فجرّت قضية النص المسرحي الذي نشرته "موج" مجلة طلاب جامعة "صنعتي أمير كبير" الصراع السياسي بين المحافظين والاصلاحيين حول مسألة حرية الرأي، ودفعت ببعض رموز المحافظين للعودة بالصراع الى بداياته للقضاء على مكتسبات الاصلاحيين الذين يمثلون عموماً تيار رئيس الجمهورية سيد محمد خاتمي. وخاطب الجنرال غلام رضا نقدي، قائد استخبارات الشرطة في ايران، حشداً من هذه القوات بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الخميني، قائلاً: "لقد حولوا عيدنا الى عزاء، فنحن جنود إمام الزمان عندنا عزاء"، اشارة الى ان هذه القوة تسمى أيضاً "جنود إمام الزمان". وطالب برفع الأعلام السوداء وتنكيس أعلام الاحتفالات وعاهد الحضور: "أقطع عهداً مع إمام الزمان أمامكم اذا لم تقم الأجهزة المسؤولة بواجباتها تجاه الإساءة الموجهة الى إمام الزمان في اشارة الى نص المسرحية الطلابية وكاتبيها وما صدر في حقهم من حكم بالاعدام من جانب آية الله مظاهري مدير حوزة أصفهان فسأقوم أنا محمد رضا نقدي، من دون ان أعير أي انتباه، للباسي أو رتبتي أو منصبي، بتنفيذ حكم الله فيهم". وبعدما قوطع بالتكبير، اضاف: "سأنفذ حكم الله في كل من يدافع عن المسيئين مهما كان منصبه أو موقعه". واكد أنه مُقلد للإمام الخميني ومعه رخصة من خامنئي بذلك. وأ ضاف: "سأقوم بذلك مهما كانت النتيجة وليطلقوا علي النار أو فليعدموني". وطالب باستقالة الذين احتجوا على ما حصل للطلاب في أحداث الحي الجامعي في طهران ويعني بذلك وزير التعليم العالي وقدموا استقالتهم في حينها. وهاجم نقدي موقف الحكومة لإعلانها أنها لن تبعث أحداً ليقتل سلمان رشدي "أما أنا فأعلن انني وأينما وجدت سلمان رشدي فسأقلته وانفذ حكم الله بكل المسيئين، وحتى لو سجنوا عشرين عاماً سأقتلهم بعد خروجهم من السجن". من جهة أخرى، وجه مئة وسبعون نائباً من النواب المحافظين في مجلس الشورى رسالة الى خاتمي طالبوه فيها بأن يدرك ويهتم بالوضع الثقافي في البلاد، ووجهوا انتقاداً شديداً لوزارة الثقافة. وجاء في الرسالة "ان في الحكومة التي من واجبها تنفيذ احكام الاسلام، يتم هتك حرمة الدين والتجاوز على المقدسات خصوصاً إمام الزمان، حتى لم يعد ممكناً احتمال ذلك". وبينت صحيفة "جبهة"، لسان حال "أنصار حزب الله" ان المراجع الكبار وجهوا انتقادات قوية للوضع الثقافي في البلاد خصوصاً في مجال الاعلام والمطبوعات، ورفضوا لقاء وزير الثقافة د. عطاء الله مهاجراني. ورغم نفي مستشار مهاجراني في تصريح ل"الحياة" صحة هذه المعلومات الا ان مصادر مطلعة وجدت في خطوة رجال الدين ضده، ومن بعدها رسالة النواب، انها تهدف الى الضغط على مهاجراني كي يقدم استقالته أو إعادة موضوع طرح الثقة به في هذه الاجواء، اذ يتوقع المحافظون ان لا ينجو مهاجراني هذه المرة كما نجا في المرة الأولى حين لم يفلح اليمين في حجب الثقة عنه قبل نحو 5 شهور. الى ذلك، يصر الاصلاحيون على ان إثارة موضوع نشرة "موج" ليس سوى تغطية لموضوع آية الله حسينيان، رئيس مركز وثائق الثورة، الذي اتهم الاصلاحيين بالوقوف وراء عمليات القتل التي طاولت كتاباً ومثقفين في الخريف الماضي. وكان هذا الموضوع أثار عاصفة سياسية لم تهدأ حتى الآن. كما يعتبرون ان قضية المسرحية أتاحت لرجال الدين المتشددين امكان شن حملة على حرية الرأي. ويتساءل الاصلاحيون لماذا يُثار موضوع نشرة "موج" الآن على رغم مرور حوالى شهر على صدورها، ثم انها لا توزع الا في نطاق محدود جداً لا يتجاوز مئتي عدد. ويضيف هؤلاء ان هذه الاجواء كان لها الأثر الكبير في ادانة صحيفة "نشاط" لأن جهود المحافظين منصبة على تحقيق هدف واحد هو "خنق الرأي الآخر بحجة الدفاع عن المقدسات". ويبدي الاصلاحيون استعداداً كاملاً لخوض غمار هذه الحرب، اذ أكد وزير التعليم العالي الدكتور مصطفى معين "ان تحذير الطلبة من التدخل في الشؤون السياسية أصبح أكثر خطورة من فصل الدين عن السياسة". كما أكد بيان وقّع عليه معظم أحزاب وتنظيمات الاصلاحيين ان "أولئك المتربصين لحجة حتى يخلقوا منها فتنة في الجامعات انما يرتكبون ذنباً أكبر، اذ يروجون لهذه النشرة الطلابية المحدودة بهذا الأسلوب المستفز"، واتهموا المحافظين "بسوء الاستغلال لتحقيق مصالح حزبية". وهاجم فضل الله صلواتي عضو مجمع النواب السابقين الذي يسيطر عليه الاصلاحيون المتشددين معتبراً ان ما يقومون به "يهدف الى محاكمة العلم والثقافة والحرية والعدالة والسياسة" وتساءل: "كيف تحاكم صحيفة نشاط وصحيفة سلام وهما من جذور الثورة"؟! ويؤكد علي أصغر هادي، مقرر لجنة الارشاد في مجلس الشورى، ان اغلاق الصحف وما يثار ضد حرية الرأي "يرتبط بانتخابات المجلس القادم في شباط فبراير، وكلما اقتربنا من الانتخابات تزيد جهود المحافظين للحفاظ على البقاء وسيقومون بكل ما يمكن القيام به".