تدل المؤشرات الى ان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت قطعت خطوات باتجاه موقف سورية خلال زيارتها الاخيرة الى دمشق وما قدمته من "وعود" و"اشارات ايجابية" في محادثاتها مع الرئيس حافظ الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع، لكن يُنتظر، سورياً، ان تكشف الاسابيع المقبلة "تحويل الوعود الى افعال". لم تقدم اولبرايت ما كانت تنتظره دمشق من اعلان رسمي باعتراف بوجود "وديعة" رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين لدى ادارة الرئيس بيل كلينتو تضمن التزام الانسحاب الكامل من الجولان الى ما وراء خطوط 4 حزيران يونيو 1967، لكنها "اقرت ضمناً بوجود الوديعة" خلال محادثاتها الرسمية. ولكن الأهم انها قطعت شوطاً وبقيت امامها اشواط. وكانت وسائل الاعلام السورية الرسمية ركزت خطابها في الأسابيع السابقة لزيارة اولبرايت على ان دمشق تنتظر ان "تقر" واشنطن ب"وجود الوديعة" لالزام رئيس الوزراء ايهود باراك بوجودها، باعتبار ان واشنطن هي "الشاهد" على مفاوضات السلام بين 1992 و1996، وان رابين ابلغ التزام الانسحاب الى وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر والرئيس كلينتون لابلاغه الى الرئيس الأسد، وهذا "مسجل في جلسات المفاوضات والمحادثات الرسمية". وعلى عكس ما فعله كريستوفر في نهاية 1996، من "حل" رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو من "تعهد الانسحاب" في رسالة نشرتها صحيفة "هآرتس" وقتذاك، فإن اولبرايت مهدت لاعترافها ب"الوديعة" منذ نحو ثلاثة اسابيع عندما أبلغت وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين من ان تعهدات رابين و"الانجازات" التي تحققت في شأن اتفاق "مبادئ وترتيبات الأمن" الذي اعلن في ايار مايو 1995، "لا تزال قائمة وصالحة" كأساس للمفاوضات المقبلة بين سورية واسرائيل. ورحبت سورية، في تعليقات وسائل الاعلام الحكومية، بموقف اولبرايت على امل اعلانه خلال جولتها الاخيرة كأساس لاستئناف المفاوضات من "حيث توقفت" في 1996. ويُعتقد في دمشق ان وزيرة الخارجية الاميركية لم تعلن رسمياً ما كان منتظراً منها "لأن من عادة الاميركيين ان لا يحرجوا المسؤولين الاسرائيليين في اي موقف سياسي" وبالتالي فان الآمال قائمة على ان "تبحث الادارة الاميركية مع باراك عن الوقت المناسب للاعلان عن الوديعة". وما يدفع الى هذا الاعتقاد "العلاقة الخاصة بين الادارة وباراك" وان الاخير هو "امتداد لمثله الأعلى" رئيس الوزراء الاسبق رابين بل انه "زار ضريحه عشية الانتخابات للتأكيد على انه جاد في التزام نهجه وخطه السياسي". لذلك فان "التعبير العملي عما قاله في حملته الانتخابية واعلانه عن رغبته في الاستمرار في خط مثله الأعلى يكون بتنفيذ تعهداته الى سورية في شأن الانسحاب من الجولان". ويضاف الى ذلك ان باراك "انتخب لاعلانه نهجاً سلمياً"، وان الاحزاب التي قامت على اساس رفض الانسحاب من الهضبة السورية خسرت في الانتخابات الاخيرة مثل "الطريق الثالث" برئاسة افيغدور كهلاني الذي فقد مقاعده الثلاثة، كما ان المرشد الروحي ل"شاس" عوفاديا يوسف "افتى قبل سنوات بأن هضبة الجولان لا تشكل جزءاً من ارض اسرائيل" وانها "ارض سورية وستعاد لها في اية تسوية"، اضافة الى ارتفاع نسبة المصوتين لباراك من مستوطني الجولان الى 58.5 في المئة مقابل 41.5 لنتانياهو. عليه، يُأمل ان تستفيد الادارة الاميركية من "هذه الحقائق السياسية"، وفي ان يكون اللقاء بين اولبرايت والشرع بعد ايام في نيويورك محطة مهمة لفتح الطريق امام عودة الوفدين السوري والاسرائيلي الى مائدة التفاوض.