سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان : مشاورات رئاسية لتنقية الأجواء وتكثيف للحوار السياسي . تطورات المنطقة تستدعي الإستقرار وتطبيع العلاقات انفراج بين لحود وجنبلاط ولقاء قريب في بيت الدين
في ظل استبعاد التغيير الوزاري في لبنان على الاقل في المدى المنظور، كانت ضرورية مبادرة الموالاة والمعارضة بإشاعة مناخ سياسي ينعش الحوار ويعيد العلاقة بين الاطراف الى حالها الطبيعية، اذ ليس مطلوباً تجميد الحياة السياسية بل معاودة التواصل المترتب على دقة المرحلة السياسية التي يجتازها لبنان والمنطقة، والناجمة عن وصول ايهود باراك الى رئاسة الحكومة في اسرائيل ومبادرة الادارة الاميركية بالترويج ان وصوله يستعجل تحريك العملية السلمية. بات تحديد ابرز العناوين للوضع الاقليمي يتطلب تحسين اداء عدد من الوزراء، ما دام لا حديث في الوقت الحاضر عن التغيير او التبديل الوزاري، وان الحديث الوحيد يدور على استحقاق اساسي هو مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام 1999 والمصادقة عليه. وانطلاقاً من تقدير كل الاطراف حساسية الوضع الاقليمي، كان تركيز على الاستقرار السياسي الذي بات لبنان في حاجة اليه اكثر من اي وقت مضى بعد المجزرة التي استهدفت قصر العدل في صيدا، اضافة الى ضرورة متابعة ماذا سيحصل في اسرائيل بدءاً بتشكيل الحكومة الجديدة واتجاهاتها الرئيسية في شأن الموقف من مفاوضات السلام، وفي ضوئها سيتم تقويم المرحلة المقبلة على قاعدة التشاور الدائم بين بيروتودمشق. ولم تكن مجزرة قصر العدل سوى رسالة مدروسة من الاطراف المتضررين من ثبات الاستقرار، وهذا ما خلصت اليه القراءة الاولية للقيادتين اللبنانية والسورية باتهامهما جهات اقليمية وعلى رأسها اسرائيل بتنظيم اغارة على الوضع الامني، لإرباك الساحة بعدما نجحت الدولة في استعادة جزين من دول حصول "ضربة كف" او الرضوخ للشروط الاسرائيلية. لذلك يستدعي القلق من اي محاولات للعبث بالوضع - توفير مناخ سياسي عام يسهم في تحصين الساحة وهذا يفرض تعزيز الانفتاح بين كل الاطراف من خلال تنظيم حوار تطرح فيه كل القضايا في هدوء وموضوعية اذ ليس مطلوباً الصمت في حال تعذر على هذا الفريق او ذاك الهجوم. وعليه تدعو دمشق كل الاطراف الى الخروج من معادلة الصمت لمصلحة تنشيط الحوار، اعتقاداً منها ان تعميم المناخ السياسي الايجابي يساعد على تحصين الوضع الامني لقطع الطريق على من يحاول التربص بلبنان ومن خلاله بسورية. ولدمشق ملء الثقة بالخط السياسي لرئيس الجمهورية إميل لحود ووطنيته وباستعداد الجميع للتعاون، خوفاً من ان يترك سوء الاداء لأي طرف ثغراً يمكن ان تؤثر سلباً في المسار السياسي العام. وعلى رغم ان دمشق لا تتدخل في التفاصيل وتنصح على الدوام بأهمية تطبيع العلاقة بين الرئيس لحود والحكومة من جهة، وأبرز القوى السياسية من جهة اخرى، كأنها في المقابل تدعو الى قيام حوار انطلاقاً من تحلي الجميع بسعة الصدر التي تسمح بالتغلب على المشكلات القائمة. ولم يكن الموقف السوري الداعم للرئيس لحود، مقروناً بحديث ايجابي عن رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، سوى رسالة يفهم منها تجميع القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها في مواجهة مستجدات المرحلة الراهنة. وفي هذا السياق لا يمكن عزل اللقاءات الرئاسية التي عقدت امس وتجلت باستقبال الرئيس لحود صباحاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأعقبته زيارة مسائية لرئيس الحكومة سليم الحص لقصر بعبدا. وسبق لرئيس المجلس ان تلقى اتصالاً من رئيس الحكومة هنأه فيه بعودته بالسلامة من تونس، بعدما كان الاول استقبل نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر في زيارة مجاملة. ووصفت مصادر بري اجواء الاجتماع مع لحود بأنها كانت "ايجابية جداً" وانه اطلع رئيس الجمهورية على نتائج محادثاته في تونس وبرنامج زيارته طهران اليوم. وقالت ان لحود وبري تبادلا وجهات النظر في عدد من المواضيع المحلية ولا سيما منها مشروع الموازنة العامة للعام 1999. الا ان مصادر سياسية شددت على اهمية التعاون القائم بين لحود وبري الذي لم يتأثر ببرودة عابرة رتبتها انتخاب حصة المجلس النيابي في المجلس الوطني للاعلام، مشيرة الى تجاوزها فور الانتهاء من الانتخاب، خصوصاً ان رئيس الجمهورية لم يتدخل في انتخاب رئيس هذا المجلس. وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية كان له موقف واضح رافض للتدخل ابلغه الى الذين اتصلوا به للوقوف على رأيه، رغبة منه في تأكيد حياده، خصوصاً ان الجميع كان على علم بموقفه. وقالت ان متانة العلاقة بين لحود وبري ورغبتهما في التعاون افسحتا في المجال امام اجراء تقويم ايجابي للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وقد اقرا بوجوب التغلب على كل اشكال سوء التفاهم الذي حصل اخيراً بين رئيسي المجلس والحكومة. واعتبرت ان ترتيب العلاقة بين المجلس النيابي والحكومة امر ضروري في وقت اخذت علاقة لحود بالحريري تتجاوز الماضي على طريق الدخول في تطبيع، خصوصاً انها تخطت منذ مدة تبادل العتاب وأخذت تقترب من التواصل. ورأت ان المرحلة الراهنة تقضي في الدرجة الاولى اعادة النظر في العلاقات السياسية لجهة الانفتاح والتفاعل الايجابي وهذا ما يفسر ما بلغته العلاقة بين لحود وجنبلاط من تطور ايجابي من خلال الاتصالات الجارية بالواسطة ولا بد من ان تنتقل الى طور الاتصال المباشر. وعلمت "الحياة" ان ما من اشكالات تحول دون التلاقي المباشر بينهما، خصوصاً بعد التوصل الى مخرج لقضية نقل تمثال كمال جنبلاط من الباحة الرئيسية لقصر بيت الدين، اضافة الى ان لجنة مهرجان بيت الدين برئاسة السيدة نورا وليد جنبلاط ستباشر اليوم الاعداد تحضيراً لانطلاق المهرجان. واستناداً الى المعلومات توقعت مصادر سياسية ان يبادر جنبلاط الذي يعود مساء اليوم الى بيروت منهياً زيارته لكوبا، بإجراء اتصال برئيس الجمهورية، هو الاول منذ شهور بينهما، على ان يعقبه بزيارة قريبة له في قصر بيت الدين الذي ينتقل اليه لحود نهاية كل اسبوع لتمضية قسم من فصل الصيف. وأبدت المصادر ارتياحها الى توسيع رقعة الحوار التي ستساعد على اراحة المناخ السياسي العام في مواجهة التطورات التي لن تغيب عنها الضغوط على عتبة الاستعداد لاستئناف مفاوضات السلام في الشرق الاوسط.