لم يبق لمدرب المنتخب الايراني جلال طالبي، طبعاً، الا الخروج مطاطأ الرأس بعد سقوط منتخب بلاده امام المنتخب الكوري الجنوبي بالهدف الذهبي في الدور ربع النهائي. ومن دون ايجاد كلمات "العزاء" المناسبة لضياع فرصة تأهل منتخب بلاده الى الدور نصف النهائي اثر خطأين دفاعيين قاتلين ارتبط الاول بتشتيت علي دائي السيئ للكرة على مسافة خمسة امتار فقط من المرمى في الدقيقة 90، والثاني بالعجز عن التعامل مع احدى الهجمات المرتدة التي اثمرت الهدف الثاني الذهبي في الدقيقة 10 من الشوط الاضافي الاول. وكرر الايرانيون الخطأ القاتل الذي تعرضت له فرقاً ومنتخبات عريقة من قبل، وهو انتظار صافرة الحكم الاخيرة على اعتبار ان الفوز مؤكد وما هي الا ثوان عدة وتنطلق فرحتهم. لكن ما حدث شابه كثيراً ما وقع فيه فريق بايرن ميونيخ امام مانشستر يونايتد في نهائي دوري ابطال اوروبا عام 1999، وايطاليا امام فرنسا في نهائي كأس الامم الاوروبية هذا الصيف. التقدم الايراني بهدف لاعب فريق تشارلتون الانكليزي كريم باقري من مسافة تعدت ال40 متراً في الدقيقة 71 والحفاظ عليه الى ما قبل ثوان من نهاية عمر اللقاء، دفع الايرانيون الى التهاون فتعادل الكوريون... ثم الى الاحباط في الشوط الاضافي الاول فخسروا بالهدف الذهبي. واعترف طالبي بان مثل هذا الخطأ لم يرتكبه لاعبوه في اكثر من 20 مباراة "لكنه امر يمكن ان يحصل ومن الضروري تناسيه من اجل توفير الاعداد الجيد لتصفيات المونديال المقبل عام 2002 والتي تنطلق بعد 35 يوماً فقط عبر لقاء منتخبات غوام وطاجيكستان وميانمار في المجموعة الثانية والمقررة مبارياتها في 24 و26 و28 تشرين الثاني نوفمبر المقبل في طهران". والحقيقة تقال ان هذا الخطأ لا يلغي واقع ظهور المنتخب الايراني بمظهر مخيب في هذه البطولة عموماً، والذي عاد باعتراف كثيرين ومن بينهم اللاعبين انفسهم امثال حميد رضا زاده، بانهم لا يلعبون باسلوب جماعي جيد بسبب التدريبات القليلة التي خضعوا لها سوياً، واتباعهم تكتيك خاطىء في المباريات لجهة التركيز على المهارات الفردية للثلاثي علي دائي ومهدي مهدافيكيا وكريم باقري. ويتوقع ان يؤثر الخروج الايراني سلباً على المتابعة الجماهيرية للمباريات في الدورين المقبلين. ورأى مراقب مباراة ايرانوكوريا الجنوبية القطري محمد المحشادي ان الايرانيين "افتروا" على انفسهم لانهم اعتقدوا ان المباراة انتهت لدرجة ان الاحتياطيين بادروا الى الاحتفال، ما عكس اجواء استخفافهم بمنافسيهم "وفي رأيي الشخصي ان طالبي اخطأ باخراج مهدافيكيا، الذي كان انشط لاعبي المنتخب الايراني". وفي سياق الحديث عن اللاعبين الايرانيين المحترفين، تلقى لاعب خط الوسط مهراداد مينافاند صفعة مزدوجة بعد خروج منتخب بلاده، وتمثل ذلك في وضع ناديه شتورم غرس السويسري، والذي دافع موسمين عن الوانه، اياه على لائحة البيع بقيمة 5،1 مليون دولار، بعدما اعترض المدرب على مشاركته في البطولة، في وقت كان مينافاند نال موافقة رئيس النادي شخصياً. الاحتياطي الناجع في المقابل، عكس الفوز الكوري الجنوبي، والذي اهله الى الدور ربع النهائي للمرة الاولى منذ عام 1988، امتلاك منتخبه فعلياً اوراقاً "خفية"، لم يستعملها في الدور الاول، امثال الاحتياطي كيم سانغ سيك، الذي سجل هدف الانقاذ الحاسم في الدقيقة الاخيرة، في حين اكد لي دونغ غوك انه "جوكر" منتخب بلاده في الاستحقاقات البارزة كلها بتسجيله الهدف الذهبي، والذي رفع رصيد اهدافه الى اربعة في البطولة الحالية حتى الآن، علماً بانه شارك احتياطياً ايضاً في هذه المباراة. يذكر ان غوك كان سجل هدف فوز منتخب بلاده على المنتخب الياباني في نهائي كأس الامم الآسيوية للناشئين قبل عامين، ولم تكن مشاركته اكيدة في المباراة في ظل معاناته من اصابة في ركبته. وقال غوك: "انني سعيد جداً لاحرازي هدف الفوز، واحيي الروح المعنوية لباقي زملائي في الفريق، والذين حافظوا على ثقتهم بالفوز في ظل تقديمهم اداء جيداً في المباراة عموماً، وروحهم القتالية العالية حتى اللحظات الاخيرة. اما حال ركبتي فما زالت تستلزم العلاج الدقيق، وسابذل جهدي للالتزام بالارشادات الطبية تمهيداً للشفاء الكامل". وبدوره وصف المدرب مو هو، المهاجم غوك، باللاعب الرائع: "اذ انه يمتلك القدرة على هز شباك الخصم في اي لحظة ومن اي فرصة متاحة، عبر استغلال ادنى ثغرة في دفاع الخصم". ولا يخفى ان انجازات غوك البطولية يمكن الا تبقي المدرب مو هو في مركزه، خصوصاً بعد الاخفاق الكبير الذي تعرض له في دورة الالعاب الاولمبية الاخيرة في سيدني. ورفض مو هو في هذا الاطار التعليق على التقارير التي وردت من كوريا الجنوبية حول حسم الاتحاد المحلي قرار اقالته بعد البطولة، واعلن ان تركيزه الكلي منصب حالياً على المباريات "علماً بانني ساخضع لاي قرار يتخذ سواء صب في مصلحتي او عدمها، واعتقد ان المنتخب عكس في مباراته امام ايران مستوى التطور الذي بلغه، وخصوصاً في الشوط الثاني، الذي شهد سيطرة كاملة للاعبينا في خط الوسط عبر التمريرات المتقنة والدقيقة، والتي عكست ايضاً القدرة الكبيرة على خلق الفرص الخطيرة وابداع الاهداف الجميلة". واشاد مو هو ايضاً بمستوى اداء خط دفاعه، وخصوصاً سيم جاي وون، الذي نجح بحسب قوله في الحد من خطورة دائي بالكامل طوال المباراة، الا انه كشف عدم رضاه عن اداء لاعبي الاجنحة في خط الوسط، وحدد معطيات استراتيجيته في المباريات بانها تختلف بحسب المنافسين "علماً باننا اعتمدنا التمريرات القصيرة بدلاً من الطويلة التي استعملت في المباريات السابقة، من اجل تفادي سيطرة اللاعبين الايرانيين الذين يتميزون بقاماتهم الممشوقة الكثيرة".