يثير بعض الاجراءات التي بدأ تطبيقها في الكويت لتحميل أرباب العمل قسماً من كلفة الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للوافدين، جدلاً حول الحد الذي يمكن أن تبلغه هذه الاجراءات قبل أن تصبح الكويت بيئة طاردة للكفاءات الوافدة بسبب تآكل الأجور. في حين يرى مسؤولون حكوميون ونواب برلمانيون ان هذه الاجراءات ضرورية يمكن استيعابها لو أنها طبقت بعدالة وبأسلوب صحيح. وتعتمد الكويت - كما معظم دول الخليج - بشكل حاسم على العمالة الوافدة التي تشكل 97 في المئة من العاملين في القطاع الخاص و30 في المئة من العاملين في القطاع الحكومي. ويبلغ مجمل عدد الوافدين مليوناً ونصف المليون مقابل 800 ألف كويتي. وتشير الأرقام الرسمية الى أن الموازنة العامة تتكلف ألف دينار 3200 دولار سنوياً على كل وافد لتوفر له الخدمات العامة، مثل الصحة ودعم الكهرباء والماء وبعض المواد الغذائية وخدمات أساسية أخرى. والرأي الذي ساد في ظل تدهور الموارد النفطية في السنوات الأخيرة ان الوقت حان كي يتحمل أرباب العمل أو الوافدون أنفسهم جزءاً من هذه الكلفة. وستبدأ الكويت قريباً تطبيق نظام التأمين الصحي للوافدين برسم سنوي يبلغ 60 ديناراً 200 دولار للفرد، وسيكون دفع هذا الرسم شرطاً لقبول الاقامة، بحسب ما قاله مسؤول حكومي. غير أن شركات التأمين التي ستكلف مهمة تنظيم هذه العملية تعتبر المبلغ متواضعاً، وتعتبر ان الحد الأدنى للتأمين يجب أن يكون 150 ديناراً. ونقلت صحيفة "الوطن" عن القنصل المصري في الكويت انه عبّر لنواب في مجلس الأمة البرلمان عن قلقه من هذه الرسوم "التي ستمس بالدرجة الأولى الجالية المصرية 280 ألفاً التي سيدفع أفرادها مبالغ لا قبل لهم بها وليست متدرجة مع الدخول تصاعداً وتنازلاً"، ومن المؤكد أن السفارات الأخرى في الكويت لديها القلق نفسه. والى التأمين الصحي، هناك نظام جديد يرفع رسوم الاقامة على الوافدين في مجالات أخرى تزيد من نسبة التزام الوافد سداد كلفة الخدمات التي تقدم اليه. وعلى رغم ان القوانين الجديدة والتعديلات القانونية في هذا الاتجاه تحمل رب العمل الكويتي مسؤولية سداد هذه الرسوم الا أنه يتوقع أن يلجأ معظم أرباب العمل الى تحميل الوافد الكلفة كاملة عن طريق الاقتطاع من الراتب. وما يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة الى الوافدين مطالبة البرلمان الحكومة بالزام مؤسسات القطاع الخاص إحلال نسب متزايدة من الكويتيين مكان الوافدين، بل تحميل القطاع الخاص ضريبة سنوية تستخدم لتوفير وظائف للخريجين الكويتيين ممن لا يجدون عملاً في القطاع الحكومي المتخم بالعمالة، وبالطبع سيتحمل الوافدون - في حال تنفيذ ذلك - هذه الضريبة. ويرى النائب عبدالله النيباري ان غياب النظام الضريبي في الكويت والاعتماد القديم على الموارد النفطية هما سبب الحيرة الحالية في مشكلة التعامل مع الكلفة العالية للخدمات العامة في مواجهة تراجع الايرادات. وقال ل"الحياة": "في معظم دول العالم تتم مواجهة التكاليف المتزايدة بتعديل النظام الضريبي ليعالج ذلك، وعندنا في الكويت تخوف وعدم رغبة في سن تشريعات ضريبية لذا تظهر محاولات لايجاد تمويل بديل للضرائب مثل هذه التي يراد فرضها على الوافدين". ولا يعترض النيباري - وهو عضو في اللجنة المالية البرلمانية - على الاجراءات مثل التأمين الصحي وزيادة الرسوم لكنه يعتبر أن التطبيق وحده سيكشف جوانب الخلل أو ما إذا كان أرباب العمل سيحملون العاملين عندهم كلفة الرسوم. ويقول: "هناك بعض جوانب عدم عدالة في الأمر فالرسوم سترتبط بالعامل لا بدخل العمل نفسه، فرب العمل سيتحمل التكلفة بغض النظر عما إذا كان يربح في مؤسسته أو لا يربح، وأتوقع أن مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة ستعاني لأن معظمها لا يحقق نتائج جيدة في ظل الظروف السيئة للاقتصاد المحلي". ويتابع "أتوقع معارضة قوية للاجراءات لكنني أتصور أنه سيتم استيعابها بصورة أو بأخرى لأن الظروف المالية للدولة على المدى البعيد ستفرض ذلك، وقد يكون لذلك أثر في جاذبية الأجور للوافدين، إلا أن الظروف الاقتصادية في الجوار العربي والجوار الآسيوي ليست جيدة لذا فإن الوافدين لن تكون أمامهم خيارات كثيرة".