في أميركا خمسون مليون كلب ينفق على اطعامها سنوياً خمسة بلايين دولار بخلاف تكاليف علاجها وترفيهها ومصاريف مواقع خدمتها على الانترنت، والحملات الدعائية التي تسخر لها في محطات التلفزيون. في المقابل يوجد في العالم العربي أكثر من خمسين مليون انسان يعيشون أوضاعاً ترفضها حتى الكلاب، وبعضهم يعيش تحت خط الفقر ويفرح اذا حصل على قطعة خبز يابسة وشربة ماء باردة أو حتى نقية. تصور أنك لاجئ في أحد المخيمات الفلسطينية التعيسة التي أصبحت تفتقد أبسط الخدمات ولا تليق بكرامة الانسان، وقرأت مقالاً لأحد الكتاب يتحدث عن الرفاهية التي وصلت اليها كلاب أميركا وكيف أصبحت هذه الكلاب تنام في غرف مكيفة وعلى أسرة من الديباج والحرير وتعيش أحسن من عيشة هارون الرشيد في زمانه، الى درجة أن هناك من يتحدث في أميركا عن حقوق الكلاب على غرار حقوق الانسان. هل تلوم الأميركان على اسرافهم في رفاهية كلابهم وتجاهلهم للمجاعات التي تعيشها شعوب بأكملها، أم تلوم نفسك وتقول يا سبحان الله، نستغرب على الأميركان تدليعهم للكلاب ولا نستغرب على أنفسنا اهمالنا للانسان الذي كرمه الله على سائر المخلوقات. هل تلوم الأميركان لأنهم يحاولون رفع عيشة الكلاب الى مستوى عيشة البشر ويطبقون مبادئ الرفق بالحيوان على طريقتهم الخاصة، أم تلوم الذين يسعون جاهدين الى جعل الانسان يتمنى عيشة الحيوانات ويسرفون في تمجيد صورة الزعيم وشراء الاسلحة على حساب الطعام والدواء، مع أنهم يهرولون الى السلام ولديهم نية مؤكدة لشطب كلمة الحرب من لغتهم. هل يستحق الأميركان اللوم وهم الذين أعلوا من شأن الانسان على أرضهم وجعلوه يتمتع بأقصى درجات الرفاهية والحرية والكرامة، أم أن الذي يستحق اللوم هو من يتفنن في تجويع مواطنيه ويحارب حريتهم ويقمع كل محاولة منهم للحصول على حقوقهم في الحرية والديموقراطية والكرامة وحماية حقوق المدرسين والحلاقين والمطلقات؟