في اطار بيروت "عاصمة ثقافية للعالم العربي للعام 99" واسهاماً في اغنائها على غير صعيد وفي شتى مجالات الثقافة والفنون، تشهد شوارع المدينة وصالاتها ومعارضها نشاطات متعددة. وتقدم كل مؤسسة ثقافية او جمعية افضل ما عندها، وبعض الؤسسات لا يحتفي ببيروت فحسب بل بسواها من المدن العربية. وهذا ما دأب عليه مسؤولو "غاليري زمان" اذ يقيمون معارض صور قديمة لمدن عربية التقطت في بدايات القرن، ويستمر كل واحد منها شهراً. وبعدما اقيمت في الاشهر الماضية معارض ل"عمان والاردن"، و"دمشق وسورية" و"القاهرة ومصر" و"الرباط والمغرب" تعرض حالياً صور ل"مكةالمكرمة والجزيرة العربية واليمن السعيد"، على ان تليها معارض ل"بيروت ولبنان"، و"بغداد والعراق" و"تونس". ويبلغ مجموع صور العالم العربي جميعاً نحو 10 آلاف صورة بينها نحو 500 لمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وشبه الجزيرة العربية. والصور هذه تعود الى بدايات القرن العشرين 1900 - 1930 وجمعت كلها في عواصم ومدن اوروبية، على ما قال صاحب الغاليري الدكتور موسى قبيسي ل"الحياة" وقد عمل على جمعها خلال ثلاثين عاماً ساعياً وراءها "كما يذهب صياد الى البحر بصنارته معتمداً الحظ والمثابرة". والمعرض الذي اطلق عليه اسم "حنين" يضم مجموعة من الصور القديمة بالاسود والابيض لمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة في مشاهد عامة وخاصة للمساجد والمآذن والحرم المكي عامراً بالمحرمين وجبل عرفة وقوافل الحجاج مقبلين ومتزاحمين في المرافئ أو جالسين تحت خيامهم. وهناك ايضاً صور للمنازل والابنية والشوارع والمتجولين فيها وبخاصة شوارع عدن التي ظهر جلياً فيها تطور وسائل النقل من الجمال التي كانوا ينقلون عليها ماء وحطباً الى السيارات في موديلاتها الاولى في الثلاثينات وتنادي الناس اليها وتحلقهم حولها وتدليهم من نوافذها، اضافة الى تجمع فتيان لالتقاط صور أناس متكاتفين محدقين في عدسة الكاميرا. والصور، التي يقلب زائر المعرض معظمها بين يديه كتصفحه لالبوم صور اذ لم تكبر كلها وتزدن ببرواز، وهي تقدم بانوراما جميلة تظهر حال المدن والناس قبل نحو 90 عاماً وتعتبر من الصور النادرة وهي، على ما يصفها الدكتور قبيسي "كانت وسيلة الاتصال الوحيدة في بدايات القرن ولعبت دوراً مهماً وكانت تؤدي دور التلفزيون والسينما عبر البطاقة البريدية وارشيف الصور". ويوضح الدكتور قبيسي ان "ملتقطي الصور هذه متعددون، ومعظمهم غير معروف ويقال: ان جزءاً منها التقطه ضابط في الجيش العثماني وخصوصاً صور الحجاج في مكةالمكرمة، وان قسماً آخر منها، وبخاصة صور عدن، التقطها مصورون بريطانيون". ويعتبر ان"ميزة الصور لا تكمن في معرفة المصور، الذي قد يكون هاوياً ولا يتمتع بمعرفة عالية بتقنية التصوير، بل تتميز بتوثيق حال المدن العربية من خلال الصور في فترة معينة". وهل تنوي جمعها في كتاب؟ يجيب "لا على الاطلاق لان الصور حين تطبع في كتاب تفقد حال الفوتوغرفيا والميزة الفنية لها"، معتبراً ان "تقديم الصورة يكمن في طريقة تقديمها لناحية احترامها واحترام جمهورها".