لم يكتف مؤسسو "حزب الشريعة" في مصر بالطعن بقرار لجنة شؤون الأحزاب الشهر الماضي برفض منحهم ترخيصاً بمزاولة نشاط سياسي، وتقدموا بطعن بعدم دستورية قانون الأحزاب بأكمله. وقدم رئيس هيئة الدفاع عن الحزب الدكتور محمد عصفور أمس عريضة الطعن الى محكمة شؤون الأحزاب التي ستحدد في وقت لاحق موعداً للبت فيه. وتضم لائحة المؤسسين إسلاميين محسوبين على "تيارات جهادية" اتهموا في قضايا العنف الديني على رأسهم وكيل المؤسسين المحامي ممدوح اسماعيل الذي اتهم في العام 1981 في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، لكنه برئ من التهم التي نسبت إليه فيها. وكان هؤلاء شرعوا في إجراءات تأسيس الحزب قبل نحو شهرين، ما اعتبر تحولاً مهماً في أفكار الاصوليين الراديكاليين الذين كانوا يرفضون التعاطي مع النظام، ويعتبرون الديموقراطية كفراً. واستندت لجنة شؤون الأحزاب في رفضها منح الترخيص إلى أن برنامج الحزب "لم يحو تميزاً عن برامج الأحزاب القائمة في البلاد ما يجعله الحزب غير جدير بالمشاركة في النضال السياسي"، وهو السبب ذاته الذي رفضت اللجنة على أساسه كل الطلبات التي قدمت اليها منذ العمل بالنظام الحزبي في مصر في النصف الثاني من السبعينات حين حصلت الأحزاب القائمة حالياً على صك الشرعية بموجب قرارات رئاسية، أو بأحكام قضائية بعد قبول طعون مؤسسيها ضد قرارات اللجنة. وقدمت عريضة الطعن التي حصلت "الحياة" على صورة منها ضد كل من رئيس مجلس الشورى الدكتور مصطفى كمال حلمي بصفته رئيساً للجنة شؤون الأحزاب، ورئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية ووزيري الداخلية السيد حبيب العادلي، والعدل المستشار فاروق سيف النصر باعتبارهما عضوين في اللجنة. ووصفت العريضة ما جاء في حيثيات رفض منح الحزب الترخيص بأنه "مجرد عبارات إنشائية"، وقالت: "على رغم تميز برنامج حزب الشريعة تميزاً واضحاً عن برامج الأحزاب القائمة بما فيها الحزب الوطني الحاكم فإن لجنة الأحزاب لجأت إلى العبارات الإنشائية لنفي ذلك التميز ولجأت الى اسلوب المصادرة وكأن التميز في نظر اللجنة يعني ابتكار أو ابتداع موضوعات برنامج خيالي منقطع الصلة بواقع المشكلات العامة التي تثار في الحياة السياسية العامة". ووصفت العريضة قانون الأحزاب المعمول به في مصر بأنه "مخالف للدستور" ولفتت الى أن القانون "يجعل ولادة أي حزب بل وموته أمراًَ مرهوناً بين الحزب الوطني الحاكم وقياداته"، وأضافت "مثل ذلك القانون لا مثيل له في أي بلد ديموقراطي ومن الغريب أن الدستور يدعي أو يزعم أن النظام السياسي قائم على تعدد الأحزاب في حين أن هذا التعدد المزعوم مرهون بإرادة الحزب الحاكم". وأكدت العريضة أن مؤسسي حزب الشريعة "ينازعون الشرعية الدستورية لقانون الأحزاب بأكمله" على أساس أن القانون "يستهدف إلغاء حرية تكوين الأحزاب التي يدعي أنه ينظمها بعدما جعل قيام الأحزاب رهنا بإرادة لجنة حكومية"، ومعروف أن لجنة شؤون الأحزاب تضم في عضويتها رئيس مجلس الشورى ووزراء الداخلية والعدل ومجلسي الشعب والشورى وثلاثة قضاة سابقين. وأضافت العريضة: إن "المؤسسين يطعنون بعدم دستورية نصوص محددة في قانون الأحزاب تمثل قيوداً شديدة على حرية تكوين الأحزاب، ومنها شرط التميز المنصوص عليه في المادة الرابعة والذي استندت لجنة شؤون الأحزاب الى عدم وجوده في برنامج الحزب، إذ أنه عقبة تحول دون تكوين الأحزاب، وعدم دستورية المادة يعود الى أن القانون عهد الى لجنة إدارية أو حكومية أن تتحكم بسلطة تقديرية مطلقة في ما إذا كان التميز موجوداً أو متخلفاً من دون معيار منضبط". واختتمت: "ليس من المعقول الادعاء بأن يكون قانون الأحزاب دستورياً وقد نص فيه على تشكيل لجنة حكومية حزبية هي التي تتحكم في قيام الحزب أو رفضه. وبنظرة سطحية إلى أعضاء لجنة الأحزاب يتبين على الفور أن رئيس اللجنة وأعضاءها يمثلون القيادة السياسية في الحزب الحاكم".