دشنت زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير صفحة جديدة في العلاقات بين القاهرة والخرطوم انعكست في حفاوة الاستقبال الذي حظي به الرئيس السوداني لدى وصوله الى القاهرة، وحرص الرئيس المصري حسني مبارك على ان يكون على رأس مستقبليه في مطار القاهرة. وفي تطور مفاجئ ابلغ رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض السيد محمد عثمان الميرغني المسؤولين المصريين، امس، انه ارجأ زيارته الى القاهرة التي كانت متوقعة امس "لمنع حدوث شرخ في المعارضة السودانية". وقالت مصادر مصرية ان الميرغني اعتبر ان "مثل هذا اللقاء مع البشير لا بد ان يحظى بموافقة جميع فصائل التجمع". وكان منتظراً ان يجتمع الميرغني مع البشير خلال زيارة الرئيس السوداني الحالية الى القاهرة التي تختتم اليوم. في غضون ذلك اعربت لجنة مصالحة بين البشير والترابي تعقد اجتماعات مغلقة منذ ثلاثة ايام عن تفاؤل بحل الخلافات التي كادت تعصف بحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم. وأفادت مصادر في اللجنة "الحياة" ان المجموعة التي تمثل موقف الترابي تنازلت عن رئاسة اللجنة لوزير التعليم العالي الدكتور ابراهيم احمد عمر وهو واحد من سبعة اختارهم البشير لتمثيله في اللجنة. واعتبرت ان الخطوة تمثل اتجاهاً نحو التسوية وعدم انزعاج من مواقف متآمرة محتملة. وافادت ان اللجنة حددت جدول اعمالها في اعطاء اولوية لمسألة وحدة صف الحزب الحاكم. وعلمت "الحياة" ان اللجنة تعتزم التقدم باقتراحات تسوية مشتركة الى اجتماع هيئة الشورى المقرر الاثنين القادم في حال توصلت الى اتفاق. وتخشى اطراف في الحزب ان يتحول الاجتماع الحاسم الى مواجهة حادة من دون اتفاق اللجنة، ولذلك اعدت لجنة وساطة اخرى يقودها رئيس الهيئة الدكتور عبدالرحيم علي اقتراحاً بديلاً لم يكشف عنه. وتأتي زيارة البشير الى مصر بعد اكثر من ثلاث سنوات على آخر زيارة شارك فيها في قمة القاهرة التي انعقدت في حزيران يونيو 1996، كما تأتي في ظل اجواء مختلفة بعد الدعم المطلق الذي قدمته القاهرة للاجراءات التي اتخذها الرئيس السوداني منذ نحو عشرة ايام وشملت حل البرلمان واعلان حالة الطوارئ بقصد الحد من نفوذ الدكتور حسن الترابي. ووصل البشير آتياً من طرابلس حيث شارك في قمة خماسية ضمت الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس الاريتري اساياس افورقي والرئيس الاوغندي يويري موسيفيني ورئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية لوران كابيلا. واعلن القذافي توصل البشير وأفورقي الى اتفاق يشمل تبادل السفراء واستئناف الرحلات الجوية. تفاصيل ص 5 وعقد مبارك والبشير جلسة محادثات ثنائية امس اقتصرت عليهما وتناولت تقويم الوضع الداخلي في السودان بعد حل البرلمان. واستبعد البشير لجوء الترابي الى اجراءات تصعيدية، فيما اكد الرئيس مبارك دعم قادة دول الخليج التي زارها السعودية وقطر والبحرين والامارات للاجراءات التي اتخذها البشير وللشرعية في السودان. وتناولت المحادثات آفاق المصالحة السودانية والدور الذي يمكن ان تقوم به القاهرة بالتنسيق مع طرابلس في اطار مبادرتهما المشتركة لايجاد حل سياسي شامل في ضوء المحادثات التي اجراها البشير مع موسيفيني وأفورقي لانهاء الحرب في جنوب السودان وشرقه. واعربت مصادر مصرية عن تفاؤلها بامكان احراز تقدم باتجاه المصالحة في ضوء توجه البشير الى اجراء انتخابات عامة تشارك فيها كل الفعاليات السياسية السودانية بعد الاتفاق على الترتيبات اللازمة والمعارضة السودانية عبر الوسيطين المصري والليبي وبشكل مباشر من خلال الاتصالات القائمة بين الحكومة والمعارضة. وعرض البشير اخيراً تشكيل "جبهة وطنية عريضة" لكن دعوته لم تجد ترحيباً حتى الآن. وترى مصادر مصرية ان الاجواء مواتية هذه المرة لدفع العلاقات بين البلدين وتحسينها بعد ازاحة رئيس البرلمان المنحل الدكتور حسن الترابي الذي تحمله القاهرة مسؤولية تدهور العلاقات وتهديد الامن القومي المصري. وتنتظر القاهرة ايضاً ان تفتح الاجراءات التي اتخذها البشير الباب امام استئناف الحوار بين واشنطن والخرطوم لجهة استئناف العلاقات الديبلوماسية على مستوى السفراء والدخول كطرف داعم للحل السياسي في السودان. ورفعت القاهرة الحرج عن الرئيس السوداني وقادة المعارضة لجهة عقد لقاء يضم الجانبين. وقال وزير الخارجية عمرو موسى إن للرئيس السوداني مطلق الحرية في لقاء او الاتصال بمن يشاء.