زادت حدة المنافسة بين مصنعي الطائرات المدنية "بوينغ" الاميركية و"ارباص" الأوروبية مع اقتراب حلول شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل الذي من المقرر ان تعلن فيه نتائج مناقصة دولية كانت طلبتها شركة "الخطوط الملكية المغربية" مطلع السنة الجارية وتستهدف شراء 24 طائرة جديدة من احجام مختلفة. وقالت مصادر مطلعة من الناقلة المغربية ل"الحياة" ان الاعلان عن الفائز بالمناقصة سيتم نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل بعد اخذ الضوء الأخضر من الجهات المسؤولة. وأضافت المصادر ان "الاختيار حُسم لفائدة مصلحة الشركة بناء على اعتبارات مالية وتقنية ولوجستيكية وان من قدم أحسن العروض كان بالتأكيد هو المتفوق وهذا ما سيتأكد بفتح الظروف المتضمنة في العروض". وتتكتم الناقلة المغربية عن الافصاح عن نوعية معايير الاختيار التي اعتمدتها في المناقصة للفصل بين المجموعتين الاميركية والأوروبية حفاظاً على سرية الصفقة التي تقدر قيمتها بنحو 1.5 بليون دولار وهي اكبر مناقصة من نوعها تبرمها منذ 14 سنة. لكن مصادر اخرى مقربة أفادت ان بين المعايير المعتمدة في الاختيار: عامل السعر وتوفير الطاقة والراحة التي توفرها التجهيزات الداخلية للركاب وصيانة المعدات، اضافة الى التسهيلات المالية ولو انها نقطة ثانوية على اساس ان الشركة المغربية لا تواجه مشاكل في تمويل صفقاتها التجارية. وقالت المصادر انه في حال تم اختيار "بوينغ" فإن "المغربية" ستتعاقد مع مصرف "اكزيم بنك" كما حدث عام 1986، عندما قدم مصرف التجارة الخارجية الاميركي ضمانات بقيمة بليون دولار. وفي حال اختيار "ارباص" فإن الشركة الفرنسية للتأمين على التجارة الخارجية "كوفاس" ستقدم ضمانات مماثلة للجانب المغربي. وتتسابق المجموعتان حالياً لحيازة مساحات اعلانية في كبريات الصحف المحلية للتعريف بآخر مبتكراتها في مجال الطيران. وتقدم "ارباص" نفسها على انها رائدة مستقبل النقل الدولي في الألفية الثالثة عبر طائراتها الضخمة "اي 30 اكس. اكس" بينما تقدم "بوينغ" نفسها على انها تمثل المتانة والسلامة وتضع موديل "بوينغ 767" تحت شعار "حدود جديدة دائماً". وكانت جهات مغربية طلبت مطلع الصيف الماضي معلومات اضافية حول نوعية الطائرات الجديدة التي تنوي المجموعتان بناءها في السنوات المقبلة بما في ذلك تلك التي لن تتجاوز مرحلة الاختبار. وعمدت "المغربية" مطلع الشهر الجاري الى اجراء اتصالات مع مصنعي محركات الطائرات لا سيما "رولز رويس" البريطانية و"برات اند ويتني" الاميركية للحصول على تفاصيل أكثر دقة من الجيل المقبل من المحركات للاستئناس بنوعية التكنولوجيا الجديدة المتاحة، وهي خطوة تقدم عليها الشركات الجوية عادة عندما تقترب من اتمام صفقات تجديد اسطولها. ويفسر المراقبون حيرة الاختيار بين "ارباص" و"بوينغ" بكونه يعكس جزءاً من ثنائية الانفتاح الاقتصادي على القارة الاميركية مع الرغبة في المحافظة على شراكة متميزة مع الاتحاد الأوروبي، وعلى رغم ان الأطراف المغربية تستبعد ان تلعب الاعتبارات السياسية اي دور في المناقصة، الا ان التحركات التي قام بها مسؤولون كبار من الشركتين في اتجاه المغرب طوال السنة الجارية تفسر حدة التنافس التي تعتبره "ارباص" مدخلاً لتحصيل صفقات بقيمة 50 بليون دولار لتحديث اساطيل نحو عشرة ناقلات عربية، وترغب "بوينغ" من جانبها في المحافظة على تواجدها في المنطقة والذي تكرس منذ بيعها الجيل الأول من طائرات بوينغ "707" و"727" الذي كانت زودت بها "المغربية" في الستينات ومطلع السبعينات. وتقول "المغربية" انها لا تستبعد شراء طائرات من المصنعين معاً في حال دفعت الحاجة الى ذلك. وتحتاج "المغربية" حسب المصادر نفسها الى 20 طائرة لاستخدامها على المسافات المتوسطة في اتجاه أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط ولاحلالها محل طائرات متقادمة من نوع "737" الجيل اول، بينما تحتاج الى طائرات كبيرة من طراز يشابه "747" لاستخدامه في المسافات الطويلة على خط الدار البيضاء - نيويورك - مونتريال، وخط الدار البيضاء - جدة وأبوظبي، وخط جوهانسبورغ في جنوب افريقيا. وتنوي "المغربية" تمثيل منطقة شمال افريقيا في المطارات الاميركية، وهي عقدت لهذا الغرض اتفاقاً مع شركة "الخطوط التونسية" وشركة "دلتا ارلاينز" الاميركية يسمح لها بمواصلة الرحلات من مطار "جي اف كندي" في نيويورك الى بعض المطارات الاميركية داخل الولاياتالمتحدة لا سيما ميامي ولوس انجليس وشيكاغو. وتوقع مدير عام الشركة محمد حصاد ان تتراجع أرباح "المغربية" نهاية السنة الجارية متأثرة بارتفاع اسعار الكيروسين الذي كلف الشركة في النصف الأول من السنة 50 مليون دولار اي ما يمثل مجموع أرباح عام 1998. لكنه قال ان الناقلة المغربية مرشحة لزيادة مبيعاتها 14 في المئة وان يفوق عدد الركاب 3.7 مليون مسافر بنهاية عام 2000.