لم يسبق لأي جاسوس خلال هذا القرن ان تمتع بالشهرة التي تمتع بها كيم فيلبي، المعروف بلقب "الرجل الثالث" في حلقة جامعة كامبريدج التي ضمت أخطر جاسوسين بريطانيين هما غي برغسي ودولاند ماكلين. ومنذ فرار كيم من بيروت عام 1963، والصحف البريطانية تتسابق على نشر كل ما عرف عن حياته الغنية بالأسرار، بحيث قيل عنه انه أهم جاسوس خلال نصف قرن من الحرب الباردة. ومع ان هناك اكثر من عشر كتب أصدرتها دور النشر عن الجاسوس فيلبي، إلا أن أهمها بالطبع ما كتبه هو عن نفسه في مذكراته، بدءاً من الانخراط في حلقة "كامبريدج"... مروراً بأجمل أيامه في بيروت وانتهاء بسنوات المنفى في موسكو. ولم يكشف كيم القناع عن دوره الحقيقي، واسلوب حياته في روسيا. واكتفى في مذكراته بالحديث عن نزواته البريطانية، وبأن تعلقه بالماركسية كان موقفاً ايديولوجياً ولم يكن موقفاً سياسياً يندرج تحت تهمة خيانة الوطن. الوجه الآخر لكيم فيلبي ترسمه زوجته الروسية روفينا، المشرفة على منشورات "مؤسسة موسكو" التي أصدرت أخيراً مذكراتها التي تروي فيها غيرة زوجها، وإدامانه الكحول، وحرصه على تثبيت هويته الانكليزية. وتذكر روفينا في مذكراتها أنها تزوجت كيم عام 1971 بعد لقاء سريع بواسطة صديقتها ايدا، ولكنها خافت منه بسبب علاقته بال"كي.جي.بي"، والانتماء الى أخطر منظمة استخباراتية في العالم. وهي تعترف ان ال"كي.جي.بي" فقدت الاهتمام به، بعد لجوئه الى موسكو، وظلت تستفيد من معلوماته السابقة وليس من دوره. وتتحدث روفينا عن الوحشة التي عاناها فيلبي حتى أصبحت عزلته أمراً خطيراً. وذكرت انه شدّها مرة من يدها وهي ترقص مع شخص آخر دعاها الى الحلبة. ومع ان الرقص عمل مألوف في مطاعم موسكو، إلا أن كيم لم يحتمل هذا المشهد بسبب غيرته الشديدة.