حكمت محكمة الجنح في باريس على الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الخميس بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف وهمية عندما كان عمدة باريس خلال التسعينات. وهي المرة الاولى التي يصدر فيها حكم على رئيس سابق في فرنسا. وادين الرئيس السابق (79 سنة) في شقي قضية "اختلاس اموال عامة" و"استغلال السلطة" و"الاستفادة بطريقة غير شرعية" من عشرين وظيفة من اصل الثمانية والعشرين المطعون فيها. وشيراك اول رئيس للجمهورية يتعرض لملاحقات قضائية. وفي حالة لا سبيل الى مقارنتها بقضية شيراك، ادين الماريشال فيليب بيتان رئيس نظام فيشي الذي تعاون مع المانيا النازية، في 1945 بالخيانة العظمى وحكم عليه بالاعدام. وقد خفف الحكم الى السجن مدى الحياة. وكان جاك شيراك غائباً عندما تلا رئيس المحكمة دومينيك بوت الحكم، كما كانت الحال خلال المحاكمة التي جرت من الخامس الى 23 ايلول/سبتمبر. وقد سمح له بان يتغيب بناء على شهادة طبية تفيد عن اصابته باضطرابات عصبية "شديدة" و"غير قابلة للشفاء". وكان شيراك يواجه حكما بالسجن عشر سنوات وغرامة قدرها 150 الف يورو. وقال احد محامي الرئيس السابق جورج كيجمان ان "مسؤوليتكم الاخلاقية والسياسية ضخمة" مؤكدا ان "حكمكم سيكون اخر صورة تعطى عن جاك شيراك". ولم يفرج سوى عن اثنين من المتهمين التسعة الاخرين هما مدير مكتب جاك شيراك السابق ميشال روسان وبيار بوي القريب من الاوساط الرياضية. وادين السبعة الاخرون، فيما اعفي من العقوبة الامين العام السابق لنقابة القوة العاملة (فورس اوفريير) مارك بلوندال الذي طالما تلقى سائقه راتبا من بلدية المدينة بينما صدرت بحق الاخرين احكام بالسجن تتراوح بين شهرين الى اربعة اشهر مع وقف التنفيذ. وكان للقضية شقان، الاول عرض في باريس ويتناول 21 وظيفة والاخر في نانتير (قرب باريس) يتناول سبعة وظائف اخرى، وقد دفعت بلدية باريس رواتب كل تلك الوظائف من 1990 الى 1995. وكان يشتبه في ان جاك شيراك وضع اموال البلدية في خدمة طموحاته الانتخابية ومصالح حزبه وكانت الوظائف المطعون فيها تهدف الى توسيع نطاق نفوذه. وكان حينها عمدة باريس ورئيس التجمع من اجل الجمهورية (الحزب الذي تحول الى الحزب الحاكم حاليا الاتحاد من اجل حركة شعبية) وكان يعد لانتخابات رئاسية سنة 1995 خسرها لكنه فاز بها بعد هزيمتين. ونفى شيراك ما اتهم به مؤكدا انه "لم يرتكب اي خطا جنائي او اخلاقي" وذلك في بيان تلاه محاميه جان فيل. وقال جيروم كارسنتي وهو محام من رابطة لمكافحة الفساد وكان يسعى لإدانة شيراك إن الحكم الذي صدر اليوم "تاريخي ويدعو للاعتبار". وصرح للصحافيين امام المحكمة "شهدنا رسالة قوية توجه اليوم.. لم يعد بإمكان الساسة فعل ما يحلو لهم عندما يتولون مسؤولية الإدارة العامة." واستفاد شيراك من حصانة من المحاكمة حين كان رئيسا للدولة ولم يكن من الواضح لفترة أعقبت انتهاء ولايته ما إذا كان سيمثل امام المحكمة. كما أدين سبعة من بين تسعة كانوا يحاكمون مع شيراك منهم جان ديجول حفيد الزعيم شارل ديجول ومارك بلونديل وهو زعيم نقابي سابق. وقد تغيب العديد من الشهود عن المحاكمة التي لم يحضرها المتهم الاساسي، بمن فيهم وزير الخارجية الحالي الان جوبيه. وكان جوبيه رئيس الوزراء السابق ادين في 2004 بالسجن 14 شهرا مع وقف التنفيذ ومنعه سنة من الترشح الى مناصب سياسية في شق القضية الذي حوكم في نانتير بصفته مساعد جاك شيراك في بلدية باريس. وبعد نفيهما وجود "نظام" قائم حاول محاميا الرئيس السابق ان يبرهنا ان الوظائف المطعون فيها كانت في مصلحة سكان باريس واكدا ان جاك شيراك لم يكن على علم بالحالات القليلة التي سجلت فيها مخالفات ناسبين ذلك الى "فوضى" النظام الاداري. من جهة اخرى رفضت محكمة الجنح قبول ان تكون جمعية مكافحة الفساد "انتيكور" طرفا مدنيا في القضية. وقد تخلت بلدية باريس التي يرأسها حاليا الاشتراكيون، وهي اكبر متضرر في هذه القضية، عن رفع دعوى مدنية في هذه المحاكمة بعد ان قرر الاتحاد من اجل حركة شعبية وشيراك تعويضها.