القصر تحيطه حدائق غنّاء. واحات من الزهور والورود والأشجار التي تتهادى أوراقها باسترخاء بين أغصان وأفنان استطالت وتمددت فوق رؤوس المارة والسياح في قلب لندن. منطقة "غرين بارك" المنتزه الأخضر تنبض بالتاريخ والعراقة. القصر الكبير الذي يتوسطها لا يوحي بطابعه الرسمي، بما يحويه في الداخل من تحف ومقتنيات باذخة وجميلة، ولا بكونه المركز الذي دارت ولا تزال تدور حوله الحياة السياسية في المملكة المتحدة. الاقتراب منه لا يمكن أن يسمح للزائر بالتعرف الى ما يدور فيه من خبايا تصير كل يوم طي التاريخ. في أروقته وصالاته التي يفتح بعضها للزوار مقابل رسم مادي كتبت صفحات كثيرة من تاريخ الامبراطورية التي ما كانت تغيب عنها الشمس والتي كانت تغطي أكثر من ثلثي المعمورة. "باكنغهام بالاس" كان قبلة أنظار العالم، قبل عامين، حينما امتدت أمام باحته الخارجية الشاسعة كتل مذهلة من باقات الزهور حداداً على مصرع الأميرة الشقراء ديانا في نفق بارد في باريس. كان المنظر لافتاً بمقدار تنكيس العلم البريطاني، الذي يعلو صارية القصر حينما تنزل فيه العاهلة البريطانية الملكة اليزابيث الثانية. كانت تلك أكثر الصور شهرة في اذهان الناس حول العالم أثناء الهستيريا الجماعية التي أثارها موت ديانا، ولكنها ليست فقط السبب الوحيد الذي يجعل الزوار يتوقفون أمام القصر ويزدحمون حوله كما هي عليه الحال في الساحات الخضر التي تحيط بواجهة البيت الأبيض في واشنطن. قصر باكنغهام وقلعة وندسور وقصر هوليرودهاوس هي المقر الرسمي للعاهل البريطاني، وهي بالتالي تستخدم مقراً للاقامة ومكتباً في آن. هذه المباني، لا سيما قصر باكنغهام الذي تمضي فيه الملكة اليزابيث الثانية أطول فترة خلال السنة، هي أيضاً مكان مثالي للاحتفالات الرسمية للدولة والحفلات الترفيهية الرسمية. يفتح القصر أبوابه للزاور والسياح كل عام بين الثامن من آب أغسطس والخامس من تشرين أول أكتوبر، وهي الفترة التي تنتقل فيها الملكة إلى مقر إقامتها الصيفي. الخطوة باشرتها العاهلة البريطانية منذ عامين بهدف تقريب العائلة المالكة من الجمهور وإظهار حرصها على الأموال العامة ورغبتها في تغطية جزء من أكلاف صيانة القصر من عوائد بيع تذاكر الدخول. من التاسعة والنصف صباحاً الى الرابعة والنصف من بعد ظهر كل يوم يسمح بدخول الزوار الى الأجزاء التي تشملها الجولات السياحية. سعر التذكرة تسعة جنيهات للبالغ فوق سن السابعة عشرة وخمسة لمن هم أدنى من ذلك. أما الصغار دون الخامسة فدخولهم مجاني. 20 هكتاراً من المنتزهات الخضراء المزروعة بالزهور والورود والأشجار تبقى مفروشة كل يوم بالناس الذين يتدفقون لزيارة قصر باكنغهام. باعة الآيس كريم والمشروبات المنعشة يقفون في أكشاكهم الصغيرة وسط المنتزه والحدائق المرسومة بعناية كبيرة. يبدو المشهد في أيام الصيف المشمسة في لندن وكأنه مهرجان ألوان. الخضرة الغامقة للبحيرات الصغيرة حيث تسبح الطيور وتنتظر أن يزقها الزوار بالطعام تضفي على المشهد طابعاً مريحاً للنفس. يبدو الوقت وكأنه توقف في هذا المكان- الواحة. الازدحام في ساحة القصر، لا سيما في الصباح حيث يتم تغيير الحرس عند الحادية عشرة صباحاً أمام القصر، منظر تقليدي يحيط بمقر إقامة الملكة الشتوي. فلاشات المصورين وكاميرات الفيديو التي تدورمن دون توقف جزء من هذا المشهد، والزيارة لا تكتمل من دونه. في الساحة أيضاً يرمي الزوار أنفسهم في الماء. هناك حوضان صغيران يحبهما الزوار، لا سيما الشبان منهم. يرمون بأنفسهم فيه طلباً لبعض الانتعاش وهرباً من الحر. النصيحة الوحيدة للزوارالذين يعبرون من مقر البرلمان في ويستمنستر وشارع دواننغ ستريت حيث مقر رئاسة الوزارة باتجاه قصر باكنغهام وهي مسافة يمكن قطعها في 15 دقيقة أن يخصصوا ثلاث ساعات على الأقل لزيارة محيط قصر باكنغهام وساعتين للجولة على الصالات داخله.