علمت "الحياة" ان الكرملين يدرس "سيناريو" استقالة الرئيس بوريس يلتسن مطلع الشهر المقبل، واجراء انتخابات رئاسية مبكرة يراهن فيها على فوز رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين. وتأتي هذه المعلومات في وقت يتعرض يلتسن لفضائح فساد اعتبرت سابقة راجع ص 8. وأكد مصدر وثيق الصلة بالكرملين ان مصير ذلك السيناريو لجهة إقراره أو رفضه سيبت في غضون اسبوعين، اذ أن الموعد الانسب للاستقالة هو 9 أيلول سبتمبر المقبل. واختير هذا اليوم لأن الدستور يقضي باجراء الانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة أشهر من الاستقالة، ما يعني انها ستتزامن عملياً مع الانتخابات البرلمانية التي حدد 19 كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لها. وفي هذه الحال، يكون الكرملين "باغت" خصومه وفي مقدمهم ائتلاف "الوطن كل روسيا" الذي يقوده رسمياً رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف، فيما يعد محافظ موسكو يوري لوجكوف اللولب المحرك له. وبسبب انشغال الائتلاف بالتحضير للانتخابات النيابية، سيفقد الكثير من الموارد لتعبئة قواه من أجل خوض المعركة الرئاسية. أما بوتين الذي سيسجل في "رصيده" احتواء الأحداث في داغستان وتسديد الرواتب المتراكمة للمتقاعدين والعمال، فسيبدأ حملته من مواقع قوية مستنداً الى دعم الهياكل المالية الكبرى والجهاز الاداري. ولتعزيز هذه المواقع، يحتمل ان تسند رئاسة الديوان الرئاسي الى اناتولي تشوبايس الذي كان تولى هذه المهمة وقاد الحملة الانتخابية ليلتسن عام 1996. ويعتبر تشوبايس "رجل الكواليس القوي"، ووجوده الى جانب بوتين يوسع القاعدة التي يستند اليها الأخير. يقتضي إقرار هذا المخطط "التخلص" من ابرز المرشحين المنافسين، وفي مقدمهم بريماكوف الذي يتوقع ان يتعرض الى "ضغوط قوية جداً" قد تجعله يمتنع عن ترشيح نفسه. وسيواجه لوجكوف في هذه الحال اشكالاً صعباً، فهو الى جانب مسؤولياته في ادارة ائتلاف "الوطن كل روسيا" سيخوض انتخابات لاختيار محافظ موسكو تجرى يوم الاقتراع البرلماني. ويستبعد ان يغامر لوجكوف بدخول معركة رئاسية "غير مضمونة" ويفقد موقعه الحالي المهم الذي لا يشك أحد في أنه سيتمكن من الاحتفاظ به عبر انتخابات المحافظة. ويرى واضعو السيناريو ان الكرملين يجب أن "يساعد" الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف في حال اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كي يتأهل مع بوتين، بعد الجولة الأولى لخوض جولة ثانية حاسمة. ففي هذه الحال ستضطر مراكز مهمة في تيار الوسط مناوئة ليلتسن الى دعم رئيس الوزراء الحالي لمنع وصول الشيوعيين الى الرئاسة. ونبه المصدر الذي تحدث الى "الحياة"، الى أن الخطة المقترحة تحظى بدعم عدد من القريبين الى يلتسن، والذين يرون أن حصول اليسار والوسط على غالبية ساحقة في الانتخابات البرلمانية، سيجعل تجاهلهما صعباً لدى تشكيل الحكومة الجديدة، بالتالي يتعذر "فرز" مرشح للرئاسة يرضى عنه الكرملين. لكن المعترضين على السيناريو يرون ان بوتين لم يحقق بعد أي تقدم في استطلاعات الرأي، ولن يتمكن خلال ثلاثة أشهر من احراز تفوق واضح أو تسجيل "انتصارات" مهمة. والمشكلة الأكبر تكمن في اقناع يلتسن بالتخلي عن مشاريع "تمديد الولاية" والبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة. ويتوقع مراقبون حسم الصراع في غضون أيام قليلة، لمصلحة واحد من الفريقين.