زار الرئيس السوري بشار الأسد عمان امس بعد الرياض، عشية القمة العربية التي ستعقد في العاصمة المصرية بعد غد. وكان التقى في العاصمة السعودية امس وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت، وشدد على ان سياسات رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك لن تقود الى تحقيق السلام في المنطقة. وذكرت مصادر مطلعة ان اولبرايت حضت الأسد على استخدام نفوذ سورية للجم "حزب الله" ومنعه من "أي اعمال استفزازية"، فيما نسب الى مسؤول اميركي ان اسرائيل التزمت القرار 425 و"على سورية ان تحترمه ايضاً". واستمر اللقاء الرئيس السوري والوزيرة نحو ساعتين، وحضر جانباً منه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع. ووفقاً لمصادر مطلعة فإن الرئيس الأسد ابدى تحفظه عن نتائج قمة شرم الشيخ، موضحاً للوزيرة الاميركية ان الاتفاقات التي خرجت بها القمة لم تتعرض لأسباب الأحداث الدموية في الأراضي الفلسطينية، ومشيراً الى ان "هناك حالاً من الغضب والسخط في العالم العربي، وعلى الولاياتالمتحدة ان تأخذ ذلك في الاعتبار". وذكرت المصادر أن اولبرايت دعت الرئيس الأسد الى ابداء التعاون مع الجهود التي تبذل لتخفيف التوتر في الشرق الأوسط، واستخدام نفوذ سورية للجم "حزب الله" ومنعه من القيام بأي "أعمال استفزازية قد تثير اسرائيل وتوتر الوضع في المنطقة". وبدا ان الرئيس السوري رفض ما اعتبره، ضغوطاً اميركية، موضحاً ان "حزب الله" له استقلاليته في اتباع الأسلوب الذي يرى انه مناسب لمقاومة الاحتلال. وأوضحت المصادر ان اجتماع الرئيس الأسد بالوزيرة اولبرايت، وهو أول اجتماع مطول بين الرئيس السوري ومسؤول اميركي رفيع المستوى منذ تموز يوليو الماضي، تناول مستقبل المفاوضات على المسارين السوري واللبناني، واكد الأسد ان السلام في المنطقة سيكون معرضاً للانهيار اذا لم يكن شاملاً وعادلاً يضمن اعادة كل الأراضي العربية المحتلة واعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين. وشدد الأسد على ان "استمرار" سياسات حكومة ايهود باراك "لن يقود" الى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، داعياً الى الأخذ في الاعتبار "متطلبات السلام العادل"، في اي صيغة تقترحها الادارة الاميركية للحل على المسار الفلسطيني. وأوضح الناطق الرئاسي السوري السيد جبران كورية ان لقاء الأسد - اولبرايت حضره الوزير الشرع والمنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس، ومساعد وزيرة الخارجية ادوارد ووكر. ونقلت "الوكالة السورية للانباء" عن كورية ان المحادثات تناولت "الوضع الدقيق في المنطقة الناجم عن الأعمال العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، والتصعيد الاسرائيلي الخطير، والعدد الكبير من الضحايا الفلسطينية". وزاد ان الأسد "حمّل اسرائيل مسؤولية هذا التصعيد والآثار الناجمة عن استمراره، وعن التهديدات الاسرائيلية وانعكاساتها السلبية على محمل الأوضاع في المنطقة، وعلى العملية السلمية". وأشار الرئيس السوري الى ان "الغرق في التفاصيل من دون الاقتراب الاساسي لعملية السلام، وهو السلام العادل والشامل، لا يمكن ان يحل المشكلة القائمة". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول اميركي رفيع المستوى قوله ان اولبرايت شددت على "امتثال اسرائيل للقرار 425" بسحب قواتها من لبنان، لافتة الى ان "القرار ينص ايضاً على احترام سيادة لبنان واستقلاله". وتابع المسؤول: "اسرائيل احترمت القرار، ونريد رؤية سورية تحترمه ايضاً". الأسد في عمّان في عمّان، أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني محادثات مساء أمس مع الرئيس السوري تناولت تقويم الأوضاع في ضوء نتائج قمة شرم الشيخ، وتنسيق المواقف قبل انعقاد القمة العربية المقررة السبت. وقال مصدر أردني مأذون له إن محادثات العاهل الأردني مع الرئيس السوري "تناولت النتائج التي تمخضت عن قمة شرم الشيخ، وسبل تنسيق المواقف لضمان نجاح القمة العربية في تحقيق أهدافها، ومن أهمها العمل لوضع حد للعنف الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وإعادة عملية السلام الى مسارها الطبيعي". كما تناولت محادثات الملك عبدالله مع الرئيس الأسد، الذي غادر عمّان في وقت لاحق عائداً إلى بلاده، "سبل تطوير علاقات التعاون على كل الصعد". ونبه المصدر الأردني إلى أن التنسيق العربي عشية انعقاد قمة القاهرة "مسألة مهمة جداً لضمان تحقيق الحد الأقصى من التضامن في مواجهة التهديدات الاسرائيلية على الصعيد الاقليمي". واعتبر ان أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية "دفعت الأطراف المعنية إلى معاودة النظر في مواقفها إزاء سبل التعامل مع القضايا الاقليمية، وعلى رأسها عملية السلام"، موضحاً أن التصعيد الاسرائيلي "خلق واقعاً جديداً دفع الأطراف المعنية إلى مراجعة شاملة".