شن المحافظون هجوماً عنيفاً على التيار الاصلاحي ورموزه في الدولة والحكومة، امس، هو الاعنف عملياً منذ شهور. اذ وجه نواب في البرلمان انتقادات لاذعة الى الرئيس سيد محمد خاتمي وسياساته الاقتصادية والاجتماعية، وقدم 31 نائباً محافظاً مذكرة بحجب الثقة عن وزير الثقافة والارشاد الاسلامي الدكتور عطاء الله مهاجراني. وابلغت المحكمة العليا وزارة الداخلية بصورة رسمية اقصاء رئيس بلدية طهران المدان غلامحسين كرباستشي عن منصبه وعن الوظيفة العامة لمدة عشر سنوات. وقضت المحكمة الخاصة بعلماء الدين بسجن رجل الدين المعتدل محسن كديور لمدة 18 شهراً نافذة، وكل ذلك في يوم واحد. ويبدو واضحاً ان اليمين المحافظ المتنفذ في مؤسسات النظام والدولة مصمم على شحذ ما لديه من اسلحة مدنية كافة في هذا الوقت بالذات، في محاولة لتأكيد وجوده وتثبيت نفوذه والضغط على خصومه، لاستنزاف الاصلاحيين في معارك عدة دفعة واحدة، ضمن ما يصفه الايرانيون ب"الصراع الديموقراطي المشروع". وعلى رغم ان الرئيس خاتمي كان حذّر معارضيه في الداخل قبل ايام من انه سيضطر الى "كشف مخططاتهم الشيطانية" للرأي العام اذا استمروا في نهجهم تجاهه وازاء حكومته ومشروعه الاصلاحي، فإن المحافظين بدوا حريصين اكثر من اي وقت مضى على تحدي الحكومة وانصارها واقصاء رموزها عن مواقعهم. استجواب مهاجراني وكما كان منتظراً منذ مدة، تقدم المحافظون في البرلمان بمذكرة لحجب الثقة عن الوزير مهاجراني. وتحدث النائب المحافظ البارز حسن غفوري - فرد، باسم 31 نائباً وقعوا مذكرة الاستجواب. وغفوري هو ايضاً عضو الهيئة الرئاسية للبرلمان، ما يشكل رسالة واضحة الى ان اركان التيار المحافظ وراء قرار النواب، وانهم ليسوا فقط مصممين على استجواب مهاجراني والتصويت على عزله، بل انهم ايضاً متأكدون من نتيجة التصويت لمصلحتهم، وانهم ما كانوا ليتقدموا بالمذكرة لولا يقينهم بنجاح خطتهم، على رغم ان اوساطاً سياسية تشكك في ذلك وترى ان مهاجراني سينجح في الافلات من طوق العزل. ويأخذ النواب ال31 على وزارة الارشاد "الاستهانة بالانشطة الصحافية والفنية والدفاع عن قيم الثورة والنظام والاسلام" ويتهمونها ب"غض النظر عن الانشطة التخريبية في بعض المطبوعات التي تدعو علناً لعودة الملكية وتشجع الفساد والدعارة وتهاجم الثورة والجمهورية الاسلامية ومبادئها الاساسية" و"اهانة المقدسات والترويج لفصل الدين عن السياسة، وتمجيد النظام الطاغوتي والطاغوتيين واهانة السلطات الثلاث" خصوصاً البرلمانية والقضائية التي يقال انهما تخضعان لسيطرة المحافظين ونفوذهم. وقالت صحيفة "رسالت" المسائية الموالية للتيار المحافظ، امس، ان عدداً من كبار مراجع التقليد في الحوزة العلمية في قم والبلاد "قلقون جداً على وضع الصحافة". وشددت على ان "تغيير الوزير بات ضرورة ملحة". ويتعين على مهاجراني المثول امام البرلمان في غضون عشرة ايام والدفاع عن نفسه. ويعتبر مهاجراني من الوجوه البارزة في التيار الاصلاحي، ومن اركان حزب "كوادر بناء ايران" المعروف بحزب انصار الرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني. ويتولى الامانة العامة لهذا الحزب كرباستشي الذي يعتبر العمود الفقري للحزب. ولقي عمدة طهران السابق نصيبه من هذه الحملة، اذ اقرّت المحكمة العليا حكم محكمة الاستئناف بإقصائه عن الوظيفة العامة لمدة عشر سنوات، وابلغت وزارة الداخلية بذلك رسمياً امس، وقالت صحيفة "كيهان" المسائية التابعة لمكتب مرشد الجمهورية الاسلامية امس، ان تنفيذ حكم دفع الغرامة وسجنه لمدة سنتين سيكون "خلال الايام القليلة المقبلة". ولم تتوقف الحملة عند هذا الحد، ووجه نواب محافظون انتقادات صريحة وعلنية لخاتمي وسياسات حكومته، وأشاروا بسلبية خصوصاً الى الوضع الاقتصادي "المتردي وآثاره الاجتماعية السيئة"، وحذر بعضهم من "انفجار اجتماعي مرتقب". وتزامن كل ذلك مع اصدار المحكمة الخاصة برجال الدين حكمها في قضية رجل الدين المعروف في التيار الاصلاحي حجة الاسلام محسن كديور، وقضت بسجنه 18 شهراً، بعدما دانته بتهمة "الترويج ضد النظام والاساءة الى قيادته".