قالت مصادر ديبلوماسية في الرباط ان التزام المغرب المضي في سياسة الانفتاح على الجزائر، على رغم التوتر الذي يطبع العلاقات بين البلدين، يرمي الى عدم اغلاق المنافذ المؤدية الى تحقيق انفراج ثنائي يمهّد لمعاودة تفعيل المسار المغاربي المتعثر. ورأت ان دخول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة شخصياً طرفا في توجيه الاتهام الى السلطات المغربية في قضية "إيواء" الجماعات المتطرفة، لا يعني النزوع نحو قطيعة مع الرباط. ولاحظت المصادر ان المراجع الرسمية العليا في المغرب لم تشأ ان تدخل طرفاً في الاتهامات. وقالت ان الموقف الذي عبّر عنه الناطق باسم الحكومة المغربية وزير العمل السيد خالد عليوة، يظل موقفاً حكومياً، وهو موقف لم يتجاوز نطاق تأكيد نفي ضلوع المغرب في ايواء متسللين. ونأى العاهل المغربي الملك محمد السادس، حتى الآن، بنفسه بعيداً عن ذلك الجدل الذي يعتبره المغاربة والجزائريون على حد سواء وسيلة لادارة خلافات تتجاوز قضية تسلل متطرفين. وكان الملك محمد السادس قدم اشارات ايجابية ازاء الجزائر عبر حديثه عن الرئيس بوتفليقة في خطاب العرش الأول. كذلك فان رئيس الديبلوماسية المغربية السيد محمد بن عيسى زار الجزائر في اول تحرك له خارج الرباط خلال فترة الحداد. واعلن ان قمة مغربية - جزائرية جديدة قد تنعقد بعد الاستفتاء على قانون "الوئام المدني" في الجزائر في 16 ايلول سبتمبر المقبل. وفسرت المصادر الحوار الديبلوماسي بين المغرب والجزائر في الفترة الحالية بأنه يهدف الى تجنب الخوض في الملفات الامنية العالقة. وكانت مشاركة الجزائر بوفد حكومي في المؤتمر الأخير لجبهة "بوليساريو" قوبل بامتعاض السلطات المغربية، وإن لم يعلن ذلك رسمياً من منطلق اعتباره سياسة داخلية جزائرية. كذلك ترى أوساط في الرباط ان الجزائريين أعطوا حجماً اكبر للأنباء التي ترددت عن متسللين الى الأراضي المغربية. ويقول المسؤولون في الرباط ان الانسياق وراء الاتهامات قد يعني وجود اطراف تناهض سياسة الانفراج بين البلدين لاعتبارات شتى. كما ان اقحام تونس في جانب من هذه الازمة يعني عدم الرغبة في ابراز الجانب الثنائي في التوتر بين الجزائر والمغرب و"يجوز افتراض ان الامر يتعلق بمعاودة تحريك الملف المغاربي". اذ تعول الجزائر على استضافة القمة المغاربية المقبلة قبل نهاية العام الجاري. وعرضت مصادر مغربية لجوانب الخلافات القائمة بين المغرب والجزائر بالقول انها لا تتوقف عند مسألة معاودة فتح الحدود التي اثير حولها جدل واسع، لكنها تتجاوز ذلك الى تصفية ملفات عشرات الآلاف من المغاربة الذين طردوا في بداية السبعينات من الجزائر من دون الحصول على تعويضات. غير انها رأت ان مسألة ترسيم الحدود تكاد تكون منتهية كون البلدين جددا في 1989 التزامهما سريان مفعول اتفاق حسن الجوار وترسيم الحدود. ورأت ان الموقف من تطورات قضية الصحراء يشكل المحور البارز في الخلافات. واستدلت على ذلك بأن كلام بوتفليقة عن ايواء متطرفين جزائريين كان "يجب ان ينطبق على وضع المنتسبين الى جبهة بوليساريو الذين تؤيهم الجزائر وتمدهم بالاسلحة والعتاد والدعم الديبلوماسي". ورأت ان محك اختبار الموقف الجزائري من التعامل مع خطة الاممالمتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء "يكمن في التزام الحياد والمساعدة في احراز التقدم، خصوصاً لجهة اعادة اللاجئين ضمن اجراءات الاممالمتحدة".