استعدت الاممالمتحدة للانسحاب من تيمور الشرقية في مواجهة تهديدات بالقتل من جانب الميليشيات الموالية لاندونيسيا التي تشن حملة عنف هناك. وجاء ذلك بعدما فشلت "حال الطوارىء" و"الاحكام العرفية" التي اعلنت جاكارتا فرضها في وقف حملات التقتيل والتهجير التي طاولت عشرات الالاف من السكان المحليين، تحت اشراف القيادات العسكرية الاندونيسية. واصيب المونسنيور باسيليو ناسكيمينتو اسقف باكاو شرق بجروح عند محاولته التصدي للميليشيات والجنود الذين هاجموا منزله وفر الى الجبال ومعه عدد من الكهنة والمواطنين. وقرر الرئيس الاندونيسي يوسف حبيبي مقاطعة قمة منتدى آسيا - المحيط الهادئ الاسبوع المقبل والتي ستخيم عليها الاحداث في تيمور الشرقية. وفي الوقت نفسه، جددت الحكومة الاندونيسية معارضتها اي انتشار لقوات الاممالمتحدة لحفظ السلام في تيمور الشرقية. وأيدتها في موقفها الصين وايران، فيما انضمت كندا الى الدول التي ابدت استعدادها للمشاركة في عملية لحفظ السلام. كانبيرا، ديلي، جاكارتا - رويترز، د ب ا - اعلنت الاممالمتحدة انها ستنسحب اليوم من اقليم تيمور الشرقية الذي تعصف به اعمال العنف. وقال الناطق باسمها ديفيد ويمهرست: "اؤكد انه تقرر انسحاب مهمة الاممالمتحدة الخاصة في تيمور الشرقية" مشيرا الى ان القرار يشمل البعثة الدولية كلها والتي تضم 200 موظف دولي موجودين الان في ديلي عاصمة تيمور الشرقية. لكن الناطق لم يؤكد مصير 262 موظفاً محلياً يعملون مع الاممالمتحدة، مكتفيا بالقول: "اعرف اننا سنبذل قصارى جهدنا لنصحبهم معنا". كما لم يؤكد مصير نازحين تيموريين يراوح عددهم بين 1500 و2000 لجأوا الى مجمع تابع للامم المتحدة0وقال: "لا استطيع ان اقول لكم ما سيحدث للاجئين بخلاف التأكيد على ان مهمة الاممالمتحدة الخاصة في تيمور الشرقية تحاول اتخاذ تدابير لمصلحتهم". وصرح ويمهرست بان الاممالمتحدة تحقق في معلومات تشير الى مجزرة قتل فيها حوالي مئة من سكان تيمور الشرقية كانوا لاجئين في كنيسة. وكانت استرالية تعمل في منظمة للعمل الانساني اكدت ان حوالي اربعين شخصا قتلوا في هجوم على الكنيسة الكاثوليكية في سواي جنوب شرقي التي لجأ اليها ثلاثة آلاف شخص. وقالت ماريا بيرناردينو التي نقل اليها هذه الرواية رجل شهد الحادثة ان كاهنا في الكنيسة هو "الاب ايلاريو ماديرو ركع امام رجال الميليشيا وطلب منهم ان يدعوا الناس لكنهم قتلوا حوالي اربعين شخصا من رجال ونساء واطفال في الكنيسة... رميا بالرصاص وبضربات الفؤوس". وبدا أن فرض الاحكام العرفية في تيمور الشرقية لم يترك أثرا يذكر على الوضع هناك حيث تواصل القوات الاندونيسية مساعدتها العلنية للميليشيات الموالية لها في تهجير عشرات الالاف من السكان المحليين ونقلهم إلى معسكرات مؤقتة في تيمور الغربية. وأعلن جانانا غوسماو زعيم المقاومة الذي أطلق سراحه اخيرا أن "مجزرة ترعاها الدولة" الاندونيسية تجري في تيمور الشرقية. وطالب بنشر قوة حفظ سلام دولية على الفور. وقال غوسماو ان إندونيسيا لا ترغب في ضبط الامور في تيمور الشرقية أو لا تقدر على ذلك، واتهم الجيش بمعاقبة أهالي تيمور الشرقية، البالغ عددهم 800 الف نسمة، لاختيارهم الاستقلال. وكانت المليشيات شنت حملة ترهيب منظمة قبل مباشرتها عمليات التهجير الجبري لسكان الاقليم. وكانت أعمال العنف أجبرت معظم أعضاء بعثة الاممالمتحدة والمراقبين والعاملين بالاغاثة والصحافيين الاجانب على مغادرة المنطقة على عجل إلى مدينة داروين الاسترالية المجاورة. وتعرض العاملون في بعثة الاممالمتحدة في تيمور الشرقية مجددا لتهديدات من جانب الميليشيات بينما كانوا متوجهين بمصاحبة كتيبة من قوات "كوستراد" الاندونيسية الخاصة، إلى ميناء ديلي للحصول على المؤن اللازمة لهم. وبينما كانوا يقومون بتحميل المؤن اعترضت ميليشيا "الحديد الاحمر والابيض" الموالية لاندونيسيا سبيلهم وهددتهم بالسلاح وأطلقت النار في الهواء وأمرتهم بالرحيل دون تحميل مؤن. ويذكر أن تلك الميليشيا على وجه التحديد تعد مسؤولة عن المجزرة التي وقعت في إحدى الكنائس في ليكيكا في السادس من نيسان إبريل الماضي. 200الف نازح وتقدر الاممالمتحدة أن مئتي ألف شخص، أي ما يمثل ربع سكان الاقليم، طردوا من ديارهم على أيدي الميليشيا التي قام القادة الاقليمون للجيش بتسليحهم، وذلك انتقاما من السكان بعد تصويتهم لصالح الاستقلال في الاستفتاء الذي جرى اخيرا. ورفضت إندونيسيا، التي قامت بغزو الجزيرة في عام 1975، النداءات الداعية إلى نشر قوة دولية لوقف سفك الدماء. اسقف باكاو واصيب المونسنيور باسيليو ناسكيمينتو اسقف باكاو شرق تيمور الشرقية بجروح امس عند محاولته التصدي للميليشيات والجنود الذين هاجموا منزله، حسبما افاد الاب جوزيه كاربونيل كبير كهنة احدى ابرشيات اندونيسيا. وقال الاب كاربونيل ان باسيليو اصيب بضربة في يده لكنه تمكن من الفرار في الجبال "مع حشد" من التيموريين الشرقيين وعدد من الكهنة ورجال الدين. وبعد مغادرة المونسنيور كارلوس كسيمينس فيليبي بيلو كان ناسكيمينتو اخر اسقف موجود في تيمور الشرقية. وكان بيلو الحائز جائزة نوبل للسلام في 1996 لجأ الى باكاو بعد الهجوم الذي تعرض له الاثنين في منزله في عاصمة تيمور الشرقية، لكن تم اجلاؤه بواسطة طائرة باسم مستعار لاسباب امنية ووصل سالما اول من امس الى داروين في استراليا. واضاف الكاهن ان "الجنود والميليشيات يقتادون سكان باكاو بالقوة"، مشيرا الى ان "الوضع اصبح اسوأ منذ فرض القانون العرفي الثلثاء حيث انتشر الجيش في كل مكان". وتابع ان "التدخل الدولي الفوري وحده يمكن ان يوقف ما يجري حاليا"، معتبرا ان "ما يجري هو عار لاندونيسيا". وقال ان المعلومات التي وردته صباح امس من تيمور الشرقية تتحدث عن عمليات تدمير منتظمة للمقار الدينية وخصوصا مؤسسات التعليم. وكان الاسقف كالوس بيلو من بين الذين اضطروا إلى الفرار من ديلي، حيث أحرق الجنود مقسم الهواتف والسوق المركزي بها وقاموا بقطع إمدادات الكهرباء والمياه.