} طالب ملتقى الخرطوم التحضيري السياسي باستحداث منصب رئيس وزراء في السودان، واعداد ميثاق وطني تمهيداً لتشكيل حكومة قومية. لكن حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي انتقد الملتقى، في حين اتهم الحزب الشيوعي السوداني الحكومة بالتحضير لملاحقة قادته. وأرجأت هيئة قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض اجتماعاتها المقررة اليوم الى نهاية الاسبوع بسبب عدم حضور بعض أركان "التجمع". دعا ملتقى الخرطوم التحضيري الذي ترعاه الحكومة السودانية، الى استحداث منصب لرئيس الوزراء ووضع ميثاق وطني يؤدي الى حكومة قومية بعد اقرار تسوية سياسية في البلاد. وغابت عن توصيات الملتقى، التي صدرت في وقت متقدم من ليل الاربعاء - الخميس المطالبة بتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي نادى بها ممثلو الاحزاب المشاركة فيه. واعتبر حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي الملتقى "فاشلاً ونمطياً، أرادت به الحكومة ان يكون دعاية انتخابية لحشد التأييد". وقال نائب الأمين العام للحزب الدكتور علي الحاج في تصريحات للصحافيين امس "ان بعض الاقتراحات في الملتقى كان يمكن ان يساهم في حل الأزمة في حال اعتمدتها الحكومة مثل تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية". واشار الى "ان خلو التوصيات من هذا الاقتراح الذي طرحته غالبية المؤتمرين يعكس عدم جديتها، وسعيها الى تمرير برامجها من خلال الملتقى". واعتبر الملتقى حق تقرير المصير لجنوب السودان "أحد المرتكزات الاساسية للوصول الى السلام، والتمسك بوحدة البلاد"، ودعا الى "تعددية سياسية وحزبية منظمة بالقانون لضمان التداول السلمي للسلطة"، ونادى ب"وقف شامل لإطلاق النار فوراً تمهيداً للحوار بين كل القوى السياسية في الحكم والمعارضة". وطالب بتقويم النظام الرئاسي، واستحداث منصب لرئيس الوزراء يكون مسؤولاً أمام البرلمان، وضمان الحريات الاساسية وحقوق ممارستها والاهتمام برعاية حقوق الانسان، وان تكون المواطنة اساس الحقوق والواجبات. واكد "ان الشريعة الاسلامية والعرف الحميد هما مصدرا التشريع". وكان قادة جنوبيون بارزون طالبوا بفصل الدين عن الدولة، لكن توصيات الملتقى لم تتضمن ذلك. وشدد الملتقى على استقلال القوات المسلحة والخدمة المدنية والحركة النقابية، ولم يتحدث عن أي دور للجيش في السلطة، ودعا الى اصلاح اقتصادي شامل، وتوخي العدالة في توزيع مشاريع التنمية، ومنح الأولوية اقتصادياً للقضاء على الفقر. وفي شأن العلاقات الخارجية شدد الملتقى على حماية المصالح الاساسية للبلاد ومواصلة سياسة حسن الجوار وتعزيز دور السودان في المنظمات الاقليمية والدولية. وقال نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه "ان الملتقى التحضيري الذي استمر ثلاثة ايام يشكل منطلقاً جديداً نحو جمع الصف الوطني" مؤكداً "ان الحكومة ستعمل على استيعاب توصياته وتجسيدها على أرض الواقع"، وزاد: "في السودان متسع للحوار والرأي الآخر". ورأى مراقبون ان الملتقى تجنب التفاصيل الخلافية، وخلت توصياته من أي قرارات جريئة، وقصد منظموه الخروج بتوصيات فضفاضة وعامة مما أدى الى اضعافه، وبدا ان الحكومة أرادت به تعزيز موقفها التفاوضي في اللقاء التمهيدي الذي دعت اليه القاهرة لإقرار مبادئ تكون مرتكزاً للمصالحة. الى ذلك، اتهم الحزب الشيوعي السوداني المعارض الحكومة بالتخطيط لحملة جديدة تستهدف ملاحقة كوادره بغرض "اضعاف مواقع القوى الديموقراطية في انتخابات النقابات المرتقبة لضمان بقاء الموالين للحكومة في قيادة الحركة النقابية لدورة أخرى". وكان المؤتمر الشعبي جدد اتهامه للسلطات بالاستمرار في اعتقال ناشطيه، وطالب باطلاق أكثر من 150 معتقلاً في سجون الخرطوم والولايات. وشدد الحزب الشيوعي على ان "الارهاب" لن يثنيه عن مواصلة نضاله الجماهيري ونشاطه النقابي العلني، ودعا الى رفع حال الطوارئ. وفي أسمرا، ساد التكتم دوائر المعارضة السودانية أمس مع اعلان تأجيل اجتماع هيئة قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" الذي كان مقرراً اليوم. وينتظر أن يعقد خلال يومي السبت أو الأحد. وعلمت "الحياة" ان الاجتماع تأجل بسبب عدم حضور عدد من أعضاء الهيئة، بينهم رئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق. ورجحت مصادر في المعارضة عدم مشاركة قرنق في الاجتماع المقبل. ولم تتأكد بعد الأسباب الحقيقية وراء غيابه. وكان مقرراً أن يناقش اجتماع المعارضة السودانية عدداً من القضايا الملحة أهمها الخطوات المقبلة لمسألة التسوية السلمية للأزمة السودانية ومستجدات مسيرة "الحل السياسي الشامل". وهو اجتماع طارئ دعا اليه زعيم المعارضة السيد محمد عثمان الميرغني بعد اجتماعه مع الرئيس الاريتري اساياس افورقي في اسمرا. من جهة أخرى، اتهم مقرر حقوق الانسان الخاص الى السودان ليوناردو فرانكو التابع للأمم المتحدة الحكومة السودانية "الجيش الشعبي لتحرير السودان" بانتهاك حقوق الانسان، واعتبر السياسة التي يتبعها الطرفان انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، لكن الخرطوم نفت هذه الاتهامات ووصفتها بأنها باطلة.