رفضت حركة المقاومة الاسلامية حماس العرض الثاني للحوار مع السلطة الفلسطينية في غضون شهر. وجاء هذا العرض، الذي أكدته مصادر فلسطينية مطلعة في اتصال هاتفي بين الوزير طلال سدر ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، أول من أمس الخميس، وتضمن مبادرة من السلطة للافراج عن معتقلين من الحركة. وأوضحت المصادر ذاتها ان العرض تضمن استعداد مسؤولين في السلطة للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "بصورة سرية وبعيدة عن الإعلام تمهد لحوار علني". واعربت السلطة عن استعدادها للافراج عن معتقلي حركة "حماس" الموجودين لديها "تأكيداً لحسن النية" باستثناء المعتقلين المتهمين بعمليات عسكرية. وسألت "الحياة" رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل عن أسباب رفض الحوار مع أنها المحاولة الثانية للوزير طلال سدر في غضون شهر، فأجاب: "مسيرة أوسلو قادت القضية الفلسطينية الى مأزق شديد، والسلطة تجد نفسها أمام الاستحقاق الخطير لمفاوضات الو ضع النهائي، ودعوة الحوار تأتي لغرض تكتيكي يسعى الى تكريس الواقع الذي نشأ عن أوسلو، واشراكنا في ورطة المفاوضات لتحميلنا مسؤولية التنازلات المقبلة المرتبطة بجوهر القضية الفلسطينية: القدس والأرض وحق العودة وإزالة الاستيطان، وهو ما يعني تصفية القضية، ولا يمكن ان نقبل شطب حقوق شعبنا واعطاء الغطاء السياسي والشرعية للتفريط". وكان مشعل أبلغ سدر، وهو قيادي سابق في الحركة، عندما التقاه منتصف الشهر الماضي في عمان، ان الذين حاورتهم السلطة في الماضي يقبعون في سجونها اليوم، وهو ما دعا سدر الى اقناع السلطة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين للحركة. ويصل عدد معتقلي الحركة الى 220 معتقلاً أكثر من 90 في المئة منهم اعتقلوا على خلفيات سياسية فيما اعتقل الباقي على خلفية مشاركتهم في أعمال عسكرية. وعما إذا كانت المبادرة بعرض الإفراج عن المعتقلين السياسيين خطوة باتجاه الحوار، قال مشعل ان "التعامل مع قضية المعتقلين لا يجوز ان يكون بمنطق الابتزاز، فهم مواطنون وليسوا رهائن، وجريمتهم إما التعبير عن آرائهم السياسية وإما ممارسة حقهم الطبيعي في مقاومة الاحتلال"، مشيراً إلى أن الافراج عنهم "مطلب لا يمكن التنازل عنه في أي مرحلة". إذن، ما هو الحوار الذي تقبله حماس؟ سألت "الحياة": "المطلوب حوار وطني لا حوار شكلي، حوار يقوم على مراجعة المسيرة الفلسطينية، وبناء استراتيجية جديدة تقوم على قاعدة وحدة الشعب الفلسطيني وحشد قواه في برنامج المقاومة، والالتحام بالعمق العربي الاسلامي، فالعرب والمسلمون لا يقبلون بضياع حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها القدس". من جهتها أكدت مصادر في السلطة الفلسطينية "الرغبة الجادة للقيادة الفلسطينية في الحوار مع قوى المعارضة كافة وعلى رأسها حماس في ظل المرحلة المفصلية التي يمر بها الشعب الفلسطيني"، مشيرة الى ان الحوارات السابقة مع حماس عام 1995 في القاهرة وعام 1997 في الداخل أكدت "إمكان التوصل الى نقاط مشتركة تخدم في النهاية أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والدولة والعودة". وزادت ان "نتيجة الحوار مع الجبهة الشعبية تصب في اتجاه الحوار مع حماس".