استهدفت زيارة وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى باريس حيث التقى مساء السبت الرئيس جاك شيراك في قصر الاليزيه نحو ساعتين، توضيح موقف سورية وتأكيد جدية التزامها السلام وشروطها لعودة المفاوضات مع اسرائيل، عبر رسالة من الرئيس حافظ الأسد نقلها الشرع الى الرئيس الفرنسي. وأوضح الرئيس السوري في رسالته ان سورية اختارت استراتيجية السلام. وعرض بالتفصيل لنظيره الفرنسي الموقف السوري وشروط استئناف المفاوضات مع اسرائيل على المسارين السوري واللبناني، وفقاً لما ذكرته مصادر فرنسية مطلعة ل"الحياة". وأضاف الأسد في رسالته ان سورية تتمسك بضرورة استئناف المفاوضات من حيث كانت توقفت واستعادة الأراضي السورية حتى الحدود التي كانت قائمة قبل 4 حزيران يونيو 1967. وشرح الوزير السوري تصور دمشق للاطار الأمني في ظل السلام بين سورية واسرائيل، فيما أكدت رسالة الرئيس السوري أهمية دور أوروبا وفرنسا في عملية السلام. وأعرب شيراك من جانبه مجدداً عن "جهوزية" فرنسا للقيام بأي دور يطلبه منها كل من سورية ولبنان. وأكدت مصادر فرنسية مطلعة ل"الحياة" ان الشرع لم يطلب نقل أي رسالة من الرئيس السوري الى رئيس حكومة اسرائيل أيهود باراك الذي يزور باريس بعد غد الاربعاء. وقالت ان رسالة الأسد لم تتضمن أي جديد في الموقف السوري وانما أعادت تفصيل وشرح الموقف والمبادئ السورية المعروفة إزاء عملية السلام والمسارين السوري واللبناني. وكان الشرع قال بعد اللقاء بأنه نقل الى الرئيس شيراك رسالة من الأسد "جاءت نتيجة للاتصال الهاتفي الذي أجراه بالرئيس السوري الاثنين الماضي"، وقال انه جرى نقاش وتبادل للآراء حول عملية السلام بمجملها، خصوصاً على المسارين السوري واللبناني. واعتقد أن وجهات نظرنا كانت متفقة الى حد كبير حول تحقيق سلام عادل وشامل واستئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني من حيث توقفت". وأضاف: "اتفقنا أيضاً على متابعة هذه الاتصالات والمشاورات، خصوصاً بين الرئيسين". وعن توقعاته لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل قال الشرع: "لا استطيع أن أتكهن حول عودة المفاوضات، لكن ما يمكنني قوله هو أن الأسابيع المقبلة لا بد أن توضح مستقبل عملية السلام على المسارين السوري واللبناني سلباً أو ايجاباً". وبالنسبة الى الموقف الاسرائيلي قال: "سمعنا أن الحكومة الاسرائيلية توافق على استئناف المفاوضات من حيث توقفت، ولكننا نريد تأكيداً واضحاً، لمعنى "من حيث توقفت" وأن لا تكون هناك تفسيرات". وأضاف مشيراً الى الدور الفرنسي: "لا شك أن لفرنسا دوراً مهماً في عملية السلام كونها بلداً مهماً في الاتحاد الأوروبي". وأكد الشرع مجدداً تلازم المسارين السوري واللبناني، قائلاً: "ان الانسحاب المطلوب الكامل هو الى خط الرابع من حزيران 1967 ومن كل الأراضي اللبنانية. وتلازم المسارين يعني تلازماً في كل شيء". وقال الشرع ان سورية "غير منزعجة على الاطلاق في أن الفلسطينيين تمكنوا من توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل، وليست هناك منافسة بين سورية والفلسطينيين، فسورية ترحب بأي تقدم على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي". وأجاب رداً على سؤال من صحافي اسرائيلي عن احتمال لقاء بين الأسد وباراك "ان ذلك لن يتحقق إلا بعد نهاية المسار". وقال مراقبون غربيون واسعو الاطلاع على الأوضاع في المنطقة ل"الحياة" ان أهمية زيارة الشرع الى فرنسا تكمن في أنها تأتي قبل أيام من زيارة باراك لفرنسا وأيضاً قبل اسبوع من زيارة الرئيس ياسر عرفات يوم السبت المقبل لباريس. لكن المراقبين لاحظوا أن "لا جديد" في الرسالة السورية سوى وضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بمواقف دمشق قبل لقاء الشرع مع المسؤولين الأميركيين في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بالتحدث مع الأوروبيين أولاً علماً بأن سورية حريصة جداً على أولوية الدور الأميركي وأهميته في تحريك المسارين السوري واللبناني. وأشار المراقبون الى أن لدى سورية قلقاً ومخاوف من تنفيذ باراك وعده الانسحاب من جنوبلبنان بحلول 7 تموز يوليو 2000 قبل أن تستأنف مفاوضات السلام، ما يعقد موقفها. ورأوا ان سورية راغبة في تعجيل استئناف المفاوضات ولذا تتحرك باتجاه أوروبا والولايات المتحدة لحضها على دفع اسرائيل لقبول شروطها. وكان تعليق الشرع على الموقف الأميركي وهو خارج من قصر الاليزيه معبراً عن الأهمية التي تعلقها سورية على الدور الأميركي إذ قال ان "الموقف الأميركي يتصرف بشعور واضح من المسؤولية لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت، ونأمل ان تثمر هذه الجهود قريباً". ونقلت مصادر غربية مطلعة الى "الحياة" ان اسرائيل لا تزال ترفض مبدأ الانسحاب من الأراضي السورية الى حدود ما قبل 4 حزيران 1967، وهذا ما يؤخر استئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني في المرحلة الراهنة.