سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ماذا يقول الشرع والطب وعلم النفس في هذه الظاهرة ؟ . عمليات التجميل المنتشرة بسرعة في العالم العربي : تغيير الخلقة محرم شرعاً ... والرضى النفسي أهم نتائجها
أصبح مظهر المرأة العربية أحد أهم العوامل المؤثرة في حياتها في العصر الحديث. وصارت المرأة اكثر اهتماماً بمظهرها طالما ان بيوت الازياء العالمية تغمرها بالجديد كل يوم. لكن نظراً الى اختلاف طبيعة اجسام اغلب النساء العربيات عن نظيراتهن الاجنبيات خصوصاً عارضات الازياء، فكثير من الازياء لا يلائم طبيعة تكوين المرأة العربية الجسدي. ولذلك انتشرت عمليات التجميل في المجتمع العربي بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة. وكما في معظم القضايا المماثلة، فان الآراء حولها تعددت وتضاربت واختلفت. ولتقديم صورة موجزة عن الموقف من عمليات التجميل، كان ل"الحياة" جولة أفق مع الآراء الطبية والشرعية. الطب النفسي يؤكد الدكتو جورج رزق الطبيب النفسي بمستشفى كرومويل في لندن ان هناك اسباباً عدة تدفع المرأة لاجراء عمليات التجميل "فالانفتاح على الغرب والاعلام يعتبران من اهم العوامل التي جعلت فكرة عملية التجميل مقبولة في المجتمع العربي". فالافلام والمجلات بكل ما تحفل به من سيدات جميلات خصوصاً عارضات الازياء اللواتي يملن دائماً الى النحافة، تلعب دوراً اساسياً في الضغط على عدد كبير من السيدات. هذا بالاضافة الى ان المرأة العربية اصبحت اكثر تحرراً مما كانت عليه في السابق. ويرى الدكتور رزق ان عمليات التجميل اصبحت موضة بين النساء اللواتي يتنافسن فيها، وان وفرة المال لدى الكثير من النساء تساعدهن في القيام بهذا النوع من العمليات. اما في ما يتعلق بالجانب الطبي، فيرى الدكتور مازن فتياني، استشاري جراحة التجميل لدى "الاطباء الاستشاريون السعوديون" اسباباً مختلفة حول انتشار عمليات التجميل. يقول: "ان المرأة تلجأ لعمليات التجميل لتحسين صورتها لدى نفسها. وهناك نساء يلجأن للعمليات لارضاء ازواجهن، وان المرأة بطبيعتها تبحث عن الجمال والمرأة العربية لا تختلف كثيراً عن باقي المجتمعات في هذا الشأن". ويعتقد كثير من الناس ان المرأة غالباً ما تلجأ لعمليات التجميل للحصول على اعلى قدر من الجمال والكمال، وان معظم النساء اللواتي يقمن بهذه العمليات انما يفعلن ذلك ليس لعيب خلقي يزعجهن بل لخطأ جمالي يرغبن في اصلاحه. ويعتقد الدكتور فتياني بأن العيب الخلقي نسبي، لان هناك اختلافات كبيرة في البنية الطبيعية للناس، وما يقبله البعض على انه طبيعي يعتقد البعض الآخر بأنه عيب خلقي. ويضيف: "ان الوصول للكمال مستحيل، فالكمال لله وحده. ولو توقع الانسان الكمال لأصيب بخيبة امل، لكن المظهر الخارجي هو من عناصر القناعة الذاتية، والرضا عن النفس من عوامل الاستقرار النفسي للانسان". ومن المعروف ان شكل المرأة يتغيّر تدريجاً كلما تقدم بها العمر، وهذه ظاهرة طبيعية ومقبولة. لكن العديد من النساء يزداد وزنهن بشكل ملحوظ بعد الحمل والولادة، وغالباً من يترهل الجسد ويصاب بالتجعدات. وهذا المظهر لا يرضي الكثيرات من النساء في عصرنا الحديث، لذلك فإنهن يلجأن الى كل الطرق في محاولة لاعادة مظهرهن الى ما كان عليه ايام الشباب. وتجدر الاشارة الى ان عدم الرضا عن النفس يسبب الكثير من الامراض النفسية التي غالباً ما تؤدي الى امراض صحية خطيرة. ويؤكد الدكتور جورج رزق هذه الفكرة بالقول ان مرض "الانروتسيا" هو ابرز الامراض التي تصيب المرأة عندما تكون غير راضية عن نفسها. ويعرف هذا المرض "بتفادي الاكل بهاجس البحث عن النحافة. فتقتنع المرأة بأن قياسها اكبر بكثير مما هو عليه". وتفقد المرأة المصابة بالانروتسيا ما يزيد عن 20 في المئة من معدلها الطبيعي ما يؤدي الى كثير من المشاكل الصحية، اهمها انقطاع الدورة الشهرية. ويضيف الدكتور رزق ان من 10 الى 15 في المئة من السيدات المصابات بالمرض يمتن من مضاعفات تخسيس الوزن التي تؤثر سلباً في الصحة العامة وفي القلب تحديداً. رأي الشرع وللدين رأي آخر مغاير حول عمليات التجميل، فالفقهاء يرون ان عمليات التجميل مباحة اذا اقتضت الضرورة الطبية لها. وتؤكد سعاد صالح رئيسة قسم الفقه في جامعة الازهر لمراسل "الحياة" في القاهرة عطا عبدالعال "ان الاسلام يبيح عمليات التجميل في حالة التداوي او ازالة تشوه او ضرر بدني يعاني منه الانسان مثل ازالة اصبع زائدة او اعادة اصبع مبتورة، وهنا يمكن تطبيق القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار. ويؤكد البدراوي زهران، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة قناة السويس، ان عمليات التجميل ليست شيئاً مستحدثاً في العالم العربي، فقبل اربعة آلاف سنة كانت اول عملية تجميل في مصر القديمة بمدينة ممفيس، وعرفها بعد ذلك الرومان والهنود والصينيون… واصبح الناس اليوم مفتونين بها في العالم اجمع. ويذهب زهران الى ما ذهبت اليه سعاد صالح في ان الاسلام يبيح عمليات التجميل للضرورة الطبيعية كإزالة بعض السمنة الزائدة في الجسم. لكنه يستدرك قائلاً: "ان هناك كثيراً من النساء يخضعن لعمليات تجميل من اجل اثارة الفتن والغرائز الجنسية، كأن تعدّل من خصرها او تزيد من حجم ردفيها وثدييها، وتطيل مقدمة أنفها، وتقلل من حجم شفتيها، وتشدّ جلدة وجهها حتى تبدو اصغر سناً… وهذا ما ينطوي على الخداع والتدليس والاعتداء على الاعضاء والتغيير في خلق الله. فالله خلق الانسان في احسن تقويم، وكلم الله بني آدم عندما قال في محكم آياته هو الذي صوّركم فأحسن صوركم. وتغيير الانسان خلق الله في عضو من اعضائه يستوجب القصاص او الفدية ولعن الله الواصلة والمستوصلة والناشرة والمستنشرة ومغيّرات خلق الله". ورداً على سؤال "الحياة" حول حكم الدين في المرأة التي تقوم بعمليات التجميل لتبدو جميلة في عين زوجها يقول زهران: "لقد أمر الدين بأن تتزين لزوجها بشكل يحبب الزوج فيها. ان اجراء المرأة عمليات جراحية لثدييها او شفتيها او لغير ذلك من اعضاء جسدها التي يطلع عليها زوجها فقط يدخل في باب زينة المرأة لزوجها امتثالاً لقول الله تعالى: ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن". فالاسلام لا يحرّم على المرأة ان تتزين لزوجها حتى لو كان عن طريق اجراء عمليات التجميل، كما يؤكد زهران. ومهما اختلفت الآراء، فان عمليات التجميل تنتشر بصورة مستمرة في العديد من الدول العربية، كما صارت منتشرة في انحاء العالم. وطالما ان شاشات التلفزيون وصفحات المجلات الملونة تصنع لنا "مثالاً نموذجياً" للعارضات الجميلات، فان الكثيرات من النساء سيبحثن تحت مبضع الجراح عن صورة "شبه نموذجية" لهن… قدر المستطاع! تجارب شخصية } هنا آراء آنستين وسيدة عربيات أجرين عمليات جراحية للتجميل، وقد فضّلن عدم ذكر اسمائهن لاعتبارات... مفهومة تماماً. آنسة: 21 "قمت بعملية تجميل لتصغير صدري لأن حجمه كان كبيراً جداً. كانت العملية هي الوسيلة الوحيدة، فلا توجد رياضة او ادوية لتصغير الصدر. شعرت برضى كبير عن نفسي بعد العملية لأن صدري اصبح مناسباً لحجم جسمي بحيث لم أعد ملفتة لنظر كثير من الرجال كما كنت من قبل". آنسة: 22 سنة "كان جسمي نحيلاً وجميلاً لكن كان ردفاي الزائدان يضايقاني، فقررت ان اتخلص من الزيادة بعدما علمت انها لن تعود او تظهر من جديد. شعرت بسعادة بالغة بعد العملية لأني طالما حلمت بأن املك الجسم النموذجي مثل عارضات الازياء لأتمكن من ارتداء كل ما ارغب فيه". سيدة: 42 سنة "تخلّصت من دهون كثيرة كانت تشوه اجزاء متعددة في جسمي وقمت بشد بطني التي ترهلت واصيبت بالتجاعيد بعدما انجبت ثلاثة اطفال. وقررت ان اقوم بالعملية لاعجب نفسي حينما انظر في المرأة، وايضاً اريد ان اعجب زوجي وألبس كل ما هو جديد".