رفضت هيئة قيادة "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان ومجلس الشورى في الحزب اقتراحاً قطرياً لتسوية النزاع بين الرئيس عمر البشير والامين العام للحزب الدكتور حسن الترابي، يصبح الترابي بموجبه رئيساً للحزب ويتم اختيار أمين عام جديد. وصدر الاعلان عن عدم الاتفاق على هذه المبادرة من الدوحةوالقاهرةوالخرطوم في اوقات متقاربة. وإختتم وزيرا الخارجية المصري عمرو موسى والليبي عمر المنتصر مساء أمس زيارة الى الخرطوم ركزت على تفعيل المبادرة المصرية - الليبية لحل المشكلة السودانية وتطوير التعاون الثنائي والثلاثي بين الجارات الثلاث. وفي شأن الاقتراح القطري، قال وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لدى عودته من الخرطوم أمس بعد جولة قادته الى العاصمة السودانية ثم القاهرة ثم الخرطوم مجدداً إن "قطر قدمت ورقة تضمنت أفكاراً لاصلاح ذات البين وبذلت جهوداً حثيثة للخروج بصيغة توفيقية بعد ادخال تعديل على إحدى فقرات الورقة". وأضاف أن "الترابي رفض التعديل المقترح فاقترحت قطر عليه اقرار الورقة السابقة التي وافق عليها فرفض أيضا". وقال إن زيارتيه للخرطوم وزيارته للقاهرة جاءت "في اطار المساعي التي تبذلها قطر لتقريب وجهات النظر بطلب من الترابي". وفي القاهرة قال موسى قبل توجهه الى الخرطوم إن الشيخ حمد أبلغه بأن الترابي رفض شروط المصالحة. لكن نائب الامين العام ل"المؤتمر الوطني" الدكتور علي الحاج قدم رواية مختلفة لما حصل وقال ل"الحياة" أن الترابي أبلغ هيئة قيادة "المؤتمر الوطني" خلال إجتماع عقدته "أن المبادرة القطرية طلبت منه التنازل من منصب الامين العام وأن يتولى رئاسة المؤتمر ويصبح متحدثا بإسمه في الداخل والخارج على أن ينتخب أمين عام جديد للمؤتمر". وتابع أن الترابي أوضح للهيئة إنه وافق على الاقتراح "لأنه يتعلق بشخصه ولم ير أن من الحكمة أن يجادل عن نفسه ومنصبه أمام وساطة خارجية. إلا أن الهيئة وجهت نقداً للامين العام لأنه قطع في أمر لا يخصه وحده. وقرر الاجتماع رفض الاقتراح القطري لأنه مخالف لقرارات هيئة الشورى التي أجازت بالاجماع توصيات لجنة رأب الصدع". وقال أن اللجنة "قررت أن يبقى الامين العام في منصبه والرئيس في منصبه". وأشار الى أن الوزير القطري عاد الى الخرطوم اثر زيارته القاهرة وأبلغ بقرار هيئة الشورى. وأضاف أن الشيخ حمد ذكر أن مشاوراته مع رئاسة الجمهورية أدخلت تعديلا يجعل رئيس الجمهورية يتولى منصب الامين العام. وقال الحاج: "أوضح أعضاء هيئة الشورى أن ذلك مخالف للنظام الاساسي الذي يحظر الجمع بين منصبي رئيس الجمهورية والامين العام للحزب". وزاد أن "أعضاء هيئة الشورى الذين حضروا المقابلة ثمنوا جهود دولة قطر ودعوها الى تولي حلول متسقة مع قرارات هيئة الشورى ولجانها". في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم لجنة "رأب الصدع"، في بيان تلقته "الحياة" أمس، إن لجنته "إطلعت على فحوى ومقاصد المبادرات المطروحة وما اثير في شأن تخلي الامين العام ورئيس المؤتمر عن منصبيهما، وهي تشيد بها، خصوصاً مبادرة دولة قطر الشقيقة الداعية الى تعزيز التضامن بين رموز الدولة. ومع تقدير اللجنة لهذه الجهود فانها تعلن أن ما هو متداول عن تخلي الامين العام والرئيس عن منصبيهما لا يتفق مع مشروع المعالجة الشاملة الذي أجازه مجلس الشورى". وكان اجتماع هيئة الشورى الاخير نجح في التوصل الى قرارات أعرب طرفا النزاع عن تأييدهما لها لكنهما اختلفا في تفسيرها. وإجتمع الوزيران المصري والليبي مع الرئيس عمر البشير ومسؤولين سودانيين آخرين. وأكد بيان مشترك صدر بعد المحادثات ضرورة تفعيل المبادرة المصرية - الليبية والتنسيق مع مبادرة دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا إيغاد. وقررت الدول الثلاث عقد إجتماعات دورية في العواصم الثلاث تبدأ بإجتماع في القاهرة الشهر المقبل. وأكد موسى في مؤتمر صحافي مساء أمس أن السفير المصري لدى السودان سيحدد قريباً للانتقال الى الخرطوم وتسلم عمله. وعلق على النزاع المستمر في الخرطوم قائلاً: "حديثنا عن التطورات ليس من باب التدخل في شؤون السودان، ولكن حرصاً على المتابعة". ورد على سؤال عن تحفظ المتمردين الجنوبيين عن المبادرة المصرية - الليبية وتحفظ أطراف في المعارضة ومصر عن إتفاق جيبوتي بقوله إن "هناك تطورات جديدة في السودان شجعت على دفع جهود السلام. هذه التطورات يجب أن تزيل كل التحفظات السابقة عند المعارضة سواء على المبادرة المشتركة أو إتفاق جيبوتي وأن نجعل هذه التحفظات وراءنا وننطلق الى الامام". وزاد إنه لا يعتبر النزاع على مثلث حلايب الحدودي مشكلة وإن أي حديث عن تقرير المصير للجنوب سابق للتطورات الاخيرة. وأكد المنتصر من جهته أن "أي تحفظ على المبادرة المشتركة تم بإيعاز خارجي وتدخلات".