عزل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وفده المفاوض وكلف وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث الموافقة على الرقم الذي اقترحته اسرائيل للأسرى المفرج عنهم وأزال عقبة أمام "امكانية توقيع الاتفاق" اليوم حسب البيان الذي أصدره مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وكشفت مصادر ديبلوماسية في القدس ل"الحياة" ان وزيرة الخارجية الاميركية ستقدم "رسائل ضمانات" الى الطرفين كحل لخلافهما حول حق الفلسطينيين بإعلان دولتهم من جانب واحد وتنص هذه الرسائل على مشاركة الولاياتالمتحدة في لجنة ثلاثية "تعالج قضية حق الفلسطينيين في إعلان دولة". وحسم غروب الشمس بشكل لا يقبل التأويل كافة التوقعات الخاصة بإجراء مراسم التوقيع على اتفاق "واي" المعدل في منتجع شرم الشيخ المصري أمس الجمعة بعد أن دخل اليهود في عطلتهم الاسبوعية الدينية، واضطرت الاطراف المعنية الى الدخول في "رحلة انتظار" ليوم آخر في الوقت الذي تشير كافة التوقعات أن يتم التوقيع على الاتفاق العتيد اليوم بعد تدخل أميركي تمثل بطرح "حل وسط" آخر يضيف الى ملف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية "رسالة ضمانات" جديدة. وتمترس رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك الذي امتنع عن الإدلاء بتصريحات صحافية يوم أمس خلف موقفه المتمثل "بانتظار رد الفلسطينيين على مقترحاته" على رغم الساعات الطويلة التي أمضتها وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت في التفاوض معه في محاولة لتجاوز الخلافات القائمة مع الجانب الفلسطيني. وأصدر مكتب باراك بياناً صحافياً أعلن فيه أن "هنالك امكانية كبيرة لتوقيع الاتفاق مساء السبت" اليوم، ولكنه أضاف أنه لم يتلق بعد رداً فلسطينياً "واضحاً" على مقترحاته. هذا في الوقت الذي أمر فيه سكرتيره الخاص بالتوجه الى شرم الشيخ قبل حلول السبت للاعداد للترتيبات الامنية التي تسبق وصوله. أما الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فقد أدلى بتصريحات متناقضة حول توصل الطرفين الى اتفاق، حيث أكد في الاسكندرية قبل مغادرتها أنه تم التوصل الى اتفاق وأن التوقيع سيتم مساء السبت اليوم، الا أنه قال فور وصوله إلى غزة إن "بعض العوائق لا تزال تعترض الاتفاق". وترأس عرفات فور وصوله الى غزة اجتماعاً طارئاً للقيادة الفلسطينية لبحث آخر التطورات قبل أن يلتقي أولبرايت للمرة الثانية خلال أربع وعشرين ساعة. وفي غضون ذلك، أكدت مصادر فلسطينية أن الرئيس عرفات وافق على الافراج عن 350 أسيراً فلسطينيا فقط في المرحلة الحالية وهو العدد ذاته الذي أصرت حكومة باراك على عدم تجاوزه في قضية الافراج عن الاسرى. وقالت المصادر ذاتها ل"الحياة" إن عرفات كلف وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث بتولي ملف الاسرى الفلسطينيين بعد أن رفض كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ورئيس جهاز الامن الوقائي في غزة محمد دحلان العرض الاسرائيلي في هذا الشأن وتمسكا بوجوب إطلاق 400 أسير. وقالت مصادر اسرائيلية إن عرفات أمر "بإنهاء عمل الطاقم التفاوضي برئاسة عريقات". ولم يتبق من "الخلافات" التي تعيق توقيع الاتفاق سوى تمسك الفلسطينيين بحقهم في اعلان الدولة والتي طلب باراك أن تدرج ضمن "الخطوات الاحادية الجانب" التي يشير البند العاشر من الاتفاق العتيد على وجوب عدم قيام الفلسطينيين والاسرائيليين بأي منها دون موافقة الطرف الآخر. وحسب مصادر ديبلوماسية في القدس، فإن أولبرايت استخدمت "عصاها السحرية" وعرضت على الفلسطينيين "رسالة ضمانات" تتعلق بقضية اعلان الدولة. وقالت المصادر ذاتها ل"الحياة" إن الرسالة تتضمن مشاركة اميركية في لجنة خاصة تعالج هذه القضية مضيفة أن الاميركيين طرحوا على باراك اضافة عبارة "حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم" فقط. وأشار عرفات في تصريحات أدلى بها في مطار غزة بصورة غير مباشرة الى هذه القضية عندما قال "إن الحكومة الاسرائيلية تحاول التنصل من التزاماتها". ومعروف أن السلطة الفلسطينية أحجمت عن الاعلان عن اقامة الدولة المستقلة في الرابع من شهر أيار مايو الماضي بناء على طلب من باراك نفسه الذي كان على أبواب خوض المعركة الانتخابية وواشنطن "لإعطاء فرصة للحكومة الاسرائيلية الجديدة ولقطع الطريق أمام اعادة انتخاب رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق بنيامين نتانياهو". ووافق عرفات في حينه على تأجيل الإعلان لفترة لا تتجاوز الستة أشهر بموافقة الاميركيين. ويريد باراك أن تمتنع السلطة عن القيام بهذه الخطوة طوال الفترة الزمنية التي سيخوض فيها الجانبان مفاوضات الحل النهائي.