وصفت مصادر رسمية في الرباط كلام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة عن دعم "الاستقلال التام لشعب الصحراء"، بأنه يُمثّل تجاوزاً لدور الاممالمتحدة التي ترعى الاستفتاء في الصحراء، وكذلك لإرادة الصحراويين أنفسهم في تقرير مصيرهم. وقالت هذه المصادر ل"الحياة" أمس إن ضغوطاً من تيارات متشددة داخل المؤسسة العسكرية قد تكون وراء كلام بوتفليقة الذي ورد في رسالة بعث بها الى زعيم جبهة "بوليساريو" محمد عبدالعزيز. ووصفت مضمون الرسالة بانه يمثّل "تدخلاً في الشؤون الداخلية للمغرب". وذكرت ان الرسالة "موجهة" بطريقة غير مباشرة الى دول افريقية عدة، في إطار الاعداد للمؤتمر المقبل لمنظمة الوحدة الافريقية الذي تستضيفه الجزائر في تموز يوليو المقبل، لحضّها على عدم درس تعليق عضوية "الجمهورية الصحراوية" في المنظمة القارية. وعقّبت المصادر المغربية على معلومات سابقة افادت ان الجزائر مستعدة لتقديم هواتف قياديي "بوليساريو" الى السلطات المغربية من أجل ترتيب اتصال بين الطرفين، فقالت "إن الرباط ليست في حاجة الى هذه المبادرة" الجزائرية، مشيرة إلى ان المغرب عقد لقاءات مع قياديين في جبهة "بوليساريو" باعتبارهم "رعايا مغاربة" كلما تطلب الموقف ذلك، لحضهم على العودة الى المغرب والاندماج فيه. إلى ذلك، ذكرت مصادر حزبية مغربية ان وفداً قيادياً من بعض احزاب الغالبية الحكومية كان بصدد ترتيب زيارة للجزائر لكنه قرر إلغاءها. وأوضحت أنها سجلت تحفظات عن الظروف التي جرى فيها انتخاب بوتفليقة رئيساً للجزائر. وقالت ل"الحياة" امس: "سجلنا ذلك وطلبنا من الجزائر البحث في معاودة فتح الحدود وشاركنا بفاعلية في اجتماع لجنة المتابعة المغاربية بهدف تحقيق الانفراج". وأضافت: "نسجل كل ما يصدر عن السلطات الجزائرية سلباً أو ايجاباً عندما يقال كلام طيب في حق بلادنا أو عكس ذلك". وبدا لأكثر من مراقب ان المساعي التي بذلت من أجل معاودة اجتماعات مؤسسات الاتحاد المغاربي قد تتأثر بالموقف الجزائري الجديد، خصوصاً أن المسؤولين المغاربة سبق لهم ان طالبوا بتعليق مؤسسات الاتحاد احتجاجاً على موقف وزير الخارجية الجزائري السابق محمد الصالح دمبري من قضية الصحراء. ورجَّحت مصادر ديبلوماسية أن ينعكس الموقف الجزائري سلباً على ترتيبات جرى التمهيد لها بهدف عقد لقاءات بين مسؤولين مغاربة وجزائريين. وكانت اوساط عربية نافذة بذلت أخيراً "وساطة حميدة" لتقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر. وفُسّرت البرقية الاخيرة للرئيس بوتفليقة الى العاهل المغربي الملك الحسن الثاني بأنها مؤشر ايجابي في هذا الإطار، يقوم على اساس ابعاد ملف الصحراء عن المحور الثنائي في علاقات البلدين. لكن رسالة بوتفليقة الى زعيم "بوليساريو" تُلقي ظلالاً من الشكوك في شأن فاعلية تلك الوساطة. ويسود اعتقاد بأن لجوء المغرب الى ضبط النفس ازاء تلك التصريحات التي فسّرها بعض المصادر بأنها "تراعي توازنات داخلية في الايام الاولى لتسلم بوتفليقة مقاليد الحكم"، ما قد يسمح بتجاوز المأزق الراهن. وقالت مصادر مغربية ل"الحياة" إنه كان في وسع الرئيس بوتفليقة ان يعلن تأييده لمساعي الأممالمتحدة من اجل اجراء الاستفتاء، خصوصاً أن "قرارات الأممالمتحدة واتفاقات هيوستن تدعم هذا الخيار وتتحدث عن استقلال الصحراء كأحد خيارين بعد ظهور نتيجة الاستفتاء".