بعد كتابه "اسمع يا مروان" أصدر سليمان سليم علم الدين كتابه "التصوف الاسلامي: تاريخ، عقائد، طرق، اعلام" عن دار نوفل، بيروت 1999. يقع الكتاب في 670 صفحة من القطع الكبير، ويضم الى المقدمة 33 باباً اشتملت على رؤوس مواضيع تناولت البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي نشأ فيها التصوف الاسلامي، والمدارس الفكرية الخارجية التي أثرت في التصوف، والمناحي الفكرية ومدارج التصوف ومراتبه. الى ذلك، تناولت أبواب الكتاب عقائد الصوفية وأحزابها وسلوكها وأحوالها ومقاماتها الانسان الكامل، وحدة الوجود، وحدة الشهود، وحدة الأديان وخلافات مدارس التصوف مع العلماء والفقهاء. بعد ذلك ينتقل الكاتب علم الدين الى دراسة تطور الحركة الصوفية وتشعبها فيعود الى دراسة ظروف القرن الهجري الأول وبروز ظواهر التقشف والزهد وصولاً الى انتشار التصوف الفلسفي في الاسلام ابتداء من القرن الثالث الهجري وشيوع الفلسفة الصوفية وتطورها في القرنين السادس والسابع الهجريين وانتهاء بقيام الطرق الصوفية وانتقالها من مكان الى آخر في العالم الاسلامي. ويتحدث علم الدين عن أنواع الطرق الصوفية وتشعب مدارسها وانتشارها في اليمن وايران والهند واندونيسيا والاندلس والسودان وافريقيا وآسيا الوسطى. ويشير الى تعدد الطرق الصوفية في عهد السلطنة العثمانية ومحاولات توحيدها في طريقة واحدة، وأخيراً اصطدام بعض مدارسها مع السلطنة وصولاً الى مواجهات مسلحة في عهد السلطان محمود الثاني حين دعمت البكتاشية الحركة الانكشارية في فترة أراد السلطان تحديث الدولة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ويتناول علم الدين في كتابه المراتب التنظيمية للحركات الصوفية القطب، الشيخ، والمريد وأنواع الحالات الاحزاب، الأوراد، والذكر اضافة الى التشكيلات الاجتماعية والمهنية والمؤسسات التي ابتكرتها أو اعتمدت عليها الخوانق، الروابط، الزوايا، والتكايّا. يستخدم علم الدين في كتابه الموسوعي عشرات المراجع التراثية الى عشرات الكتب والابحاث العربية والاجنبية المعاصرة، وانتهج اسلوب التجميع والتوثيق معتمداً على ترتيب زمني لتطور التصوف وتحوله من حالات فردية الى مدارس واتجاهات تجسدت لاحقاً في فرق وطرق متباينة تفاوتت معتقداتها بين الالتزام بالكتاب والسنة والجمع بين الفقه والزهد وبين تيارات خالفت الشريعة في بعض وجوهها وانحرفت عن التقاليد الاسلامية معتبرة ان العرفان يخالف البرهان وقائلة ان وحدة الوجود تعني الاتحاد والحلول. ويشير علم الدين الى تأثيرات شتى على المدارس الصوفية وطرقها جاءت اليها من البقاع المحيطة بالعالم الاسلامي أو المتداخلة به خصوصاً تلك المعتقدات القديمة التي كانت موجودة في اليونان وبلاد فارس والهند والصين. يقدم كتاب "التصوف الاسلامي" ملخصات وافية عن مختلف الاتجاهات والمدارس والطرق والانظمة الفكرية والتراتبية بلغة محايدة هدفها استعراض الآراء والنظريات اكثر من تحليلها أو نقدها، وهو أمر يسعف القارئ الباحث عن مصادر التصوف وأصوله على تكوين فكرة شاملة عن خلفيات الظاهرة ودوافعها وتشعبها وانتشارها وانتقالها من حالات الزهد والانطواء الى مناهج فلسفية وطرق فكرية لعبت أدواراً متباينة في المواجهات السياسية والعسكرية حين أخذ الاستعمار الأوروبي يدلف بقواته الى العالم الاسلامي من آسيا الوسطى الى افريقيا الغربية.