تتجه الانظار الى زيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت الى دمشق السبت المقبل لمعرفة مستقبل المفاوضات السورية - الاسرائىلية المجمدة منذ شباط فبراير 1996. واللافت تركيز الخطاب السوري على الدور الاميركي في عملية السلام وضرورة قيام واشنطن بدور "الوسيط النزيه" بين دمشق وتل ابيب. وستكون هذه الزيارة الثانية لأولبرايت منذ تسملها منصبها في بداية العام 1997، ذلك ان زيارتها في أيلول سبتمبر من العام نفسه التي استمرت نحو ساعة لم تسفر عن نتيجة، بسبب تمسك رئيس الوزراء الاسرائىلي السابق بنيامين نتانياهو بشروطه لاستئناف المفاوضات... "من دون شروط" ومن "نقطة الصفر"، في حين تمسك الجانب السوري بالعودة الى طاولة المفاوضات من نقطة توقفها في بداية 1996 والتزام نتانياهو "وديعة" سلفيه اسحق رابين وشمعون بيريز في شأن الانسحاب الكامل الى ما وراء خطوط الرابع من حزيران يونيو 1967. لكن الآمال بمحادثات اولبرايت مع المسؤولين السوريين تبدو مختلفة هذه المرة بسبب اختلاف الظروف وانتقال رئاسة الوزراء الى ايهود باراك وحزب العمل، فالأول سبق واجتمع عندما كان رئيساً للأركان الى نظيره السوري السابق العماد اول حكمت الشهابي في نهاية 1995 للاتفاق على ترتيبات الامن وفق اتفاق أيار مايو من العام نفسه على "مبادئ ترتيبات الأمن". كما ان حزب العمل هو الذي التزم الانسحاب الكامل من الجولان. اي ان شرطي التزام مبادئ ترتيبات الامن والانسحاب، تحققا مع رئيس الوزراء الحالي وحزبه القائد للائتلاف الحكومي، الأمر الذي يعزز الآمال من جولة رئيسة الديبلوماسية الاميركية في الشرق الاوسط، الاولى منذ اجراء الانتخابات الاسرائىلية في أيار الماضي. لذلك فإن القيادة السورية حرصت على توجيه كل التركيز الى الزيارة المرتقبة منذ بضعة اشهر، سواء لجهة عدم استقبال مسؤولين اميركيين آخرين، او لجهة وضع زيارات المسؤولين الاوروبيين في ايقاع ايجابي لكن غير مبالغ فيه. اذ ان الزيارة التي كانت مقررة للسيناتور الاميركي آرلن سبكتر في 21 من الشهر الماضي لم تقرّها دمشق في اللحظة الاخيرة مع ان سبكتر كان موجوداً في المنطقة، كما انه سبق زار العاصمة السورية واجتمع الى الرئيس حافظ الاسد ووزير الخارجية فاروق الشرع مرات عدة. كما ان وزيري الخارجية النروجي كنوت فولبيك والهولندي يوزياس ارتسين لم يتمكنا من لقاء الرئيس الاسد مع ان كلاً منهما زار دمشق على حدة، واقتصرت محادثاتهما على جلستين منفصلتين مع الشرع... وجوله في دمشق القديمة، لثلاثة اسباب: اولاً، قصر مدة الزيارة التي حددها كل من الوزيرين الى سورية. ثانياً، كثرة التصريحات التي ادلى بها الوزيران وخصوصاً النروجي عن نقله رسائل من باراك الى القيادة السورية. ثالثاً، وهو الأهم، رغبة دمشق في توجيه الانظار الى زيارة اولبرايت والتركيز عليها واعطائها الاولوية. ويأتي ذلك في اطار التفاؤل الذي عبر عنه المسؤولون السوريون منذ فوز باراك وخصوصاً بعد تعهد الرئيس بيل كلنتون للرئيس الاسد "التزامه الشخصي والرسمي" لدفع مفاوضات السلام. يُضاف الى ذلك اعلان اولبرايت قبل اسبوعين خلال لقائها وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين ان تعهد رابين في شأن الانسحاب "لا يزال قائماً"، الأمر الذي رحبت به دمشق واعتبرته "خطوة مهمة" في طريق استئناف المفاوضات.