لم يُبد وزير الداخلية الجزائري السيد عبدالمالك سلال "تفاؤلاً كبيراً" خلال تقويمه للوضع الامني في البلاد. ولفت سلال في حديث الى القناة الفضائية الجزائرية مساء اول من امس، الى التحسن الكبير الذي يُسجل منذ بضعة اشهر. لكنه استدرك مشيراً الى "بعض الاعمال التي يقترفها متطرفون يؤيدون افشال سياسة الوئام المدني". واوضح انهم "اقلية لحسن الحظ". وجدد نداءه الى المواطنين ل"التحلي باليقظة". وصاحب فوز السيد عبدالعزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية في 5 نيسان ابريل الماضي اغتيال مواطنين اثنين في ولاية المدية واختطاف فتاة. ومع مضي ما يقرب من 90 يوماً من حكم بوتفليقة ارتفع عدد ضحايا العنف الى اكثر من مئة قتيل و57 جريحاً وخطف 12 مواطناً بينهم 8 فتيات. وهذه حصيلة مرتفعة اذا قورنت بحصيلة العام الاول من حكم الرئيس السابق اليمين زروال 94-1995، عندما سُجل مقتل اقل من مئة شخص من كانون الثاني يناير 1994 الى كانون الثاني 1995. ومعلوم ان المقارنة بين دموية "الجماعة المسلحة" وقوتها عامي 1994، و1995 وبين قوتها اليوم، غير واردة، خصوصاً ان الجناح المسلح لجبهة "الانقاذ" اصبح طرفاً في محاربة هذه الجماعة عوض مؤازرتها. ويلاحظ ان غالبية الجرائم وقعت وسط البلاد وغربها. وترى اوساط مراقبة في عودة القنابل الموقوتة والتفجيرات والاغتيالات الفردية محاولة من "الجماعة المسلحة" لتأكيد حضورها، بعد الضربات العنيفة والانشقاقات التي تعرضت لها في السنوات الماضية. الا ان اطرافاً اخرى تعتبره "رسالة" للرأي العام المحلي والدولي تهدف الى تكريس "منطق القوة"، واعطاء الانطباع بأن "الجماعة المسلحة" لا تزال طرفاً في اي اتفاق بين السلطة وايّ جناح مسلح. ويسجل المراقبون ظاهرة "الهجوم على الدوريات العسكرية ومراكز الشرطة، واغتيال اعضاء اجهزة الامن"، وهي ظاهرة مرتبطة خصوصاً بمجموعة حسن حطاب الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بحسب وجهة النظر الامنية التي تفسرها بضعف الجماعة في الحصول على الامداد بالسلاح والغذاء، وهو ما يجعلها تحاول نصب كمائن. غير ان ما فقدته "الجماعة المسلحة" والجماعات المحسوبة عليها من عناصرها خلال ال90 يوماً من حكم الرئيس بوتفليقة يفوق ما فقدته في ال365يوماً من حكم الرئيس اليمين زروال لعام 1994. كذلك يُسجّل ارتفاع عدد التائبين من الجماعات المسلحة بعد تنصيب "لجان الارجاء" لقانون الوئام المدني في المناطق الجزائرية. ولا تستبعد مصادر في وزارة العدل التي تشرف رسمياً على عمليات الاستسلام ان يزداد عدد التائبين خلال الحملة التي ستشرع فيها السلطات الجزائرية خلال الايام المقبلة، والتي تشمل عائلات الارهابيين واقربائهم، واعطاء الضمانات، وتأتي حملة الوزارة بعد حملة مماثلة بدأت في وسائل الاعلام الرسمية. ولا شك ان التحركات التي تسجل حالياً لقياديين في "الانقاذ" شرق البلاد وغربها انما هو في اطار اعطاء الضمانات للجماعات المسلحة، وتمكين "الجيش الاسلامي للانقاذ" من فرز فصائله، وتقديم قوائم ب"التائبين" الى السلطات الجزائرية. واكدت مصادر متطابقة ل"الحياة" ان قيادات من "الانقاذ" ستبدأ قريباً في عمليات شرح لقانون الوئام المدني، كما انها ستصدر بياناً تدعو الى المشاركة في الاستفتاء على قانون الوئام. لكن مصادر اخرى تقول ان مسؤولين في الجناح العسكري ل"الانقاذ" يتحفظون عن بعض مواد قانون الوئام، خصوصاً ان يشترط عفواً فردياً لمن يطلبه بينما كانت الجبهة الاسلامية تتوقع أنْ يُصدر الرئيس بوتفليقة عفواً شاملا عن اعضاء الجماعات التي تنبذ العنف وتسلم نفسها. وعلى الصعيد الامني، انفجرت صباح امس قنبلة تقليدية في شاطئ بباب الوادي خلفت عدداً من الجرحى وسط المصطافين. وقال شهود ان الانفجار وقع في حدود العاشرة والربع عندما بدأ الاطفال ينزلون الى الشاطئ البحري وان الانفجار سُمع على بُعد اكثر من كليومتر، وخلّف حفرة عمقها لا يقل عن 60 سنتيمتراً. وشوهدت سيارات الاسعاف وهي تنتقل الى الشاطئ. وهذه المرة الاولى التي تنفجر قنبلة في شاطئ باب الوادي التابع لمحافظة الجزائر الكبرى. وهي ثالث قنبلة من نوعها بعد قنبلتي شاطئ "عين تقوريت" بولاية تيبازا. وفي لندن، تلقت "الحياة" بياناً جديداً من "الجماعة السلفية" هاجمت فيه الهدنة والاطراف السائرة فيها. وقالت ان الحكم الجزائري كان "يفكّر في خطة يخرج بها من ازمته الامنية، فوجد امامه مُرْجفي الجيش الاسلامي للانقاذ، فراح يحاول ان يصنع بهم تجمعاً يشتري به الجهاد المبارك في مقابل عفو محتشم". وتابعت ان الهدف من قانون الوئام "الغاء الطرف الحقيقي في النزاع. وقد سبق لنا ان نبّهنا ان الحكم الجزائري كان يهيء … الجيش الاسلامي للانقاذ لهذا الغرض منذ اكثر من ثلاث سنوات". وتحدث البيان بالتفصيل عن مكمن قال ان "الجماعة السلفية" نصبته لقوات الامن في باتنة.