احتدمت المواجهة مجدداً بين القضاء الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون، وبين الصحف القريبة إلى الإصلاحيين. ووجّه المدعي العام في المحكمة الخاصة برجال الدين في طهران لائحة اتهام مؤلفة من 44 صفحة، في حق مستشار الرئيس محمد خاتمي، رئيس التحرير المسؤول لصحيفة "خرداد" الإصلاحية حجة الإسلام عبدالله نوري. وتضمنت الاتهامات "اهانة مسؤولي النظام والتعرّض لآراء الإمام الراحل الخميني وأفكاره وإهانتها ونشر الأكاذيب بهدف تشويش الرأي العام وإهانة المقدسات"، و"الدعوة إلى الاعتراف بإسرائيل وتأييد إقامة علاقات مع أميركا والدفاع عن الجبهة الوطنية القوميين والترويج لسياسة آية الله منتظري أبرز رجل دين معارض لولاية الفقيه المطلقة والتشكيك بالأحكام الإسلامية". وقال المدعي العام: "من المؤسف عند النظر إلى المواضيع التي نشرها عبدالله نوري في خرداد أننا نشم رائحة مؤامرة". وتابع اتهامه مَن يعتبره الإصلاحيون الرجل الثاني في جبهتهم بعد خاتمي: "هناك نيات سيئة ولم يؤثر كل التحذيرات السابقة". واعتبر علي حكمت رئيس تحرير الصحيفة في تصريحات الى "الحياة" أن "السبب الحقيقي وراء الاتهامات الموجهة الى عبدالله نوري هو رغبة اليمين في إصدار حكم ضد نوري المرشح الأقوى لترؤس مجلس الشورى البرلمان في شباط فبراير المقبل، فهم يريدون الحيلولة دون ذلك، ولو لم يستقيل عبدالله نوري من بلدية طهران ولم يعلن الإصلاحيون ترشيحه لقيادة المجلس لما وجه إليه أي اتهام". وشدد على "توغل اليمين في المؤسسات القضائية" وإدارته القضاء "لحسابات سياسية بعيدة عن موازين العدالة". وزاد: "في الوقت الذي تحاكم فيه صحف الإصلاح بسبب ومن دون سبب، يتم التغاضي عن تجاوزات خطيرة من صحف اليمين البعيدة عن المنطق والأخلاق. هذه الصحف تقوم على الشتائم واتهام الآخرين". وصحيفة "خرداد" الأقوى في صحف الإصلاحيين بعد وقف "نشاط" لم تكن وحدها في المواجهة المتجددة مع القضاء، إذ استدعت المحكمة العسكرية في طهران عباس سليمي نمين المدير المسؤول لصحيفة "طهران تايمز" المعتدلة تصدر بالإنكليزيةووجهت إليه تهمة "إفشاء مواضيع سرية ونشر أكاذيب في الملف الخاص بمؤامرة أحداث القتل الأخيرة". وأعلن القضاء العسكري في بيان صدر مساء أمس، ان "شكوى رُفِعت ضد المدير المسؤول في الصحيفة، وستبت عبر محكمة الصحافة". وكان سعيد حجاريان المدير المسؤول لصحيفة "صبح امروز" القريبة إلى خاتمي، والمساعد السابق لوزير الاستخبارات مَثُل ليل الاثنين أمام محكمة المطبوعات، وهو يواجه اتهامات لم يُفصح عنها قاضي المحكمة سعيد مرتضوي الذي تعتبره صحف الإصلاحيين عدوها اللدود، وقال حجاريان الذي أخلي سبيله بعدما وقّع على كفالة مالية قيمتها 28 ألف دولار: "كلما اقتربنا من انتخابات المجلس السادس البرلمان زادت الشكاوى ضدنا". إلى ذلك تتسم جلسات التحقيق مع محمد حسن علي بور، المدير المسؤول لأسبوعية "آيان" الإصلاحية ويحاكم أمام المحكمة الخاصة برجال الدين لاتهامه ب"إثارة مواضيع تتعلق بآية الله منتظري"، الذي يخضع لإقامة جبرية. واعتبرت جمعية الدفاع عن حرية المطبوعات أن "مشروع تمويل قانون الصحافة والمطبوعات مناقض لحقوق المواطنين وقانون العقوبات، محذرة من تعرض الصحافيين لمزيد من العقوبات، وإغلاق الصحف. واعتبرت ان القانون المطروح حالياً "يشكل قيوداً صارمة تعد سابقة منذ العهد القاجاري" 1779 - 1925. وأكّد وزير الثقافة عطاء الله مهاجراني ضرورة "العمل بالشفقة والخير وليس بالعنف وسوء الظن"، ورأى أن موقف مرشد الثورة آية الله علي خامنئي من أزمة نشر النص المسرحي "المسيء إلى إمام الزمان" لدى الشيعة الجعفرية "فقأ عين الفتنة".