} السجال السياسي الذي اندلع على نطاق واسع في اليومين الاخيرين بين رئيس الحكومة سليم الحص وبين سلفه الرئيس رفيق الحريري لن ينسحب على الاقل من حيث الحدة التي اتسم بها، على الجلسات النيابية التي تبدأ غداً الثلثاء وتستمر حتى يوم الخميس، والمخصصة لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام ألفين والتصديق عليه بعد التعديلات التي سيدخلها النواب، خصوصاً وانها ستكون عادية على غرار موازنة العام الماضي. قال نواب من الموالاة والمعارضة ممن اجمعوا على ضرورة تهدئة الاجواء السياسية عشية استعداد المجلس النيابي لمناقشة الموازنة ان الحديث عن التهدئة لا يعني ان الصمت سيكون سيد الموقف بمقدار ما ان المطلوب في الظروف الراهنة تغليب الانتقاد الايجابي لبنود الموازنة على ما عداه من تبادل الاتهامات في العودة الى الماضي بدلاً من الالتفات الى المستقبل على قاعدة التعاون للتفكير بهدوء عن الحلول المقترحة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية على رغم ان المسألة في هذا الخصوص تقع على عاتق الحكومة، التي اعدت خطة للتصحيح المالي يبدو ان نتائجها لن تظهر الى العلن في المدى المنظور. وأكد النواب ل"الحياة" ان السخونة السياسية التي خلّفها السجال بين الحص الذي رد على ما قاله الحريري في الحوار المفتوح الذي اقيم في صيدا قد تسحب على جلسات الموازنة، وهذا ما استعجل مبادرة الوسطاء الى التدخل على عجل، بغية توفير الاجواء الملائمة التي تفسح في المجال امام اشتراك النواب في مناقشة الموازنة من دون ان يكونوا محكومين بالمناخ السياسي المترتب على كلام الحريري الذي اعتبره انه جاء في معرض الدفاع عن النفس ورد الحص الذي لا يمكنه حسب اوساطه السكوت عن الحملة التي استهدفته. ومما يدعو الركون الى "المساعي الحميدة" التي باشرها عدد من الوسطاء وفي طليعتهم النواب للتخفيف من حدة الخطاب السياسي وعدم بلوغه قبة المجلس النيابي، هو ان هؤلاء سمعوا كلاماً من المسؤولين السوريين الذين التقوهم في عطلة نهاية الاسبوع، انهم غير مرتاحين للتصعيد السياسي المستخدم في طرح القضايا وكان من الافضل اتباع لغة الهدوء في تقديم المواقف او الدفاع عنها. وفي هذا السياق، اكد النواب ان غياب لغة الحوار بين الحكومة والمعارضة أدى ويؤدي الى كهربة الاجواء السياسية على رغم من الارتياح السوري للجهود الناشطة على صعيد تطبيع العلاقة بين رئيس الجمهورية إميل لحود من جهة والمعارضة متمثلة بالدرجة الاولى بكل من الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من جهة ثانية. وتابعوا ان "مصدر الارتياح السوري يعود الى ان دمشق التي اخذت على عاتقها مواكبة الحوار القائم بين الرئيس لحود وبين المعارضة اخذت تلمس تبدل الاجواء في اتجاه تجاوز الآثار السياسية التي كانت وراء اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة". وأكدوا ان "دمشق التي تحرص على تطبيع العلاقة بين لحود والمعارضة، تبدي حرصاً مماثلاً حيال علاقتها الوطيدة بالحص. وهي ترغب، بالتالي، الا يربط احد ما قاله الحريري باللقاءات التي عقدها في بحر الاسبوع الماضي مع عدد من المسؤولين السوريين وفي مقدمهم العقيد الركن الدكتور بشار الأسد". ولفت النواب الى ان المسؤولين السوريين يتجنبون الدخول في مضمون ما حملته الحملات المتبادلة ويعتبرون انه شأن داخلي، لكنهم يتوجهون بعتب على الحريري من زاوية ان البعض قد يفسر ما اورده من مواقف وكأنه على اتصال وثيق بالاجواء الايجابية التي سادت محادثاته في دمشق. وبكلام آخر، رأى النواب ان العتب السوري يتعلق بالتوقيت لجهة ان الحوار مع الحريري اعقب مباشرة لقاءاته في العاصمة السورية، وذلك بغية قطع الطريق على من يحاول ان يجتهد في البحث عن الاسباب وصولاً الى الربط بينهما، اسوة بما كان يحصل في العهد السابق حيث ان البعض كان يوقت هجومه على الحكومة فور عودته من دمشق التي كانت تضطر للتدخل منعاً لأي التباس. وأكد النواب ان دمشق تنشد الحفاظ على الاستقرار السياسي، وقالوا ان "دعوات المسؤولين السوريين تخدم على الدوام هذا التوجه، شرط عدم السكوت عن الاخطاء وسوء الاداء للحكومة في حال حصولهما"، مشيرين الى ضرورة تقطيع المرحلة التي لا يمكن عزلها عن دقة الوضع السياسي في المنطقة التي ما زالت تشهد تطورات سيتقرر على ضوئها مصير الجهود الآيلة الى تزخيم المحادثات المتعلقة بالعملية السلمية، والتي تستوجب قيام مرحلة سياسية جديدة ستتبلور معالمها من خلال الانتخابات النيابية التي ستجري في آب أغسطس المقبل. ولاحظ النواب ان دمشق لا تحبذ حرق المراحل السياسية قبل ان يحين أوانها عند استحقاق الانتخابات النيابية خصوصاً وأنها تبدي ارتياحها للمرونة التي اظهرها الحريري اخيراً ولموقفه من احداث الضنية. وتمنى النواب - من وجهة نظرهم - لو ان الحريري اعتمد تفادياً منه لأي ربط بين كلامه وبين لقاءاته في دمشق، الرد غير المباشر للدفاع عما يتعرض له وذلك من خلال النواب المنتمين الى كتلته. وفي المقابل، اكد الحريري امام اوساطه عدم الربط من حيث التوقيت بين محادثاته في دمشق وبين تحديد الموعد للحوار سيما وأنه كان حدد قبل عدة اسابيع ولم تكن اللقاءات مقررة في حينها. وقال ان طبيعة الحوار قاده للرد المباشر على الحملات السياسية المنظمة التي تستهدفه، والتي جاءت في الساعات الاخيرة التي سبقت الحوار الذي دعي اليه في صيدا. ونقلت عنه قوله: "لا علاقة للأخوة في سورية لا من قريب ولا من بعيد بما قلته او بالحملات التي استهدفتني، وهم لا يريدون ذلك، لكن ما تحدثت عنه، يبقى أقل بكثير من كل ما صدر عن نواب في "حزب الله" اذ اني دافعت عن الحكومة في بعض الأمور".