة حالياً بالتأكيد على ضرورة اعادة النظر في اللوائح المنظمة لعمل تلك الاتحادات وتطويرها لتصبح أكثر ملاءمة للمتغيرات التي يمر بها المجتمع المصري في ظل التحولات الجارية في العالم كله.
ويرى أن المشاركة الطلابية في الأنشطة داخل الاتحادات لا تزال ضعيفة نتيجة ارث السنوات السابقة أو بسبب المناخ العام الذي يقلل من قيمة العمل التطوعي، أو نتيجة لزيادة الأعباء الطلابية في ظل تطبيق نظام الفصلين الدراسيين الذي حرم قطاعات كبيرة من الطلاب من المشاركة، وهو أمر ينبغي معالجته لكي تعود الجامعة من جديد "مصانع للرجال والنساء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.