أثار إعلان "الحركة الشعبية لتحرير السودان" رفضها المبادرة المصرية - الليبية لمعالجة النزاع السوداني جدلاً واسعاً في الأوساط المعنية بالقضية وتكهنات باحتمال فشل الجهود من أجل تحقيق اجماع سوداني على التسوية السلمية، لكن مسؤولين مصريين معنيين بملف السودان أكدوا أنهم نجحوا في اقناع زعيم التمرد الجنوبي العقيد جون قرنق ب"إعادة النظر في موقفه من المبادرة بعد تأكيدهم له عدم وجود تعارض بين الجهد المصري - الليبي ومبادرة دول الهيئة الحكومية للتنمية ايغاد" للتسوية بين قرنق والخرطوم. في غضون ذلك اعتبرت الخرطوم أن رفض قرنق المبادرة "يحمل دلالات وموقفاً جديداً". وسعى معارضون سودانيون الى تخفيف وقع إعلان قرنق مشيرين الى أن "لديه تحفظات تجري مناقشتها". وقوّم المسؤولون المصريون في إجتماعين مطولين عقدوهما مع قرنق الموقف في ضوء ردود الحكومة السودانية على المبادرة. وقالت مصادر ديبلوماسية مصرية ل"الحياة" إن المشكلة السودانية مدرجة على جدول اعمال وزير الخارجية عمرو موسى في محادثاته مع نظيرته الاميركية مادلين أولبرايت في منطقة برج العرب غداً الخميس". وأكدت المصادر أن إجتماع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار السوداني المقرر في 13 من الشهر الجاري في القاهرة "قائم في موعده"، وأن الوسطاء في انتظار إعلان المعارضة تشكيل وفدها الى هذا الاجتماع. وقال الأمين العام للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر يوسف والي إن قرنق أبلغه تأييده لجهود مصر وليبيا طالما أنها ستحتفظ للسودان بوحدته، لكنه أبدى شكوكاً في اطروحات الخرطوم للمصالحة وعارض بشدة وقف النار الشامل قبل التوصل الى حل شامل للمشكلة السودانية. وعلق وزير الاعلام السوداني رئيس الوفد الحكومي الى إجتماع القاهرة الدكتور غازي صلاح الدين على التطور الجديد بقوله إن "البيان الذي اصدرته الحركة الشعبية يحمل دلالات وموقفاً جديداً. لم نبلغ بأي تغيير رسمياً، ونحن ملتزمون بالمبادرة ولنا رؤيا واضحة. وأحد شروط المبادرة أن يوحد كل طرف مواقفه قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات". وزاد ان "الوسطاء حددوا موعد إجتماع اللجنة ما يعني أنهم إتفقوا مع الطرفين قبل ذلك". من جهة أخرى، أعرب رئيس الوزراء السوداني السيد الصادق المهدي في حديث الى "الحياة" عن تفاؤله بإمكان الحل السياسي للأزمة في السودان، مشيراً إلى "أن التهديدات المحيطة بالبلاد هي الدافع الرئيسي للحكومة والمعارضة الى قبول التسوية". وقلل من شأن عدم مشاركة قرنق في اجتماعات قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض في القاهرةوطرابلس أخيراً، مشيراً إلى أن توقيع ممثلي الحركة على "إعلان طرابلس" يؤكد موافقة المعارضة على المبادرة الليبية لحل النزاع. نص الحديث ص6