حافظت فرنسا على مركزها بوصفها المصدر الأول للإستثمارات في المغرب فهي تتقدم في هذا المجال على كل من إسبانيا و الولاياتالمتحدة وإيطاليا. وفي المغرب 520 فرعاً لشركات فرنسية، لكن ينبغي أن نضيف لها نحو 300 مؤسسة يملكها جزئياً أو كلياً فرنسيون يقيمون في المغرب من دون أن تربطهم صلات بمجموعات صناعية فرنسية. وأظهرت إحصاءات فرنسية حديثة أن هناك أكثر من خمسين شركة فرنسية في المغرب تشغل كل واحدة منها أكثر من 300 عامل، فعلى سبيل، المثال تشغل "طومسون" التي ينتج مصنعها في الدار البيضاء معدات الكترونية 2500 عامل وزاد العدد ب800 عامل بعد توسعة المصنع أخيراً، كذلك تشغل فروع مجموعة "لافارج" في المغرب أكثر من ألف عامل، وتستخدم شركة المقاولات "بويغ" 600 عامل، فيما يراوح عدد العاملين في المزارع التي يديرها مستثمرون فرنسيون بالإشتراك مع نظرائهم المغاربة بين 500 و1200 عامل. وأقامت 15 مجموعة صناعية، من ضمن المجموعات العشرين الأولى في فرنسا، فروعاً في المغرب وفي مقدمها "رينو" و"بيجو" و"سيتروان" و"أيروسباسيال" و""طومسون" و"المجموعة الكيماوية رون بولانك". وقدرت الإحصاءات حجم معاملات 60 شركة فرنسية في المغرب بأكثر من 60 مليون فرنك لكل واحدة منها. 50 مجموعة فرنسية وتشمل المؤسسات الفرنسية العاملة في المغرب جميع القطاعات من تصنيع الأدوية "روسال"، "روش فرانس"، "سانوفي"، "نيكولاس"... إلى تجميع السيارات او تحويل المنتوجات الزراعية. واختارت 50 مجموعة فرنسية في قطاع المنسوجات نقل مصانعها إلى المغرب وهي تصدر انتاجها من هناك إلى الأسواق الأوروبية بسبب كلفة الانتاج الرخيصة. وقدر العدد الإجمالي للعاملين في المؤسسات الفرنسية في المغرب أو فروع المجموعات الفرنسية في البلد بأكثر من 65 ألف عامل ومهندس. ويعتبر دخول المجموعات الفرنسية إلى القطاع الزراعي ظاهرة حديثة وهي تركز على تعليب البندورة والفراولة وبقول وفواكه محلية عدة لتصديرها إلى أوروبا. وساعد إنتشار هذه المصانع على تطوير المزروعات في البيوت المكيفة وإستخدام أنظمة الري الحديثة، وباتت المجموعات الفرنسية المتخصصة بتصنيع مواد غذائية تعتمد على المغرب بوصفه مصدراً أساسياً للمواد الأولية وفي مقدمها "دانون" و"كرسبو" و"مارتيني" و"إيبرتيك" ومجموعة "بل" لتصنيع الأجبان. وتحتل هذه الشركات موقعاً بارزاً في قطاعاتها إذ تسيطر "بل" مثلاً على 80 في المئة من سوق الأجبان في المغرب. وينطبق ذلك ايضاً على المؤسسات الصناعية الفرنسية أو المشتركة، ففي قطاع تصنيع المحركات الكهربائية تسيطر مجموعة "لوروا سومر" على 60 في المئة من السوق المحلية، عدا مجموعة "طومسون" التي تصدر انتاجها بالكامل إلى خارج المغرب. كذلك تستأثر مجموعة "شنايدر الكتريك" ب35 في المئة من المحولات المتوسطة و35 في المئة من سوق التجهيزات الكهربائية ذات الضغط المنخفض. وتؤمن المصانع الفرنسية أكثر من 50 في المئة من حاجة مؤسسات الاتصالات المغربية إلى الكوابل البحرية ومعدات الإتصال، فيما تستأثر فروع أربع مجموعات صيدلانية فرنسية ب70 في المئة من سوق الأدوية المحلية، وتستأثر كل من مجموعة "أكزو نوبل فرنسا" و"سادفال" ب70 في المئة من مواد الطلاء المستخدمة في قطاع الإنشاءات المحلي، وتتقاسم مجموعتا "سيكا" و"سوداب" لتصنيع المواد العازلة 70 في المئة من السوق المحلية في مجال البناء. وأظهرت الإحصاءات أن مجموعة "أتوشام" التي تصنع الأسمدة الكيماوية تأتي في المرتبة الثانية بعد "المكتب الشريفي للفوسفات" وتؤمن 35 في المئة من الانتاج المحلي. منافسة إيطالية وإسبانية وعلى رغم محافظة مجموعات فرنسية كثيرة على موقعها في السوق المغربية فإن المنافسة بدأت تشتد مع مجموعات إيطالية وإسبانية وكذلك مع مؤسسات مغربية ناشئة. ففي قطاع الإنشاءات والأشغال العامة شهدت الشركات الفرنسية تراجعاً مستمراً منذ أربعة أعوام عدا مجموعة "بويغ" التي فازت بصفقة لإنشاء عشرين ألف مسكن وهي المرحلة الأولى من مشروع يشمل إنشاء 200 ألف مسكن. ويتوزع الحضور الفرنسي في قطاع الخدمات على المصارف والنقل والتأمين والسياحة، إذ تساهم مصارف فرنسية في رأس مال خمسة مصارف محلية بما لا يقل عن عشرة في المئة من رأس المال وهي "بنك باريس الوطني" الذي يملك أكثرية الأسهم في "البنك المغربي للتجارة والصناعة" و"الكريدي ليونيه" الذي يملك أكثرية الأسهم في مصرف "كريدي ماروك"، إضافة إلى "سوسيته جنرال" ومصرفي "باريبا" و"أندوسويز" التي تملك مساهمات مهمة في مصارف محلية. وقدرت المساهمة الفرنسية في الجهاز المصرفي المغربي بنحو 35 في المئة. أما في قطاع التأمينات فتراجعت حصة المجموعات الفرنسية إلى 10 في المئة فقط إذ كانت مجموعة "جي. أيه. إن" تساهم في شركة "الوطنية" للتأمينات فيما تساهم "آ. جي. أف" في "المؤسسة الأفريقية للتأمينات"، إلا أنهما باعتا حصصهما لمجموعتين محليتين، ولم تبق سوى مجموعة "أكسا" محافظة على حصصها في فرعها المغربي "الأمان". بالمقابل تحافظ مجموعات سياحية فرنسية على مركز متقدم في البلد منذ الخمسينات "فنادي المتوسط" كلوب ماد أنشأ ثماني قرى سياحية في محافظات مختلفة منذ العام 1956 وتعتبر القرية التي أقامها في أغادير جنوب الأولى خارج فرنسا ابرزها. ويعتبر المغرب إلى جانب فرنسا والمكسيك ثالث بلد مهم بالنسبة لقرى "نادي المتوسط". وتأتي مجموعة "فَرَام" في المرتبة الثانية فهي تؤمن إجازات في المغرب لستين ألف سائح في السنة. وعززت مجموعة "أكور" موقعها في البلد بإنشاء صندوق إستثماري أخيراً رأس ماله 100 مليون دولار وهو متخصص بإقامة المشاريع السياحية وسينشئ عشر وحدات فندقية في الفترة المقبلة بعدما إشترى مجموعة فنادق محلية وعهد بإدارتها الى مجموعة "إيبيس"، إلى ذلك تدير "أكور" قصر المؤتمرات في مراكش وثلاث فنادق كبيرة في مدن مختلفة وهي تتهيأ لإنشاء مجمع جديد في وسط الدار البيضاء يتألف من فندق سعته 700 سرير خمس نجوم ومركز مؤتمرات. النقل والكهرباء وفي قطاع النقل إستأثر ناقلون فرنسيون ب50 في المئة من حجم النقل البري بين أوروبا والمغرب والذي يقدر بثلاثين ألف عملية نقل في السنة. أما في مجالي النقل الجوي والبحري فتقيم "الخطوط الملكية المغربية" و"المؤسسة المغربية للملاحة البحرية" علاقات شراكة خاصة مع الشركات الفرنسية لإستثمار خطوط النقل الجوي والبحري من أوروبا وإليها. وفي قطاع الماء والكهرباء فازت مجموعة "ليونيز ديزو" في العام قبل الماضي بأكبر صفقة لتوزيع الماء والكهرباء في الدار البيضاء حددت مدتها بثلاثين عاماً وهي من أضخم الصفقات التي فازت بها مؤسسات فرنسية في الأعوام الأخيرة. كذلك تساهم مجموعة "الكتريسيتي دي فرانس" في إنشاء محطة لتوليد الطاقة بالرياح في مدينة تطوان شمال ومحطة كهربائية ثانية في تهادارت. و تعتبر الشراكة بين المغرب والمستثمر الأجنبي الأول فرنسا قديمة إذ أن 40 في المئة من فروع المجموعات الفرنسية في المغرب يعود إنشاؤها إلى ما قبل العام 1960. إلا أن محللين إقتصاديين رأوا أن المجالات المتاحة للمؤسسات الفرنسية في المغرب تتراجع في شكل ملحوظ بسبب تزايد المنافسة الأوروبية والأميركية والكورية وربما يأتي يوم غير بعيد تتراجع فرنسا إلى المرتبة الثانية أو الثالثة على لائحة المستثمرين الأجانب في المغرب.