من المرتقب ان تنتهي قضية مجرم الحرب النازي ألويس برونير 87 عاماً الذي تقول الجمعية الفرنسية لأبناء ضحايا النازية انه لجأ للإقامة في سورية عقب الحرب العالمية الثانية، الى مخرج معنوي يتمثّل بالقرار الذي اصدره القضاء الفرنسي، ويقضي بمحاكمة برونير غيابياً امام محكمة باريس الجنائية. وتشكّل هذه المحاكمة تتويجاً لتحقيقات بدأها القاضي الفرنسي جان بيار غيتي في 29 نيسان ابريل 1988، إثر شكوى أقامتها جمعية أبناء ضحايا النازية التي يترأسها المحامي الفرنسي سيرج كلارسفيلد. وتحمّل الجمعية برونير الذي تصفه بأنه "مهندس الحل النهائي" أي إفناء اليهود الذي اعتمده النازيون، المسؤولية عن ترحيل 120 الفا من اليهود الى معسكرات الموت في كل من المدن الاوروبية التي عمل فيها خلال الحرب العالمية الثانية. أما المحكمة الجنائية الفرنسية فستحصر اهتمامها بدور برونير عن ترحيل 24 ألف يهودي أثناء توليه ادارة معسكر درانسي ضاحية باريس بين عامي 1943 و1944. وقد تعذّر على القضاء الفرنسي التحقّق من وجود أو عدم وجود برونير في دمشق، إذ ان المذكرات القضائية التي وجهها غيتي الى السلطات السورية في هذا الشأن بقيت بلا أي رد. وتؤكّد جمعية أبناء ضحايا النازية أن برونير أقام في دمشق في منزل عنوانه 7 شارع جورج حداد تحت اسم مستعار هو جورج فيشر، وذلك حتى سنة 1992، حين ترددت أنباء عن وفاته. وعبّر كلارسفيلد في تصريح صحافي عن ارتياحه لقرار احالة برونير أمام المحكمة الجنائية، "لأن محاكمته ولو غيابياً ستؤدي الى راحة نفسية" لدى ذوي الضحايا الذين قتلوا بسببه. وأضاف أنه على رغم ما ذكر عن وفاة برونير فإنه يعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة خصوصاً أن ابنته رفضت الاجابة عن السؤال الذي وجّه اليها من قبل القضاء الفرنسي والقضاء النمسوي في هذا الشأن. وأشار الى أن سورية رفضت دائماً الإدلاء بأجوبة حول برونير وأن ردّها كان على الدوام "لا نعرف شخصاً يحمل هذا الاسم في سورية". واستبعد امكان ان تتأثّر العلاقات الفرنسية - السورية سلباً من جراء هذه القضية، وقال ان الرئيس شيراك تطرق الى مسألة برونير خلال لقائه مع الرئيس السوري حافظ الأسد. وأكدّ أن محاكمة برونير وكذلك المساعي المتكرّرة للتحقق من مكان وجوده لا تهدف الى اثارة استياء سورية، وإنما الى تحديد مسؤوليته عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبها على الأراضي الفرنسية. وعن موقف السلطات الفرنسية من قضية برونير، قال الناطق المساعد لوزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا ريفاسو ل"الحياة": "إن المعلومات متضاربة في شأنه وانه في الوقت الحالي ليس هناك ما يمكّننا من معرفة مكان وجوده وليس هناك ما يسمح لنا بأن نؤكّد انه لا يزال على قيد الحياة". وأشار ريفاسو الى ان هذه القضية اثيرت تكراراً مع السلطات السورية وانه جرى التطرق اليها خلال زيارة شيراك الى سورية في تشرين الاول اكتوبر 1996 وايضا خلال زيارة الاسد الى باريس في تموز يوليو 1998. أما بالنسبة الى قرار محاكمة برونير فذكر ريفاسو انه لا يسعه التعليق على اجراء قضائي "وان الاجراء بحق برونير يتابع مجراه وسيصل، ونحن نتمنى ذلك، الى نتيجة نهائية. فنحن نتابع هذه القضية باهتمام منذ سنوات عدة".