يتعرض مطار القاهرة الدولي حالياً الى حملة انتقادات بسبب مستوى الخدمات المتدني فيه وضيق مساحته. وزادت حدة الحملة مع فصل الصيف، الذي يشهد زيادة في أعداد الركاب القادمين من الدول العربية من المصريين العاملين فيها أو من السياح العرب والاجانب. لكن قرار "هيئة ميناء القاهرة الجوي" بإنشاء المبنى الثالث للركاب بنظام B.O.T في المطار كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ تم تجاهل الخبراء الذين نصحوا بعدم بنائه في هذا المكان، فضلا عن ارتفاع كلفة الانشاء التي ستتجاوز ثلاثة بلايين جنيه مصري على اقل تقدير عند نهاية التنفيذ في عام 2010. والسؤال المطروح حالياً هو: ما البديل؟ يذكر انه قبل نحو اربع سنوات قررت "هيئة ميناء القاهرة الجوي" تشييد مبنى ثالث للركاب تموله ذاتياً، وتم تقدير الكلفة في ذلك الوقت بنحو بليوني جنيه مصري. واسندت الهيئة والطيران المدني إجراء الدراسات الى شركة "ناكو" الهولندية مقابل 14 مليون جنيه مصري. وقوبل ذلك المشروع وقتها بالاعتراض ايضاً على اساس عدم معقولية إنفاق نحو بليوني جنيه من اموال الدولة على المشروع، وعدم اشتراك القطاع الخاص فيه، الا ان الهيئة مضت قدماً في مشروعها ودفعت للشركة الهولندية كلفة اجراء الدراسات اللازمة لإنشاء وتصميم المبنى. وتوقف المشروع عند هذا الحد، وفوجئ الجميع الاسبوع الماضي بهيئة ميناء القاهرة الجوي تعلن في الصحف طلب مستثمرين لإنشاء المبنى. واعلنت ايضاً الادارة العليا لمطار القاهرة انها ستلزم المستثمرين بالتصميمات التي اعدتها الشركة الهولندية. وفي حال رفض المستثمر الأخذ بتلك الدراسات فعليه ان يدفع لهيئة الطيران المدني الملايين التي انفقت عليها. وفي ضوء ذلك قال خبير اقتصادات النقل الجوي الدكتور محسن النجار ل "الحياة" إن البداية كانت قبل سنوات حين قررت الحكومة المصرية دراسة إقامة مطار جديد خارج القاهرة، وأجريت دراسات لإنشاء المطار على طريق مصر الاسكندرية الصحراوي، او على طريق الاسماعيلية الصحراوي، او طريق الفيوم ليكون بمثابة مطار المستقبل بعد الزحف العمراني المكثف الذي شهدته منطقة المطار الحالي. ويستطرد النجار قائلاً: انه على نقيض ذلك اتجهت ادارة "هيئة ميناء القاهرة الجوي" الى إنشاء مبنى ثالث في المطار الحالي ضاربة عرض الحائط بآراء الخبراء. يذكر ان مطار القاهرة الدولي استقبل العام الماضي سبعة ملايين راكب، وفي عام 1997 استقبل ثمانية ملايين راكب، اي ان حركة السفر تشهد انخفاضاً ملحوظاً، ما يبرر إنشاء محطة ثالثة لتحسين حركة النقل. واشار النجار الى ان مطار القاهرة الدولي اصبح غير آمن تماماً من حيث الطرق المؤدية اليه، بالاضافة الى الزحف العمراني عليه. وتساءل النجار عن مصير المبنيين الاول والثاني. وقال ان المستثمر الجديد لا يقبل على هذا المشروع الا اذا كانت لديه حرية التسويق والمنافسه، فهل ستعزف شركات الطيران الاجنبية عن المبنى رقم 2 لتذهب لاستخدام المبنى رقم 3، من اجل ان يتمتع ركابها بالخدمات الممتازة والتكنولوجيا الحديثة فيه؟ ام ان ادارة مطار القاهرة ستفرض توزيعاً معيناً للشركات على المباني، وهو ما يتعارض وحرية الاستثمار، ورغبة المستثمر في الحصول على العائد المناسب. وقال إن ايرادات "هيئة مطار القاهرة" ستتأثر سلباً بسبب اقامة المبنى الجديد، الذي سيجذب عدداً كبيراً من شركات الطيران وبالتالي سيؤثر على الدخل. ولفت ايضاً الى ارتفاع دخل العاملين في المبنى الجديد مقارنة مع العاملين في المبنيين الاخرين، وذلك لطبيعة العمل في القطاع الخاص، مشيراً الى ان هذا التفاوت سيؤدي الى نشوب الكثير من المشاكل. وطالب النجار بتحسين المرافق الحالية في مطار القاهرة وتطويرها وذلك بإجراء تعديلات على المباني القديمة حتى تستوعب اكبر حجم ممكن من الحركة. وأشار الى ضرورة إجراء دراسة جدوى لعمليات توسع وتعديلات على هذه المباني. وأوضح ان تطور النقل الجوي في مصر يتطلب تنسيقاً مستمراً من جميع القطاعات ليؤدي المطار مهامه بكفاءة عالية. ورفض مسؤولون في هيئة الطيران المدني التعليق على كل اسئلة "الحياة" الخاصة بانسحاب الهيئة من المشروع، ودراسات الجدوى التي اجريت في هذا الشأن، وسبب فرض هذه الدراسة على المستثمرين.