يسود هدوء حذر مشوب بالتوتر الأوساط السياسية في روسيا بعد اسبوع من الانتخابات البرلمانية التي سجلت نجاحاً واضحاً للكرملين وحكومة فلاديمير بوتين، بعد سلسلة من النكسات والتراجعات التي كادت ان تؤدي الى سقوط عهد بوريس يلتسن. وجرياً على عادته بالانزواء والغياب الطويل عن الاضواء بعد كل انتصار سياسي، اختفى الرئيس الروسي من الساحة بصورة شبه تامة. وللمرة الأولى منذ توليه الرئاسة، اناب يلتسن عنه رئيس الوزراء في حفل توزيع الأوسمة في الكرملين يوم الجمعة الماضي. وسجل آخر لقاء بين يلتسن وبوتين الاربعاء الماضي. وقبل يومين اثار بوتين دهشة الصحافيين بقوله ان يلتسن قد خرج الى غابة للصيد علماً بأنه لا توجد غابات "مسكونة" بوحوش برية قرب مقر سكنه المعلن في مجمع "غوركي - 9" في ضواحي موسكو. وأشار ميخائيل غورتسكوف مدير "المعهد الروسي المستقل لدراسة القضايا الاجتماعية والقومية" الى صعوبات ومفاجآت غير سارة تنتظر بوتين في طريقه نحو الفوز في معركة الرئاسة المقبلة. ودعا الى عدم الاستخفاف بفرص يفغيني بريماكوف رغم الفشل النسبي لكتلته في الانتخابات الأخيرة. أما على صعيد معركة انتخاب رئيس مجلس الدوما النواب فما زال الحزب الشيوعي يعترض على اختيار سيرغي ستيباشين رئيس الوزراء السابق رئيساً للمجلس، في الوقت الذي تقف فيه الفئات اليمينية اتحاد قوى اليمين ويابابلوكو بزعامة غريغوري يافلينسكي ضد ترشيح ممثل الشيوعيين. اما حركة "الوحدة" الموالية للحكومة والتي جاءت في المرتبة الثانية في الانتخابات فتواجه مشكلة زعامة كتلتها البرلمانية لإصرار رئيسها سيرغي شويغو على البقاء في الحكومة كوزير لشؤون الطوارئ حتى نهاية العملية الشيشانية على الأقل. والكسندر كاريلين الرجل الثاني في الكتلة هو بطل العالم في المصارعة فلا يصلح لرئاسة الدوما لأن "قوته في عضلاته وليس في دماغه". كما ان خلافات مبكرة ظهرت بين نواب حركة الوحدة الذين جرى اختيارهم على عجل بإشراف بعض حكام بعض المقاطعات الروسية الخاضعين لضغوط الكرملين. ولا تخلو أوساط الحزب الشيوعي بدورها من الارتباك، وقال احد مستشاري الكتلة الشيوعية في الدوما ل"الحياة" ان شكوكاً تساور اعضاء قيادة الحزب حول ترشيح غينادي زيوغانوف لمنصب الرئاسة آخذين في الاعتبار أداءه غير الموفق في انتخابات الرئاسة السابقة. واضاف ان ترشيح زيوغانوف محتمل في حال تعثر فلاديمير بوتين كرئيس للحكومة أو إقالته قبل الربيع القادم في حال تشكيل "ائتلاف واسع" يدعم المرشح الشيوعي وهو أمر قليل الاحتمال حالياً. من جهة اخرى قال غينادي سيلزنيوف رئيس الدوما الذي تنتهي صلاحياته في الشهر المقبل ان الحزب الشيوعي "لن يؤيد يفغيني بريماكوف لقلة حظوظه كمرشح للرئاسة واختلاف برنامجه مع الطروحات الشيوعية". ولم يستبعد سيلزنيوف ان تتعاون الكتلة الشيوعية مع نواب حركة "الوحدة" في قضايا مصيرية كقانون يسمح ببيع الأراضي بلا قيود ومشروع يعارضه اليساريون بشدة أو مسائل تمس أمن روسيا ووحدة أراضيها.