القاهرة - "الحياة" - صدرت للناقد سمير غريب رئيس مجلس ادارة دار الكتب والوثائق القومية المصرية طبعة ثانية من كتاب "راية الخيال" في سلسلة الأعمال الفكرية التي تصدر في إطار مشروع مكتبة الأسرة. وكانت الطبعة الأولى من الكتاب صدرت في العام 1993 عن دار الشروق. يعالج الكتاب قضية السريالية من منظور عصري من خلال الفنون التشكيلية والمسرح والسينما والباليه والأدب والشعر، فضلاً عن السياسة وعلم النفس. وتكمن أهمية هذا الكتاب، كما يرى الفنان والناقد التشكيلي مصطفى الرزاز في تسليطه الضوء على السريالية، ذلك المذهب المهم في تاريخ الفكر الإنساني، لجهة تطوره، رواده ومؤسسيه والمدافعين عنه والمهاجمين له. ويضيف الرزاز في تقديمه للكتاب أن المؤلف بذل جهداً ملموساً في محاولة بعث الجو النفسي والمحتوى الثقافي المحيط بمذهب السريالية الذي يرتكز على عالم من التناقضات والطموحات اليوتوبية والتخبط السياسي والنزعة الإنسانية المتعطشة للحرية بلا قيود وبمنهج الرفض والتمرد والإثارة والضعف الإنساني والانتهازية وإعلاء اللاوعي. ويوضح الرزاز أن من جوانب قوة كتاب "راية الخيال" لسمير غريب أنه على رغم اعتماده التسلسل السنوي المتتابع للسريالية وقبلها للدادائية، إلا أنه يعود إلى ما قيل عنها على لسان روادها وغيرهم بعد مرور زمن طويل، ما يجعل التفسير اللاحق أكثر اتزاناً وموضوعية، ويلقي ضوءاً مخصباً بالتجربة المتواصلة لصاحب المقولة. ويسوق المؤلف أمثلة وعبارات مسهبة عن تجارب السرياليين الابداعية، موضحاً للقارئ حال الوجد حين تنصهر الخبرة في اللاوعي وتتوهج الفكرة والبنية والسياق. ويشير إلى الصرعة التي شاعت في الأوساط الثقافية والتي ترتكن إلى الكهانة وتحتفل بالتعبير وردود الأفعال الفصامية والبارانويا والهستيريا والاهتمام بتطبيق معطيات بحوث الطب النفسي والعرفة وتمجيد النشوج واللاوعي وتحضير الأرواح. ويعرض المؤلف كذلك علاقة السريالية ببعض النصوص في التراث العربي في الصوفية كما يتحدث عن المصادفة الموضوعية والإحساس المرهف بالمجهول. ويعالج اسهامات الفنانين التشكيليين السرياليين في النصف الأول من القرن العشرين أمثال سلفادور دالي وبيكاسو ومارسيل دو شان وهنري روسو وشاغال وكارلوكارا. ويختتم سمير غريب كتابه بنشر ترجمات لأشعار رواد السريالية من الأدباء مثل تريستان تزارا وفيليب سوبو وهانز آرب