لم يصدر أمس موقف رسمي مغربي فوري ازاء انتخاب السيد عبدالعزيز بوتفليقة رئيساً جديداً للجزائر. لكن الاعتقاد السائد ان ملف العلاقات المغربية - الجزائرية سيحتاج الى بعض الوقت قبل ان يُعاد طرحه في اشكالاته المختلفة. وقال مسؤول مغربي، قبل اعلان نتائج الانتخابات، ان بلاده تراهن على انتخاب رئيس جديد للجزائر يحظى بالشرعية الدستورية والديموقراطية. واوضح وزير العمل الناطق باسم الحكومة السيد خالد عليوة: "ليس لدينا اي مخاوف حيال الرئيس الجديد". واضاف: "ننتظر ان تكون هناك سلطة تحظى بالشرعية الدستورية والشعبية، تنضم الينا في مواعيد احياء الاتحاد المغاربي من دون قيد او شرط". ولفتت مصادر مستقلة الى ان هذا الموقف يأتي بعد صدور تصريحات عن رئيس الوزراء الجزائري السيد اسماعيل حمداني نفى فيها ان يكون تلقى طلباً رسمياً من المغرب للبحث في معاودة فتح الحدود والغاء نظام التأشيرة وفتح ملفات اخرى عالقة بين البلدين. وقالت مصادر مغربية ل "الحياة" ان الرباط ملتزمة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. ورأت في التحركات التي عرفتها العواصم المغاربية أخيراً مؤشراً ايجابياً لجهة معاودة الاهتمام بالاتحاد المغاربي، كونه يفسح في المجال امام معاودة الحوار المغربي - الجزائري. واستدلت على ذلك ب "خطوات التنسيق" التي بدأت بين رؤساء الديبلوماسية المغاربيين في اجتماع شتوتغارت المتوسطي في المانيا، وردود الفعل المشجعة ازاء تحركات الديبلوماسية التونسية نحو العواصم المغاربية في الفترة الاخيرة. واضافت المصادر المغربية ان "اتجاه الجزائر نحو التغلب على ازمتها الداخلية يساعد في حدوث انفراج في العلاقات المغربية - الجزائرية"، و"في حال اختيارها التعايش مع الامر الواقع الذي جسدته انتخابات الرئاسة فان المغرب سينحو الاتجاه نفسه". وقللت المصادر من المخاوف التي ارتبطت بوصول السيد عبدالعزيز بوتفليقة لمنصب الرئاسة، كونه ادار الديبلوماسية الجزائرية في اعنف فترات المواجهة مع المغرب بسبب قضية الصحراء. واوضحت ان المعطيات التي كانت قائمة وقتذاك "تجاوزها الزمن" خصوصاً ان ملف الصحراء "اصبح من اختصاص الاممالمتحدة، وان ما يتمناه المغرب هو ان تلتزم الجزائر دعم خطة التسوية". ورهنت المصادر المغربية معاودة فتح ملف الحدود المغلقة بين البدين "بالضرورات الاقتصادية والاجتماعية التي اصبحت تحتم تحويل الشريط الحدودي الى منطقة للتعاون والتعايش". وقالت ان "شعار المصالحة، إن كان يخص الوضع الداخلي في الجزائر، فانه يجب ان يطاول الاوضاع الاقليمية في منطقة المغرب العربي". وبدا لاكثر من مراقب ان موقف المغرب ازاء نتيجة انتخابات الرئاسة في الجزائر تضبطه اعتبارات ذات حساسية مفرطة، إذ يصعب التزام موقف التأييد الكامل للرئيس الجديد في قضية تهم الجزائريين في الدرجة الاولى، وبالدرجة نفسها يصعب الانجذاب نحو لوم السلطات الجزائرية، في وقت يعطي فيه المغاربة اولوية لمعاودة الحوار مع الجزائر بخاصة ان الخوض في هذه القضية يشجع تيارات متشددة في الجزائر للتعامل بالمثل". ويرى المغاربة ان دعم الخيار الديموقراطي يمكّن دول شمال افريقيا من تكريس حضور فاعل في المفاوضات المرتقبة مع الولاياتالمتحدة حول صيغة الشراكة الاقتصادية المقترحة مع تونسوالجزائر والمغرب، وكذلك الحصول على مكاسب في الحوار الدائر مع الشركاء الاوروبيين. على صعيد آخر، جدد المغرب التزامه التعاون مع الاممالمتحدة لاجراء الاستفتاء في الصحراء في اذار مارس 2000. واجتمع وزير الداخلية المغربي ادريس البصري مساء اول من امس في الرباط مع وفد من المفوضية العليا للاجئين. وذكرت المصادر ان المسؤول المغربي اعرب عن رغبة الحكومة في ابرام اتفاق مع مفوضية اللاجئين حول الترتيبات التي تطاول الاعداد لاعادة اللاجئين الصحراويين. في غضون ذلك، اجتمع السفير احمد السنوسي مندوب المغرب في نيويورك مع مسؤولي الاممالمتحدة لدرس التعديلات الوفاقية التي تتعلق بالاجراءات ذات الصلة بالاستفتاء. وقال السنوسي ان المحادثات ركزت على تحديد هوية 65 الف صحراوي، وكذا مسطرة تقديم الطعون في القوائم والالتزامات المعبر عنها في مدونة السلوك. وحضر الاجتماع مسؤولون مغاربة الى جانب مساعد الامين العام للامم المتحدة المكلف عمليات حفظ السلام برنار مييه، وروبين كينلوك الموفد الخاص بالنيابة للأمين العام كوفي انان.