هل كان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران معادياً لليهود؟ "ربما"، يقول الكاتب الفرنسي عضو الاكاديمية الفرنسية جان دور موسون و"كلا على الإطلاق"، حسب ردود الفعل العاصفة التي صدرت عن الوسط الاشتراكي الفرنسي، السياسي والاعلامي. وفيما من الصعب التحقق من صحة أي من الجوابين، يبدو مؤكداً على الأقل ان ميتران وبعد مضي أربع سنوات على وفاته، لا يزال قادراً على تحريك المشاعر والحساسيات، مثلما كان يفعل في حياته. وفي أساس الجدل الجديد الذي تشهده فرنسا حول صحة عداء ميتران لليهود، عبارة وردت في كتاب سيصدر قريباً، لدور موسون ويحمل عنوان "تقرير غبريال". فيروي دور موسون الذي ينتحل في كتابه شخصية غبريال ما دار خلال لقاء أخير عقده مع ميران في 17 ايار مايو 1995، قبيل موعد حفل تسليم الصلاحيات الرئاسية للرئيس المنتخب في حينه جاك شيراك. ويقول دور موسون ان الحديث تناول مواضيع عدة منها الحال الصحية لميتران، التي كانت تدهورت بشكل محلوظ، اضافة الى ما ذكر عن العلاقة التي تربطه برينيه بوسكيه رئيس دائرة الشرطة في ظل حكومة فيشي، المتعاونة مع النازية. ويؤكد ان ميتران أجابه قائلاً: "انك تلمس هنا التأثير القوي والمؤذي للوبي اليهودي في فرنسا". ويضيف انه فضل في حينه عدم نشر هذا الموقف، رغم ان العديد من أصدقائه من اليمين واليسار حضوه على ذلك. ويتساءل عما دفع ميتران الاشتراكي على تخصيص الدقائق الأخيرة المتبقية في قصر الاليزيه للقائه علماً بأنه كاتب وصحافي يميني، وعمّا حمله للتفوه أمامه بهذا الموقف. وما ان كشف عن هذا الجزء من كتاب دور موسون حتى توالت ردود الفعل عليه. فبادر رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان الاشتراكي الى إصدار بيان أكد فيه انه خلال نقاشاته المتعددة والعميقة مع ميتران تناول مراراً المسائل التي تخص الجالية اليهودية في فرنسا وأوضاع اليهود في عدد من دول العالم. وأضاف جوسبان في بيانه ان مجمل هذه النقاشات "تؤكد من حيث التحليل وايضاً من حيث المشاعر ان ميتران لا يمت بأي صلة للعداء للسامية". وصرح الوزر الاشتراكي السابق جان لوي بيانكو ان ميتران كان "مناهضاً بالعمق لأي شكل من أشكال العداء للسامية" وان ما ينسبه اليه دور موسون "لم يصدر أبداً عن شخص أمضيت ساعات عدة أتحدث اليه عن مختلف المواضيع". وتوالت ردود الفعل الاشتراكية على نفس هذا المنوال وكان أقساها ردة فعل إبنة ميتران غير الشرعية مازارين بنجو التي قالت في رسالة مفتوحة نشرتها الصحف الفرنسية، ان ما نسبه دور موسون الذي وصفته بأنه "مغتصب" والدها جاء بدافع "الحقد والذم". واشادت بالقيم الانسانية التي اعتمدها والدها الذي لم يتراجع يوماً عن "مكافحة التمييز وتحديداً العنصرية والعداء للسامية". وإزاء الجدل الذي أثاره، أكد دور موسون ان ما كتبه "ليس سوى الحقيقة" وانه اذا كان هناك مجال للاستغراب فينبغي ان يتركز على العلاقة التي بقيت قائمة بين بوسكيه وميتران حتى بعد تولي الأخير لرئاسة الجمهورية الفرنسية.