أعلن القائد العام للشرطة الاسرائيلية يهودا فيلك أن "هيئة الشرطة القطرية للتحقيق في جرائم الاحتيال" هي الجهة التي ستكلف التحقيق الجنائي في الفضيحة المالية للرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان، في اشارة واضحة الى خطورة ما كشف حتى الآن في ما يتعلق بهذه القضية التي أضحت مثل "كرة الثلج" المتدحرجة تلصق بها المزيد من المتورطين. وقال فيلك في مؤتمر صحافي قبل بدء العطلة اليهودية الاسبوعية أن هذه الهيئة ستتولى متابعة القضية، مشيرا الى أن وايزمان سيضطر الى الخضوع للاستجواب ليكون أول رئيس في تاريخ الدولة العبرية يجرى التحقيق معه في قضية جنائية. وأكدت النائبة العامة للدولة ادنا أربيل أن المعلومات الجديدة التي تكشفت لدى الشرطة هي التي دفعت الجهات المختصة الى فتح تحقيق جنائي في القضية، مشيرة الى أنه كان يجب على وايزمان اطلاع الشرطة على تفاصيل القضية منذ البداية. وكشف تحقيق الشرطة في مكتب مدققي حسابات وايزمان أنه تسلم نصف مليون دولار من المليونير وتاجر الاقمشة اليهودي الفرنسي ادوارد سروسي مقابل "خدمات استشارية" وليس "كهدية من صديق قديم" كما قال. ويشمل التحقيق أيضا التهرب من دفع مستحقاته الضريبية تحت غطاء تلقي "هدايا"، بالاضافة الى حصوله على ربع مليون دولار اضافي من "صديق". واتهم الصحافي الاسرائيلي يوآب يعقوب الذي كشف ملابسات هذه القضية، وايزمان بالحصول على ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار عام 1984 من حزب العمل الاسرائيلي، وتحديدا من المسؤول المالي للكيبوتسات المستوطنات الزراعية في الحزب في حينه ديفيد بلاس مقابل دعمه تشكيل حكومة وحدة وطنية بزعامة شمعون بيريز. ويقول الصحافي أن وايزمان حصل على هذه الاموال عن طريق شركة لتأجير السيارات، هو في الواقع أحد الشركاء المساهمين فيها. وقيدت في السجلات الرسمية على أنها "قرض". ويؤكد الصحافي أن وايزمان الذي انسحب في حينه من تكتل ليكود اليميني وشكل حزبه الخاص مع ثلاثة من النواب الاسرائيليين إنتقل بعد ذلك الى حزب العمل. ويضيف أن لديه وثيقة تحمل توقيع وايزمان يتعهد خلالها بدعم تشكيل حكومة وحدة ورسالة من وزير الشرطة الاسرائيلي السابق حاييم بارليف المتوفى يشكر وايزمان فيها بحرارة على مساعدته لحزب العمل. ويشكل هذا الاتهام اذا ما ثبتت صحته ضربة قاصمة لحزب العمل ويمكن أن يطيح عددا لا بأس به من زعماء هذا الحزب الذي يترأسه رئيس الحكومة الحالية ايهود باراك الذي تعرض هو الآخر أول من أمس الى تحقيق أولي في شأن تورط منظمات في جمع تبرعات لحملة انتخابات الحزب الاخيرة. وخرج حزب العمل المشارك في الائتلاف الحكومي عن "حياده" في هذه القضية، إذ "نصح" وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين وايزمان ب"الخروج في اجازة" الى حين الانتهاء من التحقيق. وأصدر مكتب رئيس الحكومة بيانا مقتضبا أعرب فيه عن اعتقاده بأن وايزمان "يستطيع اتخاذ القرار المناسب" في ضوء بدء التحقيق وما يسفر عنه من نتائج. أما الوزير الوحيد الذي طلب من وايزمان الاستقالة فهو وزير الاسكان اسحق ليفي من حزب مفدال اليميني المتدين. ورأى 42 نائبا اسرائيليا استطلعت آراؤهم من بين 72 نائبا أن على وايزمان الخروج في اجازة أو الاستقالة، فيما قال 17 من هؤلاء أن عليه البقاء في منصبه. وبغض النظر عن تداعيات القضية وما يسفر عن التحقيق من نتائج ما زالت غالبية الاسرائيليين تتساءل عن "مصدر" هذه الكمية من المعلومات التي وصلت الى يد الصحافي الاسرائيلي وعن توقيت خروج هذه المعلومات. ورغم علامات الاستفهام الكبيرة، يبقى الاسرائيلون أمام حقيقة واقعة: أول رئيس في تاريخ الدولة يخضع لاستجواب في قضية رشوة واحتيال بعد أن سبقه الى ذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق رابين في قضية حسابه البنكي المشترك مع زوجته في الولاياتالمتحدة. يومها قدم رابين استقالته، أما وايزمان فما يزال يصر، ومعه أكبر محام في الدولة العبرية على أنه برئ من التهم المنسوبة اليه.