دعا الرئيس بيل كلينتون أمس الى "الصلاة من اجل تحقيق السلام" في الشرق الأوسط، وذلك في احتفال أقيم في البيت الأبيض لمناسبة عيد الفطر السعيد، ملاحظاً ان الاحتفال يأتي مع انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات بين سورية واسرائيل في بلدة شيبردزتاون، التي شارك فيها الرئيس الاميركي على مدى اربعة أيام وتوّجها بتقديمه وثيقة العمل التي سهلت بدء اعمال اللجان خصوصاً لجنة الحدود. وعلى رغم عدم ظهور اي انجاز او تقدم ملموس في المفاوضات بين رئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك ووزير خارجية سورية السيد فاروق الشرع. فقد أعرب المسؤولون الاميركيون عن ارتياحهم الى مجراها معتبرين ان مجرد بدء الجانبين البحث في القضايا الصعبة المطلوب حلها للتوصل الى اتفاق سلام هو في حد ذاته "تقدم"، علماً ان كل الاطراف تعرف جيداً ان التوصل الى الحل سيستغرق بعض الوقت. وقال الرئيس كلينتون في كلمته في احتفال عيد الفطر الذي حضره عدد كبير من الاميركيين المسلمين، ان عملية السلام "في مسارها الصحيح"، وان الاسرائيليين والسوريين - "وآمل قريباً اللبنانيين" - والفلسطينيين "التزموا بعمل من اجل حل القضايا الصعبة خلال الشهرين المقبلين"، مشيراً الى الالتزام الفلسطيني - الاسرائيلي العمل على حل القضايا الاساسية الشهر المقبل. وتوقع كلينتون ان تشهد المرحلة المقبلة "توتراً كبيراً بينما يعمل الجميع للبحث عن الحكمة والتفهم وبينما سيظهر تردد كبير لفتح قبضة اليد المقفلة والتوجه نحو عهد جديد". ودعا الرئيس الاميركي "المسلمين واليهود والمسيحيين وذوي النية الطيبة حول العالم الى الصلاة لنا لنقطع هذه الأسابيع المقبلة". وسئل كلينتون في مناسبة اخرى في البيت الأبيض عن مجرى المفاوضات الأسبوع الماضي وموعد استئنافها، فأجاب ان المفاوضين "سيعودون قريباً جداً"، وان مساعدين يعملون الآن للتحضير لترتيبات جديدة. وشدد على ان السوريين والاسرائيليين تفاوضوا حول "جوهر خلافاتهم للمرة الأولى وكانوا منفتحين وصريحين جداً وبحثوا في كل القضايا. اعتقد انهم قطعوا مسافات جديدة". وأوضح ان المفاوضات كانت "صعبة" ... ولكنني لا أزال اعتقد ان في امكانهم التوصل الى اتفاق، لكن عليهم ان يعودوا مرة اخرى الى هنا، وهم مصممون على تحقيق ذلك...". وأكد ان مفاوضات شيبردزتاون لم تخيب أمله "ولم أتوقع في الجولة الأولى ان نتوصل الى اتفاق ... كون المواضيع صعبة جداً. لكن الأنباء الطيبة هي ان هذه القضايا ليست معقدة للغاية...". وقال ان الجانبين "يعرفان مواقعهما" و"كل يتفهم موقف الطرف الآخر". ووصف وثيقة العمل التي قدّمها الى الجانبين بأنها تهدف الى تسهيل حل الخلافات، منوهاً بالدور الذي لعبته وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومستشاره لشؤون الأمن القومي صموئيل بيرغر والطاقم الاميركي للسلام. وقال ان باراك والشرع يحاولان احراز التقدم، وأعرب كلينتون ايضاً عن أمله بامكان التقدم على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي، وقال ان الرئيس ياسر عرفات سيزوره في واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة 20 كانون الثاني/ يناير" الحالي. واجتمعت قبل ظهر امس اللجان في اليوم الأخير بينما عقدت الوزيرة اولبرايت محادثات مع باراك والشرع لتحديد الخطوات المقبلة. وأعلن روبن في مؤتمر صحافي تعليق المفاوضات حتى 19 من الشهر الجاري، ولم يحدد مكان انعقادها الجديد. وكانت مصادر الادارة استبعدت العودة الى شيبردزتاون لأن الاطراف الثلاثة لم تكن مرتاحة للتسهيلات فيها. ويفترض ان يكون جميع اعضاء الوفدين غادروا أمس. الانسحاب من الجولان الى الواجهة وهكذا عاد موضوع الانسحاب من الجولان الى الواجهة عشية انتهاء الجولة الثانية من مفاوضات رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك ووزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع. وكان مقرراً ان يعود الوفد السوري بكامله الى سورية يوم امس. واجرت امس وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت محادثات منفصلة مع كل من باراك والشرع ل "تقويم جولة المحادثات وتحديد معالم المرحلة المقبلة بعد اجراء الطرفين مشاورات سياسية في بلديهما". وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان محادثات امس تناولت "تحديد مهمة" لجنة الحدود. وكشفت ان سورية تريدها ان "تبحث في عمق الانسحاب". وفي هذا المجال، أكد الشرع ان بلاده "لن تساوم على ذرة تراب واحدة من الجولان"، وان دوراللجنة هو "ترسيم الحدود فقط". وقال مصدر سوري ل "الحياة" ان كلام وزير الخارجية السوري جاء خلال لقائه الرئيس بيل كلينتون ليل الاحد. ولاحظ مراقبون تركيز كلينتون محادثاته مع باراك الامر، ما يعكس في نظرهم ان "المشكلة عند الجانب الاسرائيلي وليس السوري". وتردد ان الاسرائىليين اقترحوا "استئجار بعض الاراضي" او القيام ب "تنازلات اقليمية متبادلة" على طرفي الحدود لابقاء "مصادر الجولان المائىة" مع اسرائىل، وهما امران ترفضهما دمشق في شدة وتعتبرهما "خطاً احمر" مع تمسكها ب "الانسحاب الكامل الى خط 4 حزيران". وتركت تصريحات المسؤولين الاسرائىليين حول رفض "الانسحاب من الجولان"، اجواء متشائمة في شيبردزتاون وغموضاً حول المرحلة المقبلة من المفاوضات وموعدها وآلية عمل اللجان الاربع التي تبحث في المياه و"علاقات السلم العادية" و"ترتيبات الامن". وقال مسؤول سوري ل "الحياة": "مالم تحقق لجنة الحدود تقدماً فليست هناك فائدة من عمل اللجان الاخرى". وبدا واضحاً ان الاسرائىليين يحاولون تعجيل عمل اللجان الثلاث على حساب لجنة الحدود، الامر الذي ترفضه دمشق ما يعني ان الموضوع يتعلق ب "ترتيب الاولويات" لدى الطرفين. الى ذلك، يزور ثلاثة وفد من الكونغرس الاميركي دمشق في الايام المقبلة لاجراء محادثات مع المسؤولين السوريين. وقال مسؤولون اميركيون ل "الحياة" ان المحادثات تستهدف "تسهيل موافقة الكونغرس على مساعدات اقتصادية مستقبلية الى سورية والاستماع الى الموقف السوري في عملية السلام". واشاروا الى ان فترة التوقف الحالية في المفاوضات ستشهد اتصالات يجريها كلينتون مع الكونغرس لمعرفة مدى الاستعداد لتقديم مساعدات لدمشق، علماً ان اتصالات مماثلة اجريت مع البنك الدولي في هذا الاطار. وفي اسرائيل اف ب اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي، لدى عودته من المفاوضات ان بلاده "لن توافق على العودة الى حدود" الرابع من حزيران يونيو 1967 مع سورية. وقال ليفي خلال مؤتمر صحافي في مطار بن غوريون قرب تل ابيب ان "السوريين يريدون بالطبع العودة الى خطوط الرابع من حزيران يونيو 1967 لكننا غير موافقين"، مؤكداً ان اسرائيل لم تعط حتى الآن "موافقتها على اي خط حدودي" مع سورية. واعتبر انه "لا يمكننا التحدث عن احراز تقدم في المفاوضات بل عن توضيح مواقف، إذ عرض كل جانب وجهة نظره". واكد اهمية "عقد قمة" اسرائيلية - سورية معتبراً ان مجموعات العمل الاربع المكلفة الملفات الكبرى لن تواصل اعمالها بعد عودة رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك الى اسرائيل. وكرر ليفي وجهات النظر الاسرائيلية بالنسبة الى اتفاق سلام مع سورية كالآتي: "في ما يتعلق بعملية التطبيع، تطالب اسرائيل ب "فتح الحدود"، وبخصوص المياه "لا تريد اسرائيل ضمانات لمياه بحيرة طبريا فحسب بل الاستمرار في جر المياه من الجولان كذلك"، اما في ما يتعلق بالشؤون الامنية، فمن الضروري اخذ "كل معطيات" هذه المسألة في الاعتبار خصوصاً تلك المتعلقة بالوضع في لبنان".