لم تحمل وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك ما كان ينتظره المسؤولون السوريون لاستئناف مفاوضات السلام، لكن زيارتها الى دمشق لم تخل من ارسال بعض الاشارات الايجابية. تأتي في مقدم هذه الاشارات تأكيدها على ان المفاوضات يجب ان تتم على اساس مبدأ "الارض مقابل السلام"، وهو الامر الذي تجنب باراك التزامه خلال محادثاته مع الرئيس بيل كلنتون في تموزيوليو الماضي، ذلك انه تحدث عن "ارض مقابل السلام" والقرار 242 وفق تفسيره الخاص له على اساس انه نص على انسحاب "في" الجولان وليس "منه". ويُقرأ ايجاباً تأكيد اولبرايت على ضرورة استغلال "نافذة الفرصة" لتحقيق انجاز على المسار السوري في اطار "سلام دائم وشامل" يأخذ في الاعتبار "المصالح المتعلقة بالامن والسيادة". وتُعتبر زيارتها بيروت بعد دمشق دعماً ل"تلازم" المسارين السوري واللبناني، الامر الذي حاول رئيس الوزراء الاسرائىلي بنيامين نتانياهو عدم الاقرار به عبر طرح مشروع "لبنان اولاً" بصيغ مختلفة رفضتها سورية ولبنان. وفي اطار الاشارات الرمزية، زينت اولبرايت الجانب الايسر من صدرها ب"بروش" على شكل اسد ثم اضافت اليه شجرة ارز خلال زيارتها الى بيروت. كما انها كانت قدمت في دمشق هدية من الكريستال على شكل اسد. لكن في مقابل تقدير المسؤولين السوريين لهذه المؤشرات ذات البعد السياسي، كان هناك ما يشبه "خيبة امل" لان وزيرة الخارجية الاميركية لم تحمل حسب قولها "تصوراً لاستئناف المفاوضات لانني جئت لاستمع لآراء السوريين والاسرائيليين"، كما انها لم تجلب معها من باراك "الكلمة السحرية" التي ينتظرها السوريون للعودة الى طاولة التفاوض. لذلك فان وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع صرح بأن اولبرايت لم تحمل "الاخبار الطيبة التي كنّا نتوقعها" في اشارة الى عدم نقلها تعهد باراك ب"وديعة مثله الاعلى" اسحق رابين بالانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان الى ماوراء خطوط 4 حزيران يونيو 1967. وفُهم ان اولبرايت لم تؤكد رسمياً وجود "الوديعة" لدى الادارة الاميركية، لكن قدمت "قراءات ايجابية" عندما كانت اعلنت خلال لقائها مع مسؤولين اسرائيليين ان تعهدات رابين السابقة والانجازات المتحققة بين 1992 و1996 "لا تزال صالحة". كما بدا ان محادثات اولبرايت - الشرع كانت "جلسة عمل ومقاربة"، ذلك انها جرت في حضور المستشار القانوني في الخارجية السورية الدكتور رياض داوودي والسفير وليد المعلم، عضوي الوفد المفاوض، اضافة الى المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس، ذلك ان هؤلاء الثلاثة كانوا حاضرين في مفاوضات واي بلانتشين.